Sunday, July 26, 2020

السراي تحت الحصار!

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

أجهزة التبريد المنتشرة داخل السراي الحكومي والتي تلفح وجه الزائر في مستهل دخوله الباب الرئيسي، لا تعكس حقيقة الجو الساخن الذي يشهده مقرّ الرئاسة الثالثة. سخونتها تشبه مستويات الحرارة التي بلغها “طقس تموز” في الخارج، حار إلى جاف غير معتدل، قد يتسبّب بحرائق في حال عدم تطبيق إجراءات الحيطة والحذر والسلامة العامة.

الورشة شغالة، والهدوء الذي يخيم على هذا الصرح العريق لا يعكس غرقه في المعالجات. مقولة “تراكمات الثلاثين سنة الماضية” ولو أنها باتت “نغمة بالية” يردها البعض إلى “اسطوانة التبريرات”، لكن آخرين يحمّلونها مسؤولية تضييع الحكومة بين الملفات.

على طاولة رئيس مجلس الوزراء حسان دياب مجموعة كبيرة من الأوراق والملفات المرتّبة والمبعثرة يلاحظ وجودها كل زائر إلى المكتب الرئاسي. زوار السراي يدعون أن هذه المقتنيات في تغيّرٍ وتبدلٍ دائم أي أنها غير ثابتة أو موضوعة من أجل الـ “شو أوف” الاعلامي، وفي كل مرة تزداد سماكة الملفات او تقل تبعاً لما يجري متابعته. من بين تلك الملفات، ما هو طارئ يحتاج لمتابعات حثيثة ومنها ما هو متأخر او مستجد لا ضير في وضعه على قائمة الانتظار بعد أن يتم طبعاً “تشييكه من دولته” الذي يبادر إلى تحويله إلى وزارة أم إلى لجنة ما.

في آخر ما وضع على طاولة دياب ملفان بارزان، واحد له صلة بموضوع المحافظة المستجدة حديثاً المنبثقة عن جبل لبنان والمُعيّن لها محافظاً ارثوذوكسياً قبل تعيين ملاك واضح لها ضمن القانون، وهي تنال في هذه الفترة قسطاً من نشاط دياب الذي يبحث عن حلول تؤدي إلى إدخال المحافظة قيد التفعيل وإيجاد حلول لأسباب عرقلتها، والاهم إيجاد تصريف للـ”فيتو” السني المرفوع امامها والذي سمعه دياب خلال آخر زيارة إلى دار الفتوى، وملف آخر له علاقة بتعيين مدير عام تابع لإحدى الوزارات الاساسية يأخذ مداه في النقاش السياسي بين الاقطاب ويرد دياب ان يكون له بصمة تقريرية فيه، هذا فضلاً عن ملف طارئ له علاقة بملف النفايات الذي لا يموت!

بطبيعة الحال، الأقرب إلى فريق دياب هو العمل بهدوء وبعيداً عن الضجيج الاعلامي. من هنا، يسجل لهذه الحكومة انها الأنشط بين اقرانها ولو انها مظلومة اعلامياً، والسبب في ذلك يعود إلى التعامل الحذر معها أو توافر نوايا لعدم إبراز حضورها ودورها على أكثر من ملف وصعيد، تبعاً لولاءات بعض وسائل الاعلام أو الاعلاميين، ولسان حال الحكومة يقول أنها تُعاني من “حصار إعلامي” إلى جانب آخر سياسي محلي ومتعدّد الجنسيات، بحيث يبدو ان ثمة قراراً أو أمر عمليات صدر من مكان قضى بجعل الحضور الاعلامي في السراي رتيباً أو خجولاً يقتصر فقط على على الرسميات أو الضرورات، ليتولى المكتب الإعلامي لرئاسة مجلس الوزراء سد هذا العجز متكفلاً بتقديم جردة يومية حول نشاط السراي واحداثه.

والبعض يراكم على أمور الحكومة رافضاً تقديم أي مساهمة تؤدي دوراً في نجاح ليس رئيسها أو وزرائه بل عملها الذي نالت الثقة على أساسه رغم وجود اعتراضات كثيرة على الأداء.

فترى تعمداً واضحاً في الاضاءة على أمور وردت من خارج السياق أو من سوء تقدير، كبّدت الحكومة اثماناً غالية، كمسألتي الـ97% و زيارات الفنانين التي أخفت نجاحات الحكومة وظهرت على نحوٍ واضح عيوبها، أو تعمد تظهير “دور مشط الرئيس” مقابل تغييب حضوره في الحكومة، ما مثل اساءة واحراجاً لها.

وفي الحديث عن “المشط” الذي هو وفي المناسبة “صناعة سورية”، يكاد لسان حال البعض يقول أن “الرئيس” يأخذكم إلى الشرق عبر سلوك اوتوستراد دمشق الدولي! متعمداً تجاهل أن دياب يمرر مشطه في شعر حكومته سعياً خلف تسريحه وترتيبه ليكون حضورها مناسباً للظروف التي وجدت فيها. من هنا يسجل لرئاسة مجلس الوزراء إطلاعها الدائم على نشاط مختلف الوزراء وحثها للبقية سواء عبر الاتصال المباشر او من خلال الخدمات الالكترونية الفورية!

وبمناسبة الحديث عن الشرق، أجواء رئاسة الحكومة توحي ان المفاوضات سواء على المستوى العراقي أم الصيني من جيدة إلى ممتازة تبعاً لاخر تواصل، بينما تزداد العراقيل على الخط السوري نسبةً إلى حواجز “قيصر” واخواته، حيث ما زال القرار الأميركي منح إستثناءات إلى الحكومة غير واضح ويحتاج إلى متابعة تتولاها وزارة الخارجية إلى جانب رئاسة الحكومة مباشرةً.

يبقى أن ما يحز في نفس الحكومة عدم مواكبتها في محاولاتها لاختراق المحميات المتجذرة في الدولة، المطلوب رأسها من الناس غير المدركة ربما أن هذا الدور من القضاء لا الحكومة، وهنا العتب على القضاء على قدر المحبة، الذي يجب عليه واجب مرافقة الحكومة على الطريق لا تركها تسير وحيداً نحو الهدف بينما هو يقف متفرجاً. ما لا يدركه معظم الناس، ان الحكومة من دون القضاء لا يمكنها ان تحقق اي خطوة تجاه اصلاح مكامن الخلل او ملاحقة الفاسدين.

في ما مضى، أرسلت ملفات من قبل نواب إلى القضاء فماذا حدث؟ أدرجت على قائمة النسيان، حتى أن أحزاباً عريضة لم تتمكن من تحريك أي ملف، فكيف بحكومة قدراتها أو تأثيرها على القضاء محدود بالنظر إلى قدرات معظم الأحزاب التي تملك معظم الأسهم في الحصة القضائية!



from وكالة نيوز https://ift.tt/3g4GkXs
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل