Saturday, August 1, 2020

فواتير بمليارات الدولارات لـ “تدريبات خيالية” للجيش الأفغاني

الوقت – كان الحادث المريب والغامض الذي وقع في 11 سبتمبر وما تلاه من غزو عسكري أمريكي لأفغانستان في عام 2001، بمثابة بداية أطول حرب في تاريخ أمريكا، ومنذ ذلك الحين إلی يومنا هذا أي في عام 2020، يستمر وجود المحتلين في أفغانستان بذريعة المزاعم نفسها التي طرحوها منذ 19 عاماً.

في هذه السنوات الطويلة منذ احتلال أفغانستان، لا يزال الجيش الأفغاني يواجه العديد من المشكلات، ومساعدات أمريكا وحلف شمال الأطلسي التي ترافقت مع الدعاية الصاخبة، لم يکن لها تأثير يذکر على زيادة القدرة القتالية للجيش الأفغاني.

ولهذا السبب، نُشرت في السنوات الأخيرة تقارير ومعلومات في كثير من الحالات حول أوجه النقص والقصور في الجيش الأفغاني، نقص المعدات المناسبة، غياب التدريب الصحيح، وحتى العديد من حالات فقدان الأموال المخصصة للبرامج العسكرية في هذا البلد.

على سبيل المثال، أُعلن قبل بضع سنوات أن أمريكا توقفت عن دفع الأموال لدعم أسطول طائرات الهليكوبتر من طراز “إم آي 17” التابع للجيش الأفغاني، وبدلاً من ذلك ستزوّد هذا البلد بطائرات هليكوبتر من طراز “بلاك هوك” ونموذج الهجومي الخفيف من سلسلة “إم دي 530″، والذي تم شراؤه في ذلك الوقت، وواجه انتقادات من داخل الجيش الأفغاني.

ولكن وفقاً لمعلومات جديدة، وقعت حادثة مهمة أخرى في أفغانستان، ترتبط هذه المرة بطائرة من دون طيار مشهورة ومألوفة.

فضيحة بـ 174 مليون دولار مع “سكان إيغل” في أفغانستان

طائرة “سكان إيغل” المسيرة هي أحد أشهر الأسماء للإيرانيين. إنها طائرة استطلاع من دون طيار أمريكية وقعت في يد أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية قبل سنوات عديدة، ومنذ فترة طويلة بدأ إنتاج نموذجها الهندسي العكسي في إيران وتم تسليمه إلى القوات المسلحة الإيرانية.

لكن القصة الجديدة في أفغانستان هي، أنه بسبب الجغرافيا الخاصة لهذا البلد، وخاصةً وجود العديد من المناطق الجبلية فيه، فإن الوحدات العسكرية تحتاج إلى استخدام الطائرات من دون طيار في العمليات، من أجل الحصول على تفوّق استخباراتي وتحديد هوية أعدائها.

ومنذ عام 2014، أي مع بدء تخفيض القوات الأمريكية في أفغانستان، نظر البنتاغون في برنامج لزيادة قدرة الاستطلاع الجوي للجيش الأفغاني، وكان المرشح طائرة “سكان إيغل” المسيرة.

في البداية، كان من المقرّر تدريب فريق من 12 إلى 20 جنديًا أفغانيًا على قيادة هذه الطائرات من دون طيار، فاستغرق الأمر في نهاية المطاف ما يقرب من عام لتدريب 28 متدرباً أفغانيّاً لهذا الأمر.

والقضية الأخرى هي أن الجيش الأفغاني غير مطّلع في الأساس علی موقع تخزين العديد من معدات ومكونات هذه الطائرة المسيرة، وذات مرة اعتقلت قوات الأمن الأفغانية شخصًا كان ينوي بيع طائرة “سكان إيغل” المسيرة لمجموعة إرهابية مقابل 400 ألف دولار.

وفي الوقت نفسه، أظهرت الأبحاث أن التدريبات کانت بحيث إن الطاقم الأفغاني لا يمكنه القيام بعمليات من دون وجود المستشارين الأجانب، الأمر الذي يدل على أن الدعاية الأمريكية بهذا الخصوص كانت مجرد عرض تعليمي.

حتى إن الأفغان ليسوا قادرين على تحليل المعلومات التي يتم الحصول عليها من هذه الطائرة من دون طيار، ووفقًا لمصدر أخبر المفتشين الأمريكيين في 2018، فإن القوات الغربية تعمدت الامتناع عن تدريب القوات الأفغانية بشکل کامل في هذا القسم، بذريعة وصول هذه التدريبات إلی طالبان، علی الرغم من أن القوات الأمريكية في أفغانستان نفت وصول هذه المعلومات إلى طالبان.

وعلى الرغم من أن الأمريكيين يقولون إن حوالي 60 من هذه الطائرات من دون طيار في حوزة القوات الأفغانية حاليًا، ويتم التحكم فيها من سبع نقاط رئيسة في أفغانستان، ولكن لم يتضح بعد أنه بعد انسحاب القوات العسكرية الأجنبية أو وقف التعاون الأمريكي، هل يستطيع هذا الأسطول المسير دعم الجيش الأفغاني أم لا، وهو الشيء نفسه الذي سيكون ذريعةً لعودة المستشارين والقوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي إلی هذا البلد المجاور لإيران.

کذلك، أظهرت عمليات التفتيش التي أجرتها وكالات إنفاذ القانون الأمريكية، أنه على الرغم من بدء البرنامج من عام 2015 حتى الآن والإنفاق بنحو 174 مليون دولار على المشروع، فلا يوجد حتى الآن تقدير دقيق لما اكتسبه الجانب الأفغاني من هذا البرنامج.

کما صرح المسؤولون العسكريون الأمريكيون المتمركزون في أفغانستان، ردّاً على المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان، بأن جودة أداء القوات الأفغانية في استخدام طائرة “سكان إيغل” المسيرة ليست مثل المعايير الغربية، ولكن على أيّ حال فإنهم يستخدمون هذه الطائرة من دون طيار. ومن المقرر أن يعيد المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان تقييم وضع البرنامج بعد شهرين.

ووفقاً للبيانات المتاحة، من عام 2005 حتى الآن، أنفق الجيش الأمريكي حوالي 47.5 مليار دولار على الجيش الأفغاني في شكل معدات وبرامج تدريب ودعم، لكن التقارير تشير إلى أن هذا الإنفاق لم يحقق نتيجةً ولم يجد نفعاً من الناحية العملية، ولا تزال القوات الأفغانية تهزم في العديد من الاشتباکات دون دعم القوات الغربية، وتضطر إلى التراجع.

وهذا الوضع أسوأ بالنسبة للمنصّات الأكثر تعقيدًا مثل المروحيات والطائرات من دون طيار، وعملياً يتمّ التخطيط لهذه التدريبات والدعم وتنفيذها بطريقة تجعل القوات الأفغانية تواجه المزيد من المشكلات بعد انسحاب القوات الأجنبية، وخاصةً الأمريكية، ويتعيّن عليها اللجوء مرةً أخرى – هذه المرة بناءً على طلب البلد المضيف – إلی أمريكا والناتو لاستمرار وجودهما في أفغانستان.

مثل هذه الحيلة، التي مورست لعقود في دول مثل إيران، تدمر الروح المعنوية والقدرات التقنية وهيكل القوات المسلحة للبلد المضيف من قبل المستشارين الأمريكيين، وتجعل الدعاية الإعلامية وتوجيه الرأي العام نحو بقاء القوات الأجنبية في ذلك البلد تؤتي أکلها، والنتيجة هي أن من کانوا محتلين بالأمس أصبحوا يتمركزون اليوم حول إيران، في شكل مساعدين ومتعاونين مع القوات المسلحة.

وفي الوقت نفسه، ستتحول الفواتير التي تصل إلی عشرات المليارات من الدولارات والتي مصير إنفاقها غير واضح، إلی أداة للمنّ وجلب التعاطف والدعم من قبل الرأي العام والمسؤولين، وكذلك ذريعة لإبرام عقود طويلة الأجل والاستغلال الاقتصادي للبلد المضيف، وهكذا ستعمل هذه الفواتير على تعزيز القوة العسكرية والاقتصادية لأمريكا.



from وكالة نيوز https://ift.tt/2PfT6XF
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل