Saturday, September 19, 2020

كلفَة جلسَة وقوفاً بينَ محمَّد وإيمانويل

“ليبانون ديبايت” – روني ألفا

فرنسا تنتفِضُ وتدقُّ رأسَهَا برأسِ أزمَتِنا المستَفحِلَة. مسألَةُ كَرامَة دَولَةٍ عُظمَى. أقصَى ما حقّقته التريّثَ وسطَ الألغام. العَمّ سام مغتاظٌ مِن ماكرون غالِب الظن لكن فشّة خِلق التّطبيع تخفّف مِن غيظِه. العرَبُ عَلى طَريق ” أمرَك نتنياهو ” فيما أجهِزَة الإستخبارات الأميركيَّة تتسلّى عبرَ الحَواسيب بمعاقبَة كلّ مِن يُصافِح حزب الله. لا شيء أفضَل مِن ذلك لِتَدجين لبنان.

سادَ الظنّ خلال زيارَتَي ماكرون إلى بيروت أنَّ التنسيق عَلى قَدَمٍ وساق مَع الأميركي. الأرجَح أن الإستنتاجَ كانَ متسرِّعاً. فرنسا تريد ” توتال ” وقطع الطريق على إنتِصار مَرحَلي للأتراك في ليبيا. المسألَة مسألة مَن يبلَع الحَوض الشرقي لبَحر الأبيض المتوسِّط.

 

الغَريب جهل الفرنسيين بلبنان. لَهم باع طَويلَة فرنكوفونيّاً وباع قَصيرَة سياسيّاً. كانَ إهتِمامهم بالسينما ومَعارض الكِتاب الفرنسي أكبَر مِن متابَعتِهم لهشاشَة ودقَّة نِظامِنا السياسي. الأميركيَّون مِن ناحيَة الرّصد أكثَر دِقَّة.

الطامَة الكبرَى ليسَت في هذا المِفصَل رغم أهميَّتِه. العلاقَة مَع حزب الله تستفزّ الولايات المتّحِدَة. حتّى جلسَة عَلَى الواقِف مَع رئيس كتلَة الوَفاء للمقاوَمَة لَم تَرُق لأميركا. جلسَة على الواقِف يمكن أن تتحوَّل جلوساً فَتنسيقاً فَحِواراً فتسوِيَة. إذا كانَ لا بدّ مِن تَسويَة فالأميركي يريدَ أن يَكونَ وَكيلَها الحَصري.
مِن نتائِج الجلسَة على الواقِف تفهّم فرنسا للغبن الذي لَحِقَ بالشيعَة. قوة ديموغرافيَّة وسياسية وبيئَة مقاوِمَة مكتَمِلَة ومنظّمَة لا يمكِن أن تَعيش على هامِش الحَياة السياسيَّة في لبنان خصوصاً في ظلّ ضَغط غير مَسبوق يهدف إلى اجِتِثاثِها مِن جذورِها كَرمَى لعيون إسرائيل.

الإحتِضان الفرنسي يُخرِج الأميركي عَن طَورِه. يفتّش عَن شَرِكَة هندسيَة ليعاقِبها. عقوبات باتَ مِن الواضِح أنَّها تهدف إلى ضرب أشخاص ومؤسسات. هي حَرب كامِلَة الأوصاف على المقاوَمَة. وسطَ هذه الحَرب وبَدَل أن يقِف كل اللبنانيين مَع القَمح البَلدي يهلل البَعض للزوان الأجنبي.

بإختِصار. مبادرَة فرَنسا في الكوما. بعض النّخَب الفرنكوفونيَّة تحرّض قصر الصّنوبَر على تخطّي الشيعَة تحتَ مسوّغات عِدَّة أبرَزُها لا للماليَّة ونعَم للمداورَة. البَعض الآخَر يغالي أكثَر. الشيعَة يغطّون الفَساد بالتّوقيع الثالِث. حِقد طائِفي مَجاني ليسَ إلا وعَودَة إلى نَميمَة فيها كمّ غير مَسبوق مِن الجهل المطبَق والحَقارَة المَوصوفَة.

مصطَفَى أديب يَقف وسطَ هذه الأزمَة محتاراً. الإذعان لرؤساء الحكومَة السابِقين أو تسليم أسماء الوزراء إلى الكتَل السياسيَّة. كِلاهما مرّ. أن يتولّى الرئيس السنيورَة تسميَة شيعَة الحكومَة أمر غير مَسبوق في تاريخ الجمهوريَّة. إنتِقام ناعِم يظنّ الرئيس السنيورَة أنه يمكِن أن يمرّ في جِسمِ الخَصم ويصيبُ منه مَقتَلاً.
رئيس الجمهوريَّة يلعَب دور التّرياق. تمَّ إبلاغ أديب أنّ لا حكومَة مِن دون تسميَة الشيعَة لوزرائِهِم. المسألَة ميثاقيَّة بإمتياز. ربّما تساءَلَ الرّئيس عَمّا إذا كان الوزراء المسيحيَّون سيخرجون مِن قمقم السنيورَة أيضاً.

أديب مصاب بِمَغص سياسي. الفرنسي يستعجِله والبَلَدي يستمهِله. هو لا يريد أن يبدأ مِن حيث أنتَهَى سلفه. حسان دياب منقّحاً سَيكون كارِثَة على لبنان. الأفضَل العَودَة إلى دياب المصرِّف للأعمال والحالَة هذه.

لبنان مِن جديد أمام محكّ نِظامِه ودستورِه. في كلّ أزمَة يتّضِح أن القلَم الذي كتبَ الطائِف لَم يكمِل الجملَة. تَرَكها عرضَة للإجتِهاد. عرضَة للكَسَل الوَطَني أيضاً.

مؤتَمَر تأسيسي يَلوح في الأفق ِإنما مِن دون أن يَكون لأحد فيه ضَمانات. طَوائِف ستخسَر وأخرَى ستَربَح. لا الطائِف يُحيي ولا مؤتَمَر التأسيس. لبنان في البرزَخ. إقامته طَويلَة. ما بينَ موت لبنان وبعثُه رَدحٌ غير مَحسوب مِن زمنِ الفَراغ والفَوضى. عودَة إلى جبران خَليل جبران العبقَرَي الذي قالَ يَوماً: ” العبقريُّ الكبيرُ أمسى في برزخٍ ضيقٍ ضجيعاً. لبنان عَبقَريُّنا. عساهُ يعبُرُ برزَخَه عَمّا قَريب.



from وكالة نيوز https://ift.tt/2FyKM43
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل