لاحظت الصحف الصادرة اليوم أن التصعيد السياسي والإعلامي اتخذ منحى خطراً ينذر بمضاعفات واسعة غداة الأزمة التي خلفها الفيديو المسرب لوزير الخارجية جبران باسيل، الذي وصف فيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بـ “البلطجي”، وما أعقبه من ردود فعل حادة، وذلك في ظل حركة اتصالات ناشطة لتطويق الأزمة، بعدما نجحت الجهود في ضبط الشارع.
الأزمة تحتاج إلى مبادرة حَكَم
وبدا لـ”الجمهورية” من المواقف وردّات الفعل على ما جرى ويجري أنّ الأزمة بين بعبدا وعين التينة وتالياً بين التيار الوطني الحر وحركة “أمل” ما تزال على غاربها إلى درجةٍ ذهبَ معها البعض إلى القول: “إشتدّي يا أزمة.. تنفجِري”، بدلاً من أن يكون اشتدادها إيذاناً بانفراجها، بدليل أنّ الشارع عاد إلى التحرّك رغم “الدعوات إلى التسامح”، ما دفعَ المراقبين إلى الحديث عن حاجة الوضع إلى مبادرة حَكَم تدفع الجميعَ إلى الهدوء ومعالجةِ ما حصَل لأنه يهدّد البلاد بأزمةٍ مستطيرة في حال استفحالها.
وقالت مصادر واسعة الاطّلاع لـ”الجمهورية”: “ليس المطلوب من القوى السياسية على اختلافها التضامن مع هذا الفريق أو ذاك، وإنّما المبادرة إلى الجمع بين المختلفين لحلّ الأزمة وتجنيبِ البلاد الفتنة”.
ورأت “اللواء” أنه “من الخطأ المكابرة وعدم الاعتراف بحقيقة الوضع السائد في البلاد، والذي اتخذ ابعاداً بالغة الخطورة، بعد “فيديو باسيل”، لافتة إلى أنه وعلى الرغم من بيان قصر بعبدا الذي رسم سقفاً للمعالجة من زاوية: الخطأ الذي بني على خطأ – الدعوة إلى التسامح، بدءاً من نفسه، حيث أعلن الرئيس ميشال عون “اني من موقعي الدستوري والابوي اسامح جميع الذين تعرضوا إليَّ وإلى عائلتي” والمسامحة تأتي بعد إساءة فإن تكتل الإصلاح والتغيير بعد اجتماعه برئاسة الوزير جبران باسيل بعد ظهر أمس، خيّب آمال الأوساط المراهنة على خطوة متقدمة من الوزير باسيل، حيث ابتعد عن الظهور الإعلامي، وترك المجال لأمين سر التكتل ليقرأ بياناً، خلط “السماوات بالأبوات” فاكتفى بقبول دعوة الرئيس عون للتسامح، والتذكير بأن باسيل اعرب عن اسفه صباح يوم تسريب “الفيديو” قبل ان يطلب أحد منه الاعتذار.
وأشارت “اللواء” إلى أن محطة الـ”NBN” سارعت إلى وصف باسيل بأقذع العبارات “اللئيم المتأصل في اللئم والكذب والممارس للرذيلة والطائفية يكابر ويرفض الاعتذار”.
واعتبرت “اللواء” أن استمرار حركة الاحتجاجات في الشارع وقطع الطرقات في بيروت ومناطق في الجنوب والبقاع، من قبل مناصري حركة “أمل” اعطى انطباعاً بأن الأزمة المستجدة بين الرئاستين الأولى والثانية، والتي تولدت عن تسريب فيديو صادم للوزير باسيل حمل كلاماً مسيئاً بحق الرئيس برّي، لم تجد حلاً، بعدما اصطدمت كل الوساطات والاتصالات بين بعبدا وعين التينة، بحائط مسدود، نتيجة رفض الوزير باسيل الاعتذار، واكتفائه بابداء الأسف على ما حصل من تسريب، رغم مناشدات القيادات السياسية له بالاقدام على هذه الخطوة، وكان آخرها من الرئيس تمام سلام الذي زار عين التينة أمس، متضامناً مع الرئيس برّي.
واستبعدت مصادر السراي الكبيرلـ”اللواء” حدوث حلحلة على صعيد الأزمة الراهنة بين الرئاستين الاولى والثانية، متوقعة ان يبقى التصعيد السياسي سيّد الموقف إلى الأسبوع المقبل، حيث يكون الرئيس الحريري قد عاد من تركيا، وخفت بعض الشيء التوتر القائم، بما في ذلك جلسة مجلس الوزراء التي لن تعقد الخميس.
وخلصت “اللواء” أنه “لا معالجات ولا حتى وساطات، فالبلاد امام أزمة وطنية مفتوحة، قد تُهدّد الحكومة وربما النشاط المجلسي، والاقتصادي، وعلى الرغم من ذلك فالوزير باسيل عازم غداً على التوجه إلى ساحل العاج لعقد مؤتمر الطاقة الاغترابية في افريقيا، الذي تقاطعه حركة أمل”.
البلد إلى شلل
وأشارت “الأخبار” إلى أن اللبنانيبن يحبسون أنفاسهم في انتظار ما ستؤول إليه المعركة المفتوحة بين برّي وباسيل. الأفق مغلق، وكل الأجواء تؤّكد أن البلاد تتجه نحو مرحلة شلل نيابي وحكومي، تضعها على حافة منزلق طائفي وسياسي خطير.
اعتبرت “الأخبار” أن “لبنان دخَل أسوأ أزماته منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً. أزمة اختلطت فيها الاعتبارات السياسية والشخصية والانتخابية، وتهدّد بشلّ البلد على كل المستويات، في غياب أي بوادر وساطة. والأخطر أن الاحتقان يكاد يهدّد بهزّ التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله الذي غالباً ما يُعوّل على وساطته في مثل هذه الظروف.
عون سعى إلى تطويق ذيول ما جرى
ولفتت “الجمهورية” إلى أن رئيس الجمهورية سعى بعد صمتٍ ليومين إلى تطويق ذيول ما جرى من موقعِه “الأبوي”، فاعتبَر “أنّ ما حدث البارحة على الصعيدين السياسي والأمني، أساء إلى الجميع وأدّى إلى تدنّي الخطاب السياسي إلى ما لا يليق باللبنانيين”.
وفي هذا السياق، قالت مصادر واسعة الاطّلاع لـ”الجمهورية” في معرض تفسيرها لهذا البيان الرئاسي إنّ عون الذي أمضى يومين يراقب التطوّرات التي تلت نشرَ الفيديو الذي تضمّن كلامَ الوزير جبران باسيل المسيء لبرّي، “شاء أن يطلقَ ما يُشبه النداء لاستيعاب الأحداث وامتصاصِ ردّات الفعل ومنعِ تفاقمِها ووقفِ أجواء الشحن والفوضى التي شهدها بعض المناطق”، مضيفة “ما قصَده رئيس الجمهورية هو وضعُ حدّ لكلّ ما يجري في الشارع في أسرع وقت ممكن، لإفساح المجال أمام المعالجات الهادئة عبر الأطر المؤسساتية والدستورية”.
وأوضحت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية، لـ”اللواء”ان الرئيس عون أراد من خلال البيان الذي أصدره استيعاب التطورات واعادتها إلى حجمها، كما إلى فتح الباب امام النقاش الهادئ بعيداً عن الشارع.
و لاحظت مصادر”اللواء” ان البيان لم يتحدث عن مبادرة ما، فإنها اشارت إلى مساع وبحث عن حلول عندما تهدأ الأمور، ودعت كل الأطراف إلى تهدئة الخطاب السياسي الذي تدنى إلى ما لا يليق باللبنانيين، مشددة على ان كل شيء له حل إذا كانت هناك رغبة حقيقية بالحل.
و”أمل” ترد: البيان لم ينه الأزمة
في تقدير مصادر سياسية في قيادة حركة “أمل” لـ”اللواء” أن البيان الذي صدر أمس عن رئاسة الجمهورية لم ينه الأزمة بين الرئيس برّي و”التيار الوطني الحر”، ولم يكن هو الحل المرتجى أو المطلوب من الرئيس ميشال عون، لأن البيان لم يطرح مبادرة، من نوع حض الوزير باسيل على الاعتذار من برّي، أو دعوة رئيس المجلس لجلسة مصارحة ومصالحة في بعبدا، واكتفى فقط بالدعوة إلى ان “يتسامح الذين اساؤوا إلى بعضهم البعض، وان كان ألمح إلى خطأ ما ارتكبه باسيل من إساءة بحق الرئيس برّي، عندما اعتبر ان «ما حصل على الأرض خطأ كبير بني على خطأ”، داعياً القيادات السياسية إلى “الارتقاء إلى مستوى المسؤولية لمواجهة التحديات الكثيرة التي تحيط بنا، وعدم التفريط بما تحقق من إنجازات على مستوى الوطن خلال السنة الماضية”.
برّي: يريدون نسف “الطائف”
كذلك، لفتت “الجمهورية” إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري ظلّ ملتزماً الصمتَ حيال الأحداث الأخيرة والمتسارعة، ورَفض أمام زوّاره أمس التعليقَ على بيانَي عون وتكتّل “التغيير والإصلاح” مكتفياً بالقول: “لا تعليق”، أضاف في توصيفه لما يَجري: “إنّ أخطر ما يحصل أنّ هناك من لم يغادر مرحلة ما قبل “الطائف”، يُراد فعلاً نسفُ “الطائف” والدستور وخلقُ أعراف جديدة، ولا يتوقعنّ أحد أنّني أنا نبيه بري قد أقبل بذلك أو بتثبيت هذه القواعد والأعراف المخالفة للدستور، أنا أحافظ على مصلحة البلد، كلِّ البلد، وليس على مصلحتي الشخصية”.
وأشارت “اللواء” إلى أن مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، بقي أمس ولليوم الثاني على التوالي محور حركة اتصالات ولقاءات تضامنية أطلقت جملة مواقف ادانت ما تعرضه له رئيس المجلس من جرّاء الشريط المسرب، ولاحظت “اللواء” ان برّي تجنّب خلال لقائه السلك القنصلي الحديث عن الأزمة مع باسيل، وأكّد على أهمية الاستحقاق الانتخابي المرتقب، قائلاً: “انه ليس خائفاً على الانتخابات، ولن يسمح بشيء يُهدّد الاستقرار ووحدة لبنان واللبنانيين”.
ولفتت “اللواء”إلى أنه ليلاً، نسبت قناة “المنار” الناطقة بلسان حزب الله كلاماً للرئيس برّي قال فيه: طلبت اعتذاراً من اللبنانيين وليس لي، مضيفاً: تفاجأت بكلام الوزير باسيل لأنه وزير خارجيتنا وليس رجل زقاق، واصفاً بيان حزب الله: “أحسن من بيان الحركة، البيان ممتاز”.
وإلى ذلك، نقلت مصادر رئيس المجلس عنه لـ”الأخبار” وصفه بيان حزب الله بـ”الممتاز… ويجب الالتزام بسقفه وضوابطه”، مؤكدة أن “التنسيق بين حركة أمل وحزب الله “كبير جداً حول كل التفاصيل”، و”موقف الحزب هو أرض صلبة يقف عليها رئيس المجلس”. ورأت أن برّي “ليس رئيساً لحركة أمل، بل رئيس لمجلس النواب. والإهانة التي تعرّض لها هي إهانة لكل النواب الذين يُمثلون الشعب اللبناني. لذا أقل الواجب هو الاعتذار من اللبنانيين”.
وأكدت مصادر “الأخبار” أن “الخيارات مفتوحة أمامنا”، لافتة إلى أن أن بري “أعطى توجيهات بعدم القيام بأي أعمال شغب وعدم التعرض لأي منطقة مسيحية”.
لا وسطاء حتى الآن
وعلمت “الجمهورية” من مصادر موثوقة أن لا وسطاء حتى الآن على خط معالجة الأزمة، ولم يتبرّع أيّ طرف بعد بتقديم نفسِه وسيطاً حتى من أقرب حلفاء الطرفين، لأنّ المسألة كما تبدو عميقة جداً وأصعبُ من أن تُحلَّ بسهولة، نظراً لعمقِ التباعد بين منطقَي عون وبرّي.
ولاحظت”الجمهورية” أنّ البيان الصادر عن رئاسة الجمهورية وبيان تكتّل “الإصلاح والتغيير” “لم يجدا صدىً إيجابياً عند بري وكذلك عند “حزب الله” الذي كان يأمل بـ”موقفٍ يجمع”.
وفي هذا السياق، سألت “الجمهورية” معنيّين في “الحزب” حول هذين البيانين فلم يوحوا برضى بل آثروا عدم الجواب “لأنّ الوضع حسّاس”.
وقالت مصادر مواكِبة للأزمة لـ”الجمهورية”: «إنّ إمكانية الحَلحلة يمكن أن تتعزّز بمحاولة للتوصّل إلى عقدِ لقاء بين عون وبري، لكنّ العقدة هنا كيف سيتمّ جمعُهما؟ ومَن هي الجهة الضامنة لهذا اللقاء أو التي يمكن أن تنجح في إقناع الطرفين بالجلوس معاً؟ علماً أنّ هناك مناسبة عيد مار مارون في 9 شباط وقد تُشكّل محطة لقاء بين عون وبري الذي استغرَب ما سُرِّب عن أنّه لن يشارك في هذه المناسبة.
وإلى ذلك، طُرحت إمكانية مبادرة الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله في هذا المجال. إلّا أنّ أوساط الحزب استغرَبت هذا الطرح وأكّدت لـ”الجمهورية” أن “لا شيء من هذا وارداً”.
وحول ما إذا كانت الأيام المقبلة ستشهد كلمةً للسيّد نصرالله يتناول فيها الوضعَ ويُشخّص الأزمة ويطرح حلولاً لها، لم تؤكّد مصادر “الجمهورية”هذا الاحتمال. إلّا أنّها لم تستبعد أن يتناول نصرالله هذه الأزمة في خطابه الذي سيلقيه في الاحتفال بذكرى القادة الشهداء في 16 شباط، أي بعد يومين من ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والتي يُنتظر أن تشهد كلمةً لرئيس الحكومة سعد الحريري.
“التيار” ممتعض من “حزب الله”!
وعلمت “الأخبار” أن وقوف الحزب، في بيانه أول من أمس، إلى جانب برّي في الحرب المندلعة بينه وبين باسيل، أثارت أجواء امتعاض داخل قيادة التيار على الرغم تأكيد قناة “أو تي في” البرتقالية، التي شنّت هجوماً نارياً على بري في نشرتها المسائية أمس، “أننا سنظل مع المقاومة، ومع جماعة المقاومة، ومع بيئة المقاومة، وسنظل نرى في تفاهم مار مخايل حمايةً للبنان بوجه العدو الصهيوني والداعشي”،
ونفت مصادر بارزة في التيار الوطني الحر لـ”الأخبار” وجود أي اتصالات مع حزب الله. أكثر من ذلك، قالت المصادر نفسها: “هم (الحزب) حدّدوا خياراتهم، وبالتالي لا داعي للاتصالات”، وسألت: “هل هناك من يريد أن يحقّق للسعودية ما لم تحقّقه باحتجاز رئيس الحكومة”، مضيفة “أعرب جبران باسيل عن الأسف، وأصدر رئيس الجمهورية ميشال عون بياناً أمس. فما الذي يريدونه بعد؟ بالنسبة الينا الموضوع انتهى”.
باسيل مصرّ على التوجّه إلى أبيدجان
وعلمت “الأخبار” أن باسيل مصرّ على التوجّه إلى أبيدجان للمشاركة في مؤتمر الطاقة الاغترابية الذي تنظمه وزارة الخارجية والمغتربين في الثاني والثالث من شباط المقبل، وأن طلباً قُدّم الى السلطات العاجية لتشديد الإجراءات حول مكان انعقاده.
وكالات
from أخبار رئيسية – wakalanews.com http://ift.tt/2DTr4xF
via IFTTT
0 comments: