Wednesday, July 1, 2020

إلى الرؤساء الثلاثة… كفّى

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

إستسهلت إسرائيل الواقع اللبناني فمدّت كلتا يديها إلى بلوكه النفطي القابع على الحدود الجنوبية، أو تكاد، في عملية سلب ونشل تتم على مرأى من الجميع بل يمكن رؤيتها بالعين المجرّدة إن لم نقل استشعارها بالإيادي المكشوفة ومن دون قفازات.

اليوم، تتحشّر إسرائيل بالبلوك رقم ٩ عبر التوغّل بحقل “ألون دي” المجاور وغداً ستتسلّل حتماً إلى البلوك رقم ٨ المدرج على جدول إهتماماتها المركزية، بينما الحكومة، حكومتنا، غارقة في مهاترات وفلتات وزرائها الذين كبر رأسهم إلى درجة أنهم “بطلوا يردوا” على رئيسهم الذي اكتشف أخيراً أن لديه أكثر من ضرّة تشاركه في “الكار”.

وحسّان دياب “معتر” في السياسة، ظن نفسه انه داخل إلى جنة ليجد نفسه في جحيم معظم رواده من فصيلة “القرود السياسية” الذين ما تركوا شجرةً إلا وتعمشقوا عليها لالتهام ما فيها، ولو تسنى لهم لتسلقوا أبعد من ذلك.

والمشكلة ليست في حسّان دياب وحده بل في الرؤساء الآخرين ايضاً. هم تركوا الجوهر وذهبوا يناقشون في التفاصيل. يتخابطون فيما بينهم حول من يملك المؤهلات الصحيحة لتولي مهمة التفاوض حول البلوك رقم ٩ بينما البلوك نفسه يرزح تحت خطر الاغتصاب وربما يتحوّل إلى مزارع شبعا ٢ أو تزيد القرى السبع المحتلة واحدة لتصبح ثمانية.

سلّموا منذ البداية أن الجهة المخولة إدارة التفاوض مع الجانب الاسرائيلي أميركية ونقطة على السطر. لكن في الواقع، تلعب واشنطن فيهم “بيسبول” موزّع الأدوار. واحد يرمي الكرة، وآخر يقذفها بمضرب، وثانٍ يجري ويهرول حول القاعدة، بينما ثالث يبحث عن أي إتجاه ذهبت إليه الكرة، لتسقط أخيراً في حديقة الخصم، ويكشف ذلك بعد أن يكون قد إنتهى من ابتلاعها.

وواشنطن اليوم فوضت التلاعب بحقوق اللبنانيين لإسرائيل عبر تعليق التفاوض وخلق ظروف غير مشجعة له، تارة من خلال طرح أفكار لا تخدم القواعد التي أسّسَ عليها التفاوض السابق، أي بحسب خطة هوف، فتقوم بتجميد التفاوض عبر توكيله إلى مسؤول ثانٍ أشد وقاحة وحرصاً على الحقوق الاسرائيلية من سلفه، وتارة تثير شهوات فريق سياسي، فتحثه على انتزاع التفاوض واسترداد حقوقه ربما لإدراج المتغيرات التي يُحكى عنها موضع التنفيذ، ما يخلق نفوراً بين الحلفاء ويؤسس إلى تداعي الملف.

وبينما هم كذلك، يعطي الأميركي إشارته إلى الاسرائيلي للتسلّل إلى أحضان البلوك اللبناني الجنوبي في محاولةٍ لشفطه، بينما اللبنانيون غارقون في مناقشة معادلات نفطية جديدة يجري حقنها بخفة في الجسد اللبناني المتهالك ذات المناعة المنخفضة.

إن كانوا يعلمون فهذه مصيبة وإن كانوا لا يعلمون بالتلاعب الأميركي فالمصيبة أكبر، وهي كذلك حين تُلقى تبعاتها على كاهل رؤساء ثلاث أقسموا على صون حقوق لبنان لا التفريط بها او مشاهدتها تغرق لا حول لهم ولا قوة سوى عدم “إزعال” الأميركي.

والأميركي “شاطر” بدس الدسائس، يكذب عليهم في كل مرة يزعم فيها أنه يعطي أولوية للملف، فترى موفده يصول ويجول من واشنطن إلى تل أبيب من دون المرور بالمضارب اللبنانية، بينما نحن خانعين خاضعين، كأن لا جهة مخوّلة التفاوض سوى “العم سام”، وكأنه كتب علينا ان نحتكم إلى الاميركي أو أن تصبح طاعته واجبة وإلّا نُرمى في الشارع!

لقد أوصلنا الأميركي إلى مكانٍ حكم به علينا التفاوض مع الاسرائيلي “تحت القصف”، وامام أزمتنا، تصبح أوراق التفاوض مهزوزة يسهل قضمها من الجانب المعادي، بينما إسرائيل تحرك اساطيلها وأرتالها العسكرية كأنها تقول “الأمر لي”. في ظل هذا الواقع، لم يعد يبقى للبنان من ذراع سوى مقاومته.

وبعد أن أوصلنا الاميركي بفضل سياساته إلى شفير الهاوية ويكاد يسلبنا حقوقنا، من الواجب التفتيش عن وجهة بديلة للتفاوض، والمرشحون كثر. في الشرق هناك روسيا والصين، عضوان دائمان في مجلس الأمن يمتلكان شركات نفطية “على مد عينك والنظر” ولديهما حضور موزع بين سياسي واقتصادي في المنطقة وعند دولة العدو، وفي الغرب، فرنسا وألمانيا وكليهما عضوان دائمان في مجلس الأمن أيضاً ويمتلكان شركات نفطية “ثقيلة” وحضوراً سياسياً وإقتصادياً وازناً، فلماذا صرف النظر عن هؤلاء كلهم لقاء منح حصرية التفاوض إلى الاميركي وحده لا شريكَ له، الذي لم يمارس منذ 10 سنوات من عمر بحث هذا الملف إلا ثقافة الكذب وخداع اللبنانيين وإيهامهم بأشياء غير موجودة.

روسيا وبحسب مصادر “ليبانون ديبايت” مستعدة لتولي دور وسيط نزيه في التفاوض مع إسرائيل لبت مصير البلوكات النفطية ومد العملية بجرعات أوكسجين، كذلك الصين الغير بعيدة عن ثقافة الاستثمار، ونفس المعلومات ترشح فرنسا وألمانيا للعب الدور ذاته بشهادة إندفاعتهما للاستثمار في لبنان من بوابة معامل الكهرباء والتغويز!

تبقى الأمور بالنيات، نيات الرؤساء الثلاثة أصحاب الاختصاص، وأمامهم حلّين لا ثالث لهما، إمّا خسارة البلوك رقم ٩ وفق نموذج مشابه لتطيير البلوك ٤ من السباق النفطي، وإمّا الاستحواذ على نفطنا وفرضه أمراً واقعاً غير قابل للنقاش بالاستفادة من خبرات دول أخرى وقوة دفعنا الذاتية.



from وكالة نيوز https://ift.tt/3dW3DAR
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل