
“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
الحرب الباردة بين واشنطن وحزب الله فوق بيروت آخذة بالاتساع وسط قرارٍ أميركي يقوم على منطق “إسترداد لبنان” وإعادة ضمه إلى برنامج الاخضاع طويل الأمد، بشهادة تصريح وزير الخارجية مايك بومبيو الأخير الذي تناول لبنان بشقٍ وافٍ منه، رابطاً عودة دعم بلاده بشرط ابتزازي واضح: “تأليف حكومة ناجحة”.
والحكومة الناجحة في المعيار الأميركي هي حكومة من دون حزب الله وإستطراداً حسان دياب، بعدما اتضحَ لديها توافر قدرات عنده في تولي موقعاً يُعاكس فيه الرغبات الأميركية فيما لو دخل بإشتباك معها على الساحة اللبنانية. مع ذلك، قبلت واشنطن بتحكيم “النموذج اللبناني” على علاقتها مع دياب والدخول في ربط نزاع معه، لكن ذلك لن يعفيه مطلقاً من موجبات المساءلة السياسية الاميركية، معنى ذلك، انه من المرشح أن تشهد الحكومة موجة تسعير سياسية أميركية متى دعت الحاجة إلى ذلك.
والمكتوب الأميركي يقرأ من عنوان خطاب بومبيو وقبله التصرفات النافرة لوكيلته في بيروت، دورثي شيا، والزيارات الدبلوماسية – العسكرية الخاطفة وإعادة نبش الأوراق القديمة في العلاقة التي حكمها البارود والنار بين الحزب والإدارة الاميركية، بحثاً عن مفاعيل ولو رجعية تؤدي غرض تعظيم إستهداف حزب الله والتشهير به لدى المجتمع الاميركي بوصفه “تياراً أصولياً قتل أميركيين”… كل ذلك يؤشر إلى أنّ واشنطن حدّدت لبنان كنقطة حيوية لها في هذه المرحلة.
وحزب الله الذي بات يدرك أن تعاظم الاستهداف الاميركي المتدرّج له ناجم عن إتساع قدراته ونفوذه سواء في الداخل أو الأقليم، والأمر له صلة بإراحة إسرائيل وتمهيد الأرض لصفقات عربية – إسرائيلية، يتعامل مع الموجات الاميركية بدقة متناهية. فهو، وعبر أمينه العام السيد حسن نصرالله، لمح في خطابه الأخير أن الاجراءات الاميركية بفرض العقوبات “لن تضعف حزب الله بل ستقويه وتضعف لبنان وتضعف حلفاء واشنطن وتضعف نفوذها”، ما استدرجَ رداً أميركياً جاء بمثابة تلميحات على لسان بومبيو نحو فتح “إعتمادات لمساعدة لبنان”، من دون الاشارة إلى معلومات تفصيلية حولها، ما يتيح الظن أن المساعدات فيما لو توفرت ستذهب لصالح “بيئات” مناوئة لحزب الله تعد متضرّرة من الحصار الأميركي المفروض على لبنان، ما يتيح الظن أن واشنطن تريد مراكمة الاستفادة من تلك البيئات عبر توجيه المسؤولية وتحملها إلى حزب الله وإظهار حرص واشنطن على “الأمن المجتمعي اللبناني”.
في المقابل، فسر الحراك الأميركي تجاه السراي على أنه “محاولة إحتواء” ناتجة عن قراءة عنوانها محاولة سحب حسان دياب من وضعيته السياسية الحالية المائلة تجاه قوى الثامن من آذار من خلال توفير “المنح السياسية له” على شكل تخفيضات في ملف تطبيق العقوبات التي تربك ليس فقط حزب الله بل عموم البيئات اللبنانية، تعود بالفائدة على الدور الحكومي الذي يتولى إدارته، وتوحي محلياً بقدرته كرئيس للحكومة على مناقشة الاميركي ما سيعود بالفائدة على الاقتصاد والشارع واستطراداً السياسة الاميركية، بمعنى آخر تجميد قرار “محاصرة دياب سياسياً، أي السبب الذي دفعه إلى التشدّد ناحية مختلف الدبلوماسيات الغربية بخاصة الأميركية منها.
وتحرك ملف الجامعة الأميركية في بيروت بوجه دياب ورد الأخير بالمثل يستدعي اليقظة والإنتباه، كل ذلك يفسر على أن دياب بات شخصية مدرجة قيد التحليل، وهذا يكفي ان يرشحه خلال الفترة المقبلة ليكون مدرجاً على لوائح التعقّب الأميركية التي تستهدف شخصيات لبنانية رسمية بتهمة إقامة علاقات مع حزب الله في حال فشل سياسة إستيعابه.
وإذا أخذنا ما يجري تداوله في الغرف المغلقة، لأمكنَ العثور على أسماء عديدة تتقاسم دياب التهمة ذاتها. من الواضح أن رسائل حطت في بيروت توحي أن تلك المجموعة في طريقها، سواء بالمفرد او المزدوج، للانضمام إلى لوائح العقوبات وعلى فترات متلاحقة تبعاً لمقتضيات المصلحة الاميركية.
وعلى القائمة بحسب ما نقل مصدر حكومي بارز إلى معنيين في بيروت قبل فترة، أن رئيس مجلس النواب نبيه بري مرشح للإنضمام إلى القائمة. وقد ربط المصدر بين إقتراح الضم وإقتراح الفرز القائل بعزل بري عن مفاوضات ترسيم الحدود البرية – البحرية بين لبنان والعدو الاسرائيلي، كرسالة قرأت بتأنٍ في عين التينة.
ولا يبدو أن بعبدا مستثناة من الهجوم الأميركي الهادف ربما إلى إدخال تعديلات سواء على سلوك بعبدا السياسي أو حاضنتها الحزبية المتمثلة بالتيار الوطني الحر، بدليل أن المصدر نفسه، ينقل أجواء عن وجود توجه لضم وزير العدل السابق ومستشار رئيس الجمهورية، سليم جريصاتي، إلى اللوائح نفسها، ولو أن الضم يأخذ في جانب منه وجود نوايا انتقامية من جريصاتي في ما له صلة بعلاقته مع الدولة السورية ممثلة بالرئيس بشار الأسد، وهذا الجو لا يعفي رئيس التيار النائب جبران باسيل الذي وصلته النماذج ذاتها، فمضى يحاول منذ مدة اعتماد سياسة “رمادية” سواء تجاه حزب الله أو حكومة حسان دياب.
هذا التوجّه، تقرأه مصادر سياسية في بيروت على أنه نوع من أنواع التسخين السياسي الموجه للمؤسسات اللبنانية المتهمة بالتماهي مع حزب الله غير المنفصل عن سياسة التسخين المتبعة أميركياً في المنطقة والإقليم، والذي يأتي بديلاً ظرفياً للتدخل العسكري.
from وكالة نيوز https://ift.tt/3j2j7XS
via IFTTT
0 comments: