

ماجد كيالي
خلال الشهرين الماضيين، فقط، ارتكب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عديد من الأخطاء دون أن يحاسبه أحد، أو دون أن تقف جهة ما لمجرد مساءلته…
اعتدنا طويلاً على مقولة أن “قوة لبنان من ضعفه”، على رغم ما فيها من مفارقة، وتورية، لكن تلك المقولة باتت تنطبق على حال كيان السلطة الفلسطينية، فهي فعلاً تستمد قوتها من ضعفها. فهي مجرد سلطة ذاتية، على الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة فقط، ولا سلطة لها على الأرض، أو الموارد، أو المعابر، أو الأجواء، إلا وفقاً لما تسمح به إسرائيل، فهي سلطة ركّبت، من الأساس، لتكون تحت سلطة الاحتلال.
السلطة الفلسطينية، أيضاً، تعتمد في مواردها على الخارج (الدول المانحة)، وعلى عوائد “المقاصة” التي تجبيها إسرائيل من عوائد السلع الآتية إلى الضفة والقطاع، فتعطيها للسطة أو تمنعها عنها وقت تشاء، وبحسب الظروف.
أيضاً، تلك السلطة لا تتمتع بمشروعية شعبية أو تمثيلية انتخابية، فقد مضى على انتهاء شرعيتها 11 عاماً، وهذا ينطبق على سلطتي الضفة وغزة (فتح وحماس)، فكل واحدة منهما تدير المنطقة التي تسيطر عليها بطريقة أحادية، وإقصائية، سواء في ما يتعلق بالفصائل الأخرى، أو في ما يخص علاقتها بمجتمعها، بل إن كل واحدة منهما تبذل جهدها لإضعاف المجتمع المدني أو تهميشه.
القيادة الفلسطينية قوية إزاء شعبها، وما يؤكد ذلك هو تجرؤها على مواجهة المظاهرات بالهراوات وبالاعتقالات، وبمصادرة حرية الرأي، على رغم أن ذلك يجري تحت ظل السلطة الإسرائيلية.
بيد أن تلك السلطة الضعيفة، في واقع الأمر، قوية جداً إزاء شعبها، على رغم كل ما تقدم، فإذا استعرنا مقولة الثورة الأميركية في القرن الثامن عشر أن “لا ضرائب من دون تمثيل”، فإن السلطة لا تلوي على شيء، فواقع حالها (أي السلطتين) يقول أو يفرض “ضرائب من دون تمثيل”، أي بواسطة القوة والهيمنة، بل إن تلك السلطة تعطي نفسها الحق في مصادرة الرأي، والتنكيل بالمتظاهرين، والاعتقال، بل والتعذيب، كما حدث مراراً وتكراراً (في الضفة وغزة)، إلى الدرجة التي لم يعد بالإمكان تمييزها عن أي نظام عربي أخر، كأن الفلسطينيين لم يكن يكفيهم أن إسرائيل، والأنظمة، تقيد حريتهم، وتعتقل فيهم، وتمرمط عيشهم وكرامتهم!
هكذا، وخلال الشهرين الماضيين، فقط، ارتكب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عديد من الأخطاء دون أن يحاسبه أحد، أو دون أن تقف جهة ما لمجرد مساءلته، لا اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ولا الحكومة، ولا المجلس الوطني ولا المجلس التشريعي، إذ لا توجد إطارات لا للنقاش، ولا للمساءلة ولا للمحاسبة، لا سيما أنه يجمع بين يديه كل السلطات، التنفيذية والتشريعية والقضائية، فهو رئيس المنظمة والسلطة وحركة “فتح”. هكذا قام، أولاً، بإلغاء العملية الانتخابية. ثانياً، أطاح بمباحثات الوحدة أو إنهاء الانقسام، التي كانت تُجرى مع الحركة أو السلطة الثانية، المنافسة، في غزة، والتي استهلكت العام الماضي بكامله. ثالثاً، خذلانه هبة القدس إذ لم يكن موقفه على قدر تلك الهبة الشعبية المجيدة، التي امتدت من النهر إلى البحر. رابعاً، أتت عملية قتل شخص تحت التعذيب من قبل أجهزة أمن السلطة من دون أن يتحدث شيئاً. خامساً، حصلت صفقة لقاح “كورونا” التي تبينت عن فضيحة، لتضاف إلى جملة الحوادث التي باتت توصم عهده، المشوب بالفساد والمحسوبية.
بيد أن كل تلك المسائل، على أهميتها، مجرد تحصيل حاصل، لأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يدير لوحده الكيانات الثلاث (المنظمة والسلطة وفتح)، ولا توجد هيئة محترمة، أو قائمة بذاتها، يمكن أن تخالف سطوته، ما يؤكد أن الرئيس أقوى من الكيانات الفلسطينية مجتمعة!
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع.
The post النظام السياسي الفلسطيني أقوى من شعبه! appeared first on وكالة نيوز.
from وكالة نيوز https://ift.tt/3B6bbxP
via IFTTT
0 comments: