
-حسين عزالدين-كاتب وإعلامي
هل غيرت الإدارة الأمريكية من تكتيكها اتجاه لبنان، وسلمت بامر أرادة اللبنانيين الرافضة لتدخلاتها في شؤونهم.
لم تكن المرة الاولى ولن تكون الأخيرة، محاولات امريكا جعل لبنان منصة متقدمة لمشروعها الرامي الى حماية صنيعتها في المنطقة الكيان الاسرائيلي المحتل، ففي كل المحاولات السابقة والمرتقبة يكون الإخفاق من نصيب مشروع الإدارة الأمريكية المترنح على وقع التخبط داخل البيت الأبيض ومؤسساته المتفرعة من جهة، وفي منظومة الاحتلال المتعثر في ايجاد ممر لحرف الأنظار عن هزائمه المتكررة على يد المقاومة ومحورها الممتد من غرب آسيا الى البحر المتوسط، من هنا ترصد الأوساط المتابعة ما
حفلت به الاسابيع الأخيرة المنصرمة في لبنان، باجواء تصدر فيها مشهد الهجوم الأمريكي عبر قنواته التحريضية المتمثلة بادراته الخارجية، عبر مواقف تجاوزت اصول التمثيل الدبلوماسي وعلاقات الدول الثنائية تارة، وطوراً من خلال رزمة العقوبات الظالمة على الشعب اللبناني للاستثمار في أزمته الاقتصادية، التي تشكل امريكا العنصر الاساس فيما آلت إليه الاوضاع المالية في لبنان.
وبعد التصعيد العنيف الذي تمثل بالحديث الصحافي للسفيرة الأميركية دوروثي شيا لإحدى فضائيات الخليج الفارسي، وما تبعه من تداعيات اكان في الشارع او على صعيد الرد الرسمي اللبناني والقرار القضائي للقاضي المستقيل محمد مازح.
بعد كل ذلك وما رافقه من تسريبات ومحاولات لإسقاط حكومة حسان دياب، برزت مواقف وتحركات تؤشر الى ان التصعيد وصل الى الذروة، وان ثمة نتائج محتملة قد تؤدي الى توتر وانفجار الموقف حسب المراقبين،
ووفقاً للمعلومات التي توافرت في الأيام القليلة الماضية، فان المواقف والاشارات التي رافقت تحركات السفيرة الأميركية، لا سيما اللقاءين اللذين اجرتهما مع رئيسي مجلس النواب والحكومة، اوحت بان هناك مرونة نسبية مرتبطة بحائط السد اللبناني على مستوى قواه الحية الوطنية طرأت على موقف واشنطن اختلفت الاراء حول توصيفها وتقييمها.
واذا كان نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قد وصف الموقف الأميركي المستجد بأنه تكتيكي، فان اكثر من مصدر مطلع يرى بأن الادارة الأميركية فرملت الهجمة الشديدة التي بدأتها منذ اسبوعين، انطلاقاً من عجزها احداث خرق اجتماعي يجمع بسواده الأعظم على خيار المقاومة وثوابت القوة السيادية اللبنانية، وفضلت ان تفتح اذنيها للاستماع الى المسؤولين والحكومة اللبنانية.
وتقول المعلومات ان ما عزز الاعتقاد بان الادارة الأميركية اظهرت بعض المرونة في تليين موقفها المتشدد من دون التخلي عن نهج الضغط الذي تمارسه منذ اشهر على لبنان، هو بروز بعض الاشارات التي توحي بالتراجع عن اندفاعها التصعيدي الأخير وفي مقدمها التسليم بعدم جدوى الضغط على الحكومة للاستقالة في الوقت الحاضر، بدليل لقاء الخبز والملح المطول الذي جمع السفيرة شيا مع الرئيس دياب في السراي، هذا عدا عن اللهجة المرنة التي عبرت فيها عن استعدادها لدرس مطالب لبنان عندما زارت عين التينة والتقت الرئيس بري في اجواء وصفت بأنها كانت بعيدة عن التشنج او التوتر.
وتتابع المصادر ان الاستراحة القصرية للسفور الأمريكي وسلوكه اتجاه لبنان، عكس عجزاً حقيقياً في تحقيق أهدافه، اقلها تقليب الشارع الداخلي على سلاح المقاومة، وبروز صمود شعبي بمواجهة سياسة التجويع التي تمارسها، اما بالمباشر عبر حجب المساعدات، او عن طريق عرقلتها اي دعم دولي مطلوب للبنان في هذه المرحلة، ليتبين ان إدارة ترامب القائمة على سياسة السمسرة ولعبة الأرقام لم تجد نفعاً في استثمار الديمغرافيا اللبنانية.
فهل يمثل تراجع الضغط الأمريكي إقرار بهزيمة مشروعها، ام ان ما عودتنا عليه الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وهو قنص الفرص للانقضاض على خصومها، هو السائد في المشهد اللبناني.
from وكالة نيوز https://ift.tt/2OmYM1t
via IFTTT
0 comments: