Friday, July 17, 2020

دياب إلى بغداد لتعبيد “طريق الحرير”

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

أسبوعان تقريباً مرّا على زيارة الوفد العراقي إلى بيروت، ومثلهما على زيارة الوفد الصيني. كلتاهما انطوتا على اهتمام ملحوظ عُبِّر عنه من خلال رئيس الحكومة حسان دياب الذي خصهما بحيز هام من نشاطه، لكن في الخلاصة، لا تدبير أو إجراءات حدثت. الفضل في ذلك يعود للآليات البطيئة والروتين الإداري الذي وقعت الحكومة أسيرته.

والبلد المحكوم بالتقلبات المزاجية لدى السّاسة وفرائض “اللقلقة” و “النميمة السياسية” والرهان على التفشيل والتعطيل، محكوم ايضاً بالروتين الإداري الاشبه بالتقنين الكهربائي القاسي الذي تئن تحته الشعوب” اللبنانية” دون أن تحرّك ساكناً… وبما أننا في وضعٍ إستثنائي حرج يحتاج لاعتماد إجراءات استثنائية، كان لا بد على الحكومة من أن تبادرَ إلى استنباط آليات علاج استثنائية تؤدي الغرض في تسريع وتيرة العمل، وبالتالي الآلية بهدف الوصول إلى المبتغى سريعاً. فإذا كان حسان دياب في وارد العمل، ما عليه سوى نسف الآليات البطيئة ومعها الروتين الاداري اللعين.

وللحقيقة وعلى ذمة أكثر من مصدر، لا يعود الفضل في البطء الشديد إلى الآليات وحسب، بل هناك أسباب أخرى متموضعة خلف البحار على الأرجح متورطة في عملية إشغال حسان دياب بقضايا أخرى، وربما الهدف منها صرف نظره عن حلول آنية متوفرة لمصلحة أخرى يُوعد بها. لكن المقربين من رئيس الحكومة والمطلعين على موقفه لهم رأي آخر. هم ينفون حدوث تأخير متعمد أو تجاهل، ويردون ما يجري تداوله إلى نوايا “خبيثة مبيّتة” هادفة “للإستثمار عن طريق تفشيل رئيس الحكومة كما هو ظاهر”. وعلى العكس من ذلك، يؤكدون لـ”ليبانون ديبايت” أن دياب أبلغ بغداد نيّته زيارتها قريباً ليدشن منها جولة عربية مفترضة يجري الإعداد لها من خلف الكواليس، وهو طلب من بغداد تحديد موعد، ليحسم الطرفان بذلك مسألة من يزور الثاني أولاً، رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أم رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب.

وبحسب المعلومات التي توفرت لـ”ليبانون ديبايت”، يتولى فريق الرئيس دياب الاعداد للوفد الذي سيرافقه إلى بغداد، وسيكون عبارة عن وفد موسّع يضم وزراء وصناعيين واقتصاديين وربما زراعيين بالاضافة إلى مستشارين. وفيما يتولى رئيس الحكومة الإشراف على عملية الاختيار والتدقيق بالشخصيات المشاركة وجوجلة الاسماء، يتردّد أنه سيصطحب معه وزيرا الطاقة والمياه ريمون غجر والخارجية ناصيف حتّي، وربما وزيرا الاقتصاد راوول نعمة والزراعة عبّاس مرتضى.

وفيما يتوقع أن يكون جدول أعمال الزيارة “full” وحافلاً بالبنود، يسترعي الانتباه بند “النفط مقابل الزراعة”، الذي جرى بحثه بين دياب والوفد الوزاري العراقي حين زارَ الاخير بيروت قبل أسبوعين. وفق معلومات “ليبانون ديبايت”، دارَ الحديث يومها على فكرة إعادة تفعيل خط النفط بين العراق ولبنان الذي يمر بسوريا والمعروف باسم IPC والذي أنشأ زمن ابان ولاية شركة “نفط العراق المحدودة” قبل تأميمها وحمل اسمها ومدّ لبنان بالنفط عن طريق استجراره بالأنابيب إلى مصفاة طرابلس حيث كان يجري تكريره فيها، ومن الواضح أن دياب يراهن على اعادة استنهاض “طريق الحرير النفطي” واعادة توظيفه في عملية الازدهار بين البلدين.

ورغم أن الإقتراح يُعد نموذجياً ويقدّم الوفر المالي للدولة، لكن ثمة معوقات كثيرة تحول دون تحويله من فكرة إلى واقع. تعود الاسباب في ذلك أولاً إلى حاجة مصفاة طرابلس لعملية إعادة تأهيل ضرورية بعدما اخرجتها الظروف الطبيعية وغير الطبيعية عن الخدمة. موجودات الدولة اللبنانية من العملة الصعبة لا تكفي لإتمام أي عملية مشابهة. فضلاً عن ذلك، ثمة حاجة لاعادة تأهيل خط النفط الذي يمر من العراق نحو سوريا فلبنان، والذي تعرضَ لأضرار نتيجة عوامل مختلفة (حرب، طبيعة.. الخ)، إلى جانب قدم عهده وحاجته لمواكبة متطلبات الأمن والأمان الحديثة على صعيد النقل. لذا، لا بد من فتح النقاش مع الحكومة العراقية، والتوجه الحالي لدى بيروت ربطاً بالصعوبات المالية، يقوم على فكرة عرض طلب الاستصلاح سواء للمصفاة أو الخط من بغداد لقاء توفير أثمان سيجري تقديم عروض حولها على الأرجح خلال الزيارة.

يبقى عاملاً آخر أشد خطورة على مسار التقارب العراقي – اللبناني من القضايا التقنية، يتصل بخطوط العقوبات التي افتتحتها واشنطن مؤخراً ضد دمشق. من المتعارف عليه، ان دمشق تتقاضى ثمن النفط الذي يمر عبر أراضيها بالانابيب. وبما أن واشنطن ادرجت دمشق على قوائم عقوبات “قيصر” وأخواته من العقوبات وابلغت بيروت بذلك قبل مدة وجيزة، يصبح ثمة استحالة في مكان ان تبادر الدولة اللبنانية إلى تسديد موجباتها من نقل النفط لدمشق في حال البدء بتطبيق المسار. وهنا، ثمة عدة مقترحات يجري تداولها في الغرف الضيقة. أولاً ضم طلب الحصول على استثناءات من واشنطن بمجال استجرار الكهرباء من سوريا بنداً آخر يتعلق بإستجرار النفط من العراق، أو تفويض الحكومة العراقية من قبل نظيرتها اللبنانية بت الأمر مع واشنطن بحكم حيازة بغداد قراراً بالاستثناءات، في حالة عدم حصول بيروت على قرار مماثل وهو المرجّح.

في الخلاصة، من الآن وحتى تحقيق ذلك، لابد للحكومتين من الاتفاق على اعتماد طرق أسرع لتأمين النفط الى بيروت أو حتى تبادله، وهذا يندرج ضمن المواضيع التي سيجري بحثها بعمق خلال الزيارة. مع ذلك، فإتمام الاتفاق بين بيروت وبغداد وضع على المسار وهو ناجز ربطاً بتحديد موعد الزيارة المفترضة.



from وكالة نيوز https://ift.tt/2OzZKr6
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل