Tuesday, September 15, 2020

“العنبر رقم 14” يَنفجرُ بـ مصطفى أديب…

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

انفجرَ “العنبر رقم 14” برئيس الحكومة المكلّف مصطفى أديب. الأضرار توزّعت على مَيمنة التأليف ومَيسرته. من نتائجها المبدئية أن طارت تسريبات “سأقدّم التشكيلة وأمضي، وعليهم أن يوافقوا”، لتحلّ مكانها مقولة “الأمر شورى بينكم” التي لو اعتمدت منذ البداية لكانت وفّرت الكثير من هدر الوقت.

الصورة التي حاولَ الرئيس المكلّف تعميمها أنه “عنصر فريد” طارت ايضاً. هو، لم يقدّم تشكيلته ولم يوافق عليها أحد. ببساطة، عرضَ وجهة نظر، تشاوَر، ثم غادر بعبدا. من البديهي هنا أن تطال الاصابات عناصر “الرباعي السنّي” الذي يسأل عن أسلوب أديب الفج وتوريطه في مسائل سياسية أكبر منه.

كما أرضخَ إنفجار المرفأ غالبية الطبقة السياسية للطوع الفرنسي نتيجة ضغط اللحظة، كذلك حصل مع إنفجار “عنبر أديب”. ظنّ الرجل ومن يقف خلفه، أنهم من خلال ممارسة الضغط المتصاعد وعبر استغلال كافة التطورات يمكنهم فرض معايير وشروط جديدة على التأليف تمكّنهم من إدخال تغييرات في البنية السياسية الداخلية ويصبحون في حلٍّ من أي توازنات فرضتها مكتسبات نالها غيرهم بالاقتراع. تورطوا وورطوا أديب، وها هو قد خرجَ من “عنبر بعبدا” من دون حكومة، ليبدأ سقوط مهل المبادرة الفرنسية تدريجياً.

على المقلب الآخر، هناك من يطيّب الخواطر. يدّعي أن المبادرة الفرنسية حُقنت بجرعة دعم مصدرها باريس، فبعثت الى المبادرة تمديداً لا يتجاوز الأسبوع بل على الأغلب أقل.

مهلة التفويض مربوطة بصلاحية أيام لا تتجاوز نهاية الأسبوع الحالي، تنطلق من منطق رئيس الجمهورية الذي تولى قذف المشكلة الحكومية أياماً معدودة على نية التشاور، وهو حق دستوري خالص له. لكن ذلك قد لا ينهي المشكلة فهي بأساسها أعمق بكثير، وترتبط بمحاولة ضرب التوازنات ونتائج الانتخابات النيابية وفرض أعراف شديدة وجديدة وشروط مبتكرة في عملية التأليف. قلناها ونكرّر، وهنا الثنائي الشيعي بصفته معني أول، لن تنتهي المشكلة لديه بتوافق حول اسم على حقيبة، بل توافق على آليات تحكم مسار التأليف من أصله، أي المسار الذي يجري التلاعب به.

رئيس الجمهورية خلال لقائه الرئيس المكلف يوم أمس، حاول إمساك العصا من الوسط. بعد تشاوره مع اديب واستفهام معلومات منه حول طبيعة تشكيلته وعددها وصيغتها لمعرفة كيف “يدعَس” في حقل الألغام، أخذ العلم منه ثم طلب استمهاله، أقلّه لمعاينة الأسماء وسيرها الذاتية، فلا يجوز أن يكون رئيس الجمهورية “آخر من يعلم”. كذلك، لم يرد الرئيس قطعاً إزعاج “الوصي الفرنسي”، وقد جاء قرار الرئيس بالاستمهال كمخرج متفق عليه، بدأ مشواره من الاليزيه ليحط في بيروت مكلفاً الرعية الدبلوماسية إرسال البلاغات حول قبول منح “تفويضاً مشروطاً بتشكيل حكومة لا يتعدى عمره ايام”. بذلك تأتي مبادرة عون على قاعدة “لا يموت أديب ولا تفنى المبادرة الفرنسية”.

كل ذلك يصنّف ضمن موقع القبول الآن. الثنائي الشيعي تلقّف رسالة إيجابية من بعبدا واستطراداً من أديب وفي تلك الرسالة نية بإعادة درس التأليف، من المسار حتى الاسماء، وهو كان قد بعثَ عبر الرئيس نبيه برّي رسالة إيجابية حيال المبادرة الفرنسية، صارفاً النظر عن بعض الهوامش. لكن بالنسبة إليه هذه ليست نهاية القصة، الآن يريد أن يبحث عن شكل التخريجة التي ستُخرّج الحكومة وشكل التنازل الذي سيقدم عليه “المجلس الاستشاري الرئاسي للرئيس المكلف”. هنا يجب معاينة موقف الحريري وإذا ما كان مستعداً لسحب نفسه من تحت بساط السنيورة – ميقاتي، وهؤلاء مسؤولون عن “دهورة أديب” بهذا الشكل، كما “دهورته” أمام فريق سياسي ناطحَ الحلفاء مراراً من أجل “عيون سعد”.

يُسجّل ما جرى ضمن إطار مكاسب الثنائي الشيعي الذي أعاد بتشدّده التكليف، ليس إلى مساره الطبيعي، كونه لم يستدر إستدارة كاملة بعد، بل إلى الواقعية السياسية التي تفرض مناقشة الناس والكتل بشكل الحكومة لا تجاهل كل الاعتبارات السياسية وإسقاط تشكيلته على الرؤوس الحامية!

النقاشات اذاً هي التي ستحكم مشهد الأيام المقبلة. ما يمكن تثبيته حتى الآن أن الثنائي الشيعي أبلغ أن لا دوافع لديه لإسقاط المبادرة الفرنسية، أمره محصور بحصته وآليات التأليف، والرئيس المكلف لم يبلغ رئيس الجمهورية نيّته رمي التشكيلة بوجهه والجلوس في فندق “لاهويا” منتظراً صدور المراسم، كذلك رئيس الجمهورية أبلغ أديب وغيره أنه ليس في وارد إغلاق عهده الرئاسي على حكومة “مثل البقية” غير منتجة تفوقهم خطراً وفشلاً، والاهم، أنه غير مستعد لإغلاق عهده على حكومة فيها خلل ميثاقي بإبتعاد إحدى أكبر طوائف لبنان عنها، بل يطمح لاختتام عهده على حد أدنى من إنجازات وبمشاركة الجميع.

وعليه، فإن مسار التأليف عادَ لينشط مجدداً والنتائج محكومة بالنوايا. أجل، الخطر لم يزول بعد. وأديب بـ “تكليفه” و”تأليفه” مهدد ولا زال، وحتى يستقرّ الموقف، يجب تعقيل “الرباعي” قبل أي شيء آخر، وإفهامه أن منطق “السلبطة السياسية” ساقط، وإحياء أعراف لضرب محور العهد – الأكثرية النيابية بهذه الطريقة الفاقعة وبالإنابة عن الخليجيين والأميركيين بعد ان اسقطت المحاولة الأولى المجسدة بالدعوة لانتخابات نيابية مبكرة أمر لا يُعتد به.



from وكالة نيوز https://ift.tt/3mjw1T4
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل