Sunday, September 13, 2020

المصالح الروسية في سوريا


منذ بدء الازمة السورية قبل عدة اعوام ، ظل بوتين داعماً للرئيس الأسد على نحو مطلق، على الرغم من التصريحات التي تفيد عكس ذلك. فقد زود الأسد بالأسلحة، ووفر له الحصانة في مجلس الأمن الدولي، ووافق على استيعاب النفط الخام السوري مقابل منتجات النفط المكرر لدعم اقتصاد البلاد وجيشها، وقدم القروض لتفادي إفلاس سوريا.

وكان الرئيس الروسي دميتري ميديديف قد حذر الرئيس بشار الأسد، عندما نصحه بالحوار مع المعارضة السورية، خوفاً من أن يكون مصيره “محزناً”. ولكن روسيا وقفت حتى الآن ضد عقوبات دولية بحق سوريا، مستخدمة بذلك حق النقض “فيتو” في مجلس الأمن، كما جرى في تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، حيث عارضت موسكو قراراً يدين النظام السوري خوفاً من أن يؤدي أي قرار يدين سوريا في مجلس الأمن إلى تدخل عسكري في سوريا كما كان عليه الحال في ليبيا

أما على الصعيد العسكري فلا تزال دمشق من أهم المشترين للمعدات الحربية والأسلحة الروسية في الشرق الأوسط، لكن المحلل السياسي الروسي والخبير في المجال العسكري ألكساندر غولتس، يرى أن صفقات الأسلحة هذه لم تعد تلعب دوراً هاماً، وإن هذا التعاون في المجال العسكري ينحصر حالياً في صيانة أسلحة ومعدات إشترتها سوريا من الإتحاد السوفييتي في الماضي. ويضيف غولتس أن ذروة التعاون العسكري بين البلدين كانت في سبعينات القرن الماضي، حيث كانت هذه الصفقات مربحة بالنسبة لدمشق. آنذاك؛ أي إبان الحرب الباردة، كان الإتحاد السوفييتي يبيع بنادق الكالاشنيكوف لحلفائه بأسعار زهيدة، فحصلت سوريا أيضاً على أسلحة بثمن زهيد. وحتى في عام 2005 أسقطت روسيا ديونا عن سوريا بقيمة حوالي عشرة مليارات دولار، وهي ديون من صفقات أسلحة اشترتها سوريا من الإتحاد السوفييتي، من بينها دبابات عسكرية سوفييتية من طراز ت 72 إشترتها دمشق في عهد الرئيس السوفيتي ليونيد بريجنيف وتستخدمها حالياً في قمع الاحتجاجات الشعبية.

اما على الصعيد الثقافي اعتبرت موسكو سوريا بأنها أقرب حلفائها في العالم العربي لفترة دامت أكثر من أربعين عاماً. وخلال الحرب الباردة انتقل الكثير من الروس إلى سوريا، وفي المقابل درست الكثير من النخب السورية في كبريات المؤسسات التعليمية الروسية مثل “جامعة موسكو الحكومية” و”جامعة الصداقة بين الشعوب”. ومن جانبها، سعت القيادة السوفيتية إلى اجتذاب الطلاب المتفوقين من الدول الحليفة الذين يمكن الاعتماد عليهم في وقت لاحق. ونظراً لأن سوريا تتمتع بأهمية كبيرة بالنسبة للمكانة السوفياتية في الشرق الأوسط، فقد تمت الإشارة إلى السوريين في البث الإذاعي العام والبيانات كـ “حلفاء” و “أصدقاء” [للشعب السوفياتي]

وبالنسبة للمصالح التجارية : إن سقوط الزعيم الليبي معمر القذافي قد ساهم أيضاً في عناد بوتين حول سوريا. ووفقاً لمصادر روسية مثل وكالة “ريا نوفوستي” وموقع “Utro.ru”، خسر الكرملين نحو 4 مليارات دولار بصورة عقود أسلحة عندما سقط النظام الليبي، وأنه يريد تجنب تكرار ذلك في سوريا.
لقد كانت سوريا دولة مستهلكة للأسلحة الروسية لفترة طويلة، وما حصل بعد مجئ الرئيس الأسد وبوتين إلى السلطة في عام 2000 هو ازدياد تجارة الأسلحة بين البلدين بصورة مكثفة. ووفقاً لـ “معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام”، شكلت روسيا 78 في المائة من مشتريات سوريا من الأسلحة بين عامي 2007 و 2012. كما وصلت مبيعات الأسلحة الروسية إلى سوريا بين عامي 2007 و 2010 إلى 4.7 مليار دولار ، أي أكثر من ضعف الرقم المسجل في السنوات الأربع التي سبقتها، وفقاً لـ “خدمة أبحاث الكونغرس” الأمريكي. وعلى نطاق أوسع، تعتبر روسيا الآن ثاني أكبر دولة مصدرة للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة.
ووفقاً لصحيفة “موسكو تايمز”، فإنه فضلاً عن الأسلحة، استثمرت الشركات الروسية ما مجموعه 20 مليار دولار في سوريا منذ عام 2009. وإذا فقد الأسد السلطة، فسيتم إلغاء هذه العقود.
كما أن القروض الروسية الكبيرة المقدمة للرئيس للأسد معرضة للخطر. فوفقاً لقوائم السفر التي حصلت عليها ” پرو پبليكا”، أرسلت موسكو إلى النظام السوري عن طريق الجو أكثر من مائتي طن من “الأوراق النقدية” في صيف 2011، أي خلال الفترات التي تصاعد خلالها القتال. وقد تكون مثل تلك الشحنات السبب الوحيد الذي تمكن فيه الأسد من تجنب الإفلاس والاستمرار في دفع [الرواتب] إلى قواته مع تضاؤل الاحتياطيات الأجنبية في البلاد.
كما اعتبر بوتين توسيع القدرة البحرية الروسية ركيزة أساسية في فترة ولايته الرئاسية الثالثة. وخلال تدشين فئة الغواصات الروسية الجديدة الأولى منذ عام 1991، التي جرت في 10 كانون الثاني/يناير، قال بوتين: “أود أن أؤكد مجدداً أن تطوير قوة بحرية قوية فعالة هو واحد من أولويات روسيا الرئيسية”. وهكذا فإن سقوط الأسد يعني خسارة روسيا لقاعدتها العسكرية الوحيدة خارج الاتحاد السوفياتي السابق — أي مركز التموين البحري في ميناء طرطوس السوري.
وفي الأسبوع نفسه الذي وردت فيه تعليقات بوتين، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن قيام تمارين بحرية مقبلة في البحر الأبيض المتوسط، والتي وصفها مسؤولون بأنها “الأكبر في تاريخ روسيا”. ولم تعطي موسكو مؤشرات بأن التمارين ترتبط بالصراع السوري، ولكن ينبغي على المحللين الغربيين أن يفسروا توقيتها كإشارة إلى أن روسيا لا تنوي التراجع عن دعمها للنظام.
وبالنسبة لموقع سوريا الاستراتيجي تمثل سوريا موطئ القدم الأكثر أهمية في المنطقة بالنسبة لروسيا، كما أنها تعتبر ذات أهمية رئيسية في حسابات بوتين. فموقع سوريا — المطل على البحر الأبيض المتوسط وإسرائيل ولبنان وتركيا والأردن والعراق — يجعلها ذات أهمية كبرى من أن يُسمح بخسارتها.
ولكن ما الذي سيحدث لو فقد الرئيس الأسد السلطة؟ في 13 كانون الأول/ديسمبر اعترف نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف للمرة الأولى بهذه الاحتمالية علناً حيث قال: “للأسف، لا يمكن استبعاد انتصار المعارضة “. لكن سرعان ما تراجع الكريملين عن موقفه مدعياً أن بوغدانوف كان يعبر فقط عن وجهة نظر المعارضة السورية. إن هذا التراجع إنما يعزز الدعم الروسي للرئيس للأسد على الرغم من كل الضغوطات الدولية

ملك الموسوي



from وكالة نيوز https://ift.tt/32pyTWA
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل