
دوللي بشعلاني-الديار
تسود الأجواء الإيجابية، منذ تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة، لأنّ عودته الى السراي تأتي وفق تسوية ما، لم تُكشف جميع أوراقها بعد غير أنّها ستتظهّر قريباً في شكل ومضمون الحكومة التي هي في طور التأليف. وقد بشّر نائب رئيس مجلس النوّاب النائب إيلي الفرزلي اللبنانيين بأنّهم «على موعد مع الخلاص، وكلّ أصوات النعي ستُصاب بهزيمة نكراء»، مؤكّداً على أنّ «ولادة الحكومة ستكون قريبة».
مصدر سياسي مطّلع يقول بأنّ تحديد الرئيس المكلّف عمر الحكومة بستة أشهر ليس أكثر، كونها «حكومة مهمّة» عليها القيام بتطبيق الإصلاحات الإقتصادية والمالية والإدارية وفقاً للمبادرة الفرنسية،والعمل على إعادة إعمار ما دُمّر بفعل انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الفائت، فيه شيء من المبالغة. فخلال هذه الفترة قد لا تتمكّن الحكومة من إيجاد الحلول المناسبة لجميع الأزمات التي يتخبّط بها البلد.. فالحكومة الجديدة ستُعنى بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي والحصول على أموال «سيدر» ووضع آلية لإدارتها ومشاريع إستثمارية لصرفها عليها بهدف إنقاذ البلاد من أزماته المختلفة، وهذا الأمر يتطلّب مواكبة الحكومة لكلّ هذه الأمور، ووقتاً طويلاً لإنجازها، وإلاّ لكانت تمكّنت حكومة الرئيس حسّان دياب من حلّ جميع الأزمات منذ تكليفها وحتى استقالتها.
غير أنّ إعلان الحريري أنّ الحكومة التي سيُشكّلها سيكون عمرها قصيراً، فيأتي، بحسب المصدر، بهدف طمأنة المكوّنات السياسية، بأنّها لن تستمر حتى نهاية العهد، وتشجيعها على التعاون معه وتسهيل مهمته وعدم وضع العراقيل أمامها. علماً بأنّ تشكيل الحكومة الجديدة في وقت سريع سيكون له انعكاسات إيجابية على الوضع الإقتصادي المتردّي، وخير دليل تدنّي سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء نحو ثلاثة آلاف ليرة لبنانية مباشرة ما بعد التكليف.
ولهذا فإنّ تشكيل حكومة لفترة محدّدة، وليس حكومة حتى نهاية العهد، من شأنه، على ما يؤكّد المصدر، أن تُبصر الحكومة النور في أسرع وقت ممكن، لتقوم بما هو مطلوب منها. وهذا الأمر يتطلّب القفز فوق الخلافات المتمثّلة بنوع الحكومة وعدد الوزراء وتوزيع الحقائب ومبدأ المداورة والمحاصصة وما الى ذلك، وإلاّ فإنّ الأمر سيؤدّي حتماً الى اعتذار الحريري عن تشكيلها. ولا يبدو أنّ هناك مصلحة من قبل أي مكوّن سياسي اليوم لعرقلة مهمّة الحريري بالتأليف، بل على العكس تسهيلها لتشكيل الحكومة سريعاً والإنطلاق فوراً ببرنامجها الإصلاحي.
وبرأي المصدر، إنّ التسوية ستؤدّي حتماً الى تسمية المكوّنات السياسية وزرائها في الحكومة الجديدة من الإختصاصيين المستقلّين، من غير الحزبيين ولكن من «المقرّبين من الأحزاب والممثّلين للطوائف»، خصوصاً وأنّ المجلس النيابي المؤلّف من الأحزاب السياسية نفسها هو الذي سيُعطي الثقة للحكومة. ويتوقّع أن تحصل الحكومة المنتظرة على ثقة أكبر من تلك التي نالها الحريري خلال استشارات التكليف (65 صوتاً)..
من هنا، فإنّ التفاهم على أسماء الوزراء غير الحزبيين لا بدّ وأن يحصل حتماً بين الحريري والكتل النيابية التي تودّ المشاركة في الحكومة، وإلاّ فإنّ تشكيل الحكومة سيتأجّل، وهذا الأمر لا يصبّ في مصلحة لبنان. ويعتبر المصدر نفسه أنّ ترحيل تشكيل الحكومة الى ما بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية لا جدوى منه، والوضع الداخلي لا يحتمل المزيد من هدر الوقت.
وإذ يقول المتابعون بأنّه لدى الحريري تصوّراً جاهزاً لحكومته يحتاج الى بعض التعديل، يؤكّد المصدر أنّ هذا التصوّر لا يشمل أسماء الوزراء التي لا بدّ وأن تسمّيها الكتل النيابية من الإختصاصيين غير الحزبيين، فضلاً عن التوافق على عدد الوزراء أكان 14 وزيراً أو 20 أو 24. وفيما يتعلّق بمسألة المداورة غير الواردة في الدستور، في ظلّ تمسّك بعض الأحزاب بوزارات سيادية معيّنة ورفض هذا المبدأ، رأى بأنّه لا مانع من حصولها في حال جرى التوافق على تبادل الحقائب بين الأحزاب التي تتمسّك بالوزارات السيادية.
وانطلاقاً من أنّه لا بدّ من تأليف حكومة لا تُعارض المجلس النيابي الحالي، فكلّ شيء سيتمّ التفاهم عليه، بعيداً عن حسابات من سيتنازل لمن، لأنّ الأهمّ حالياً مصلحة البلد وضرورة إنقاذه من خلال تحقيق الإصلاحات المطلوبة سريعاً. ولعلّ الأهمّ من التوافق على شكل الحكومة وأسماء وزرائها مع رئيس الجمهورية ميشال عون وسائر القوى السياسية، على ما لفت المصدر، هو التوافق منذ الآن على برنامجها الإصلاحي الذي لا بدّ وأن يبدأ بتنفيذه مباشرة دون اي إضاعة للوقت.
وفي الواقع، فإنّ تمسّك الحريري بحكومة إختصاصيين من غير الحزبيين وعدم السماح بالتالي للأحزاب أو الكتل النيابيةبتسمية وزرائها أو اختيار الحقائب التي تريد، وإصرار الكتل على موقفها نفسه برفض المداورة وتسمية وزرائها، من شأنه عرقلة مهمّة الحريري. لهذا سيتمّ التقريب في وجهات النظر بين الحريري والكتل توصّلاً الى صيغة جديدة للحكومة، وعدم تكرار تجربة الرئيس دياب التي أدّت الى الفشل كونها لم تتمكّن من إيجاد أي حلّ لأي من الأزمات في البلد.
وذكّر المصدر بأنّ الحريري كان قد طرح ورقة عمل إقتصادية في تشرين الأول الماضي قبل تقديم استقالته تضمّنت 24 بنداً للخروج من أزمة الإحتجاجات في الشارع، واعداً بإنجازها سريعاً. هذه الورقة يُمكن إعادة النظر فيها، بما يتناسب مع المبادرة الفرنسية، على أن تبدأ مهمّة الإصلاح بالتدقيق الجنائي التي هي بند أساسي فيها.. وصولاً الى تصحيح الخلل المالي والنقدي الحاصل، ووضع المصارف يدها على أموال المودعين، والشروع في إصلاح قطاع الكهرباء، وإقرار مناقصات محطات الغاز واستكمال عملية التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة الإقتصادية الخالصة بعد ترسيم الحدود البحريّة والبريّة مع العدو الإسرائيلي وما الى ذلك..
from وكالة نيوز https://ift.tt/3dZHYcQ
via IFTTT
0 comments: