Monday, August 24, 2020

المشنوق يتقدم سنياً.. “الأمر لي.. وللدار”

ليبانون ديبايت – عبدالله قمح

“كلاشيه” الإحتلال الإيراني الذي لفّه النائب نهاد المشنوق حول رقبة خطابه من دار الفتوى أمس، كان له وظيفة سياسية اخرى: إخفاء المعالم الخقيقية لزيارته إلى الدار، أو في الحد الادنى إبعاد وسائل الاعلام عن تحديد الهدف المقصود من وراء الزيارة.

من الجائز القول، أن الوضع السياسي الراهن، لا يستدعي مبادرة وزير الداخلية الأسبق توجيه إهتمامه ناحية “إحتلال مفترض”، في وقتٍ تضج فيه الصالونات السنية السياسية إمتعاضاً من ممارسات رئاسة الجمهورية بحقها، حيث باتت حقوق السنة في رئاسة مجلس الوزراء “أسيرة شرنقة بعبدا”، والمعتقل عبارة عن استشارات نيابية ملزمة شاء “العهد” ربطها بمشاورات جانبية من خارج النص المعمول به في الطائف.

تلك الحالة التي تتكرّر للمرة الثانية على التوالي من عمر تأليف الحكومات في عهد الرئيس ميشال عون، يصنفها أقطاب السنة على أنها “اعتداء يُمارس من قبل رئاسة الجمهورية على حقوق طائفتهم”. إتهاماً من هذا النوع يعد بمثابة “مادة مثالية” سيحسن المشنوق تلقفها واستخدامها، وسيجد سهولة في تحويلها إلى مادة إشتباك سياسي وفق مظاهر مختلفة تتجاوز إطار ردود الفعل من على المنابر التي لم تعد ذات قيمة في مواجهة تستخدم فيها “الاسلحة الدستورية”، بل أن “دقة المرحلة” والسعي خلف إستغلال أخطاء الرئاسة، لا بد أن تحمل نائب بيروت، بصفته حريصاً على “سنيته”، بإتجاه تحريض دار الفتوى على رئاسة الجمهورية، ولعله قد اقترحَ عليها الدعوة إلى مؤتمر إسلامي في غضون الساعات المقبلة لمناقشة “هذا الاعتداء” واستغلال كل الأجواء والنتائج في شن أوسع حملة سياسية على رئاسة الجمهورية. هذه المقاربة، تكشف بالضبط أهداف الزيارة التي أريد لها أن تكون بعيدة عن الإعلام.

لا شك، أن هاجس فرض رئاسة الجمهورية أعرافاً “بالإكراه” تسكن المشنوق. هو كرّر إنتقاد هذه الممارسات في أكثر من مكان وصولاً إلى حدود نسج الخطوط الاولى في زي المواجهة. ومع إدراكه أن منطق المواجهة أصبح يتجاوز الحدود المرسومة بفعل تجاوز “حدود التعدي”، باتَ لزاماً عليه إدخال تعديلات في الآليات عبر محاولة تحشيد الصالونات السنية كافة، السياسية والروحية، وصولاً إلى تقطيرها ضمن بوتقة واحدة تجعل عملية الاعتراض منظمة وذات أهداف واضحة ومصوبة بشكل متقن.

على هذا الاساس زار المشنوق دار الفتوى، عارضاً فكرة قوامها تولي “الدار” الدعوة إلى “مؤتمر إسلامي عام”، والعام ترد هنا في صيغة دعوة كافة المرجعيات السنية، رؤساء حكومات سابقون، نواباً ووزراء ورؤساء أحزاب، شخصيات روحية وغير ذلك، إلى الجلوس على طاولة بجدول أعمال بمادة واحدة فقط، “مناقشة تجاوزات رئاسة الجمهورية لبنود اتفاق الطائف والتعدي الدستوري على حقوق الطائفة السنية”، وهذا كله نابع من الإحساس “بالغبن السياسي” نتيجة قذف الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة وربطها بتأمين توافق سياسي شبه شامل على هوية رئيس الحكومة، يعتبره المشنوق إلى جانب الكثير من الشخصيات السنية إنتقاصاً من دور السنة، وفرض رغبات سياسية واسقاطها على الموقف السني، وجعله أسيراً لرؤية رئاسة الجمهورية، وإسقاط إسم من خارج الانطباع السني العام، والاهم إفقاد النواب عنصراً اساسياً في طبيعة مهمتهم الوظيفية المحددة في الدستور، اي تسمية المكلف لرئاسة مجلس الوزراء.

هكذا يراد تحويل الخلاف من إطاره السياسي والدستوري ونقله إلى إطار آخر، طائفي – شرعي مرتبط بحالات الضغط المرتفعة مذهبياً. شيء من هذا، يُراد عبره ايضا ممارسة ضغط على رئاسة الجمهورية ودفعها مجبرة إلى تعديل المفاهيم السياسية التي نشأت مع دخول “الفتاوى الجريصاتية” مكان المواد الدستورية، ما حمل بعبدا على إدخال تعديلات على رؤيتها السياسية في مسألة الموقف من تكليف شخص جديد لتولي مهمة تأليف الحكومة الجديدة. تصبح هنا الظروف كلها من صالح رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الذي يتحول إلى مستفيد أول من “الحركة المشنوقية” ولو أن المشنوق قد لا تكون غايته مرسومة وفق هذا الشكل… هكذا تقول أوساط “السنة الغاضبين”.

يحصل كل ذلك وسط انسداد الافق الحكومي لدى كافة المعنيين بالملف، من الرئيس نبيه بري نزولاً إلى أصغر مبعوث، سمع ليس فقط من بري فحسب، بل من آخرين تربطهم صلات وصل بتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي بل وحتى حزب الله وغيرهم، بتوقف المحركات الحكومية عن البحث بإنتظار تأمين تنازلات مفترضة، او بمعنى أوضح دفع رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر إلى تقديم تنازلات، في الشكل والمضمون.

تصبح “مبادرة المشنوق” وتزامنها مع توقف المحركات واضحة الأهداف والمعالم… “تمهيد ناري” حتى يتسنى لاحقاً كسر “التابو الحكومي” وتمرير الشروط بانسيابية أكبر، وهو ما يخدم توجهات الرئيس بري الذي اشترطَ في حالة إعادة تنشيط محركاته، توفر ظروف جديدة مبنية على تنازلات تتولى تقديمها “فئة الحاكمين”.



from وكالة نيوز https://ift.tt/2FMD3yO
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل