
“ليبانون ديبايت”- علي الحسيني
هو زلزال لا مقياس له، لا على ريختر ولا لجهة حجم الدمار الذي خلّف وراءه مئات الشهداء وآلاف الجرحى بالإضافة إلى المفقودين. ووسط هذا الكمّ من الآلام، فضّلت الحكومة الإستقالة على العار، علماً أن ألف استقالة لحكومة ارتكبت خلال فترة مئتَي يوم ما لم ترتكبه الحكومات المتعاقبة، لا يُمكن أن تُمحي عارها ولا مسؤوليتها عن هذه الأوجاع التي تسبّبت بها نتيجة إهمالها واستهتارها بحياة الناس وأرزاقهم.
على مرّ مئتَي يوم من عمرها، آذاقت حكومة الرئيس حسّان دياب الشعب اللبناني، ما لم يذقه طيلة السنوات الماضية. فقد حكمت هذه الحكومة على شعبها بالجوع والعتمة ونشر الأمراض والتلاعب بحياته وأرزاقه وسرقة جنى عمره، وبدل أن تستعيض عن خيباتها وإخفاقاتها، بإنجازات يُمكن ان تُقدّمها لهذا الشعب علّ التاريخ ينصفها في مكان ما، أدارت ظهرها لآلاف الأطنان من نيترات الأمونيوم أدّت إلى تدمير العاصمة بيروت واستشهاد أكثر من 160 شخصاً، وجرح ما يفوق الستة آلاف، ناهيك عن عدد المفقودين الذين يتم اكتشاف جثثهم وأشلائهم على دفعات.
تصدّر “حزب الله” واجهة الإتهامات. الجماعة جسمهم “لبّيس” وفي “كل عرس لهم قرص”، ولا توجد جهة قادرة على تصديق الرواية التي تقول بأن لا شأن للحزب في كل ما يحصل في المرفأ، خصوصاً بعدما وصلت هذه الإتهامات إلى القول بأن كميّات من نيترات الأمونيوم كانت قد سُحبت، وذلك طبقاً للخبير الروسي فيكتور موراخوفسكي الذي تحدّث عن سرقة كميات كبيرة منها وأن الكمية المتبقية هي التي انفجرت، لأن انفجار 2750 طنًا كان سيؤدي حتماً إلى إزالة بيروت عن الخريطة.
الأبرز، أن الإنفجار أعاد إلى الأذهان زمن الإصطفافات السياسية التي قامت في العام 2005 ووضع سلاح “الحزب” مُجدداً ليس على طاولة البحث فحسب، إنما على بساط “التدويل”، وسط ارتفاع الأصوات الداعية الى التخلّص منه، في حين التزم “حزب الله” الصمت حيال الدعوات والمطالبات هذه، تاركاً الأمر لرئيس مجلس النوّاب نبيه بري، إدارة المعركة علّ الخروج منها يكون بأقل الأضرار المُمكنة.
يبدو أن “حزب الله” وتحت وطأة ضغوط الشارع، قد رضخ للمطالب الشعبيّة ورضي بأقل الأضرار المُمكنة وهو المخرج الذي رأى فيه بري، الطريق الوحيد لامتصاص الغضب الذي راح يلتفّ حول أعناق الجميع. ورغم أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أكد في أكثر من إطلالة أن هذه الحكومة لن تستقيل وأن ما ستعجز عن القيام به، لن تستطيع أي حكومة أخرى تحقيقه، لكنه قد يبدو مُحقّاً بقوله أنه “إذا استقالت هذه الحكومة فمن غير المعلوم أن تتشكل حكومة أخرى في غضون سنة أو سنتين”.
أين الضمانة اليوم، لعدم تكرار ما حصل، أو لتحصين البلد كلّه من إنفجارات مُماثلة قد تكون مُخبّأة في أي مكان آخر! وأين مكمن الحلّ لكل هذه الأزمات التي تمر بها البلاد منذ شباط الماضي!.
نائب بارز في “اللقاء الوطني الديمقراطي” يعتبر في حديث لـ”ليبانون ديبايت” أن “الطريق الوحيد لكي نخرج من كل هذه الأزمات التي تُحيط بنا، تكون عبر أمرَين: الأول استقالة رئيس الجمهورية، والثاني بعودة “حزب الله” إلى لبنان فعلاً لا قولاً، وأن نكون جميعاً تحت سلطة الدولة وسقف القانون”.
ويُضيف النائب: “نعم نحن نُقرّ بأن حزب الله طرف أساسي في المعادلة السياسية اللبنانية، مع جمهوره وكيانه وشعبيّته، لكن السؤال، هل كل هذا يُعطيه الحق في تحويل كل الشعب اللبناني الى قطيع لا يأبه به ولا بحقه في تقرير مصيره. السلم بيده، والحرب كذلك بيده. والسلاح بيده، ماذا تبقّى للدولة وأين دورها وقراراتها وأين هيبتها ومؤسّساتها، ماذا ترك لمؤسسة الجيش وبقيّة القوى الأمنية!”.
ويختم النائب نفسه بالقول: “يبدو أننا نعيش اللحظات ذاتها التي أعقبت اغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط 2006. هناك فريق يظّن بأنه يُمكن تمرير ما حصل على قاعدة “مرقلي تمرقلك”. لا الحكومة سقطت ومجلس النوّاب سيلقى المصير نفسه في حال عدم الذهاب الى انتخابات مُبكرة. وعلى المسؤولين أن يعوا تماماً، أن غضب الشعب انفجر ولا إمكانية بعد الآن “لترقيع” ما يرتكبه البعض”.
في المُحصّلة، يبدو أن عنبر الموت قد رسم ملامح لبنان الجديدة. مئات الشهداء وآلاف الجرحى، وعدد غير قليل من المفقودين. بهذه القوافل وبهذه الدماء، فتح لاشعب باب التغيير على مصرعيه، ومن الآن وصاعداً “مافيش حكومة.. نحن الحكومة”.
from وكالة نيوز https://ift.tt/2DMZnrB
via IFTTT
0 comments: