
“ليبانون ديبايت”- ملاك عقيل
مقارنة بـ “سبت الفتنة” وليلتَيّ بيروت الصاخبتَين الخميس والجمعة خفّ ضجيج الشارع من دون أن يقفل الباب أمام تكرار سيناريوهات مشابهة وربما أكثر خطورة. وما حدث في ويك أند طرابلس الساخن نموذجًا.
ولعلّ الإختبار الأهمّ يكمن في نجاح “مسرحية” التوافق السياسي-المالي المعلن من بعبدا في ظل شكوك حقيقية عن قدرة المصرف المركزي على التدخل بما يكفي للجم انهيارٍ بات كبار القوم من العاملين على خطّ التخفيف من سرعته يجزمون بصعوبة تفادي وقوع الكارثة طالما الثقة مفقودة والدولار على حافة “الانقراض” وإحتياطي مصرف لبنان مدعاة ندبٍ!
عمليًا، أعطت “مشهدية بيروت” على مدى يومين متتاليين صورة عن مسارٍ سيحكم الشارع منذ الآن وصاعدًا. وفي السياق حضر الاستثمار السياسي السريع للقوى السنية والذي انعكس بوضوح إن في مواقف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أو النائب نهاد المشنوق ردّا على ما فسّر في قاموس الأول “إنجرافًا في مخطط الفتنة”، فيما بدت لافتة دعوة المشنوق لوزير الداخلية محمد فهمي الى إصدار قرار منع تجوّل الدراجات النارية لفترة محدّدة في بيروت، مصوّبًا على “خطة أمنية غير قادرة على حماية وسط بيروت”.
لكن المشنوق لم يكن وحده في ميدان المحاسبة. فالحريري وخلال جولته التفقدية في بيروت ضمّ قوى الأمن الداخلي الى لائحة المقصّرين في حماية أهل بيروت. وهي لطشة توضّحت أكثر من خلال ما أشارت اليه نائب “تيار المستقبل” رولا الطبش عن “التأخير المتعمّد في تدخل القوى العسكرية والامنية، وكأن هناك نافذًا ما يعطي الاشارة بفتح الطرق أمام هذه المجموعات والعصابات التخريبية، وعبر منع الاجهزة من التدخل”.
تتعدّد الروايات عن أسباب تأخّر القوى الأمنية في تطويق المخرّبين والمفتعلين بوسط بيروت، مع العلم أن هذا المشهد بالذات، على سوئه، يمنح الحريري ورقة شدّ العصب وتبرير استهداف الحكومة بمزيد من الاتهامات.
لكن المؤكّد أن وضع حزب الله في قفص الاتهام بإحراق بيروت يفتقر، بتأكيد مصادر مطلعة، الى الدقة في رصد الوقائع حيث تمدّدت أعمال الشغب والتخريب والحرق في الأيام الماضية من بيروت الى الشمال والبقاع والجية والناعمة وخلدة، وبات لدى القوى الأمنية داتا مفصّلة عن وجوه المخرّبين خصوصاً في بيروت ما يسهّل عملية كشف هوياتهم وانتماءاتهم واليد الخفية المحرّكة للشغب عن بعد خصوصًا أن بعضهم لم يقصّر في التقاط الصور التذكارية أمام ما اقترفت أيديهم، كما أن “مشغّلي” الباصات ومن فيها باتوا شبه معروفين للأجهزة الأمنية التي ستباشر حملة توقيفات بحقهم. فيما لا تبرّئَ الأجهزة الأمنية العديد من “المشاغبين” الآتين من أحياء العوز والفقر في مناطق محسوبة على الثنائي الشيعي.
فهل انجرّ حزب الله الى فخّ لطالما حيّد نفسه عنه بتفادي الاحتكاك المذهبي على الأرض؟
يقول مطلعون على موقف حزب الله “أن الحزب وبعد تبلور مسار يُظهِر الضغط باتجاه تطبيق القرار 1559 وتقديم مطلب تسليم سلاح حزب الله واستخدام ورقة ارتفاع سعر صرف الدولار كأحد عوامل الضغط على المقاومة، بات الحزب معنيًا بأن يكون جزءًا من الشارع اعتراضًا على الوضع الاجتماعي والمالي ودفاعًا عن نفسه، لكن الأمر بالتخريب ليس صادرًا عنه بل يجب تتبّع المستفيدين منه”.
والنزول الى الأرض الذي برز بشكل واضح يومي الخميس والجمعة لا يعني، بتأكيد المطلعين، “وجود قرار حزبي رسمي بالإحتكام الى لغة الشارع. هذا الواقع غير قائم حتى الآن، لكن الساحة لن تترك للآخرين. واليوم ما نراه في الشارع هي مجموعات على حافة جمهور الحزب وليس جمهوره، وبجزء منها متداخل مع مجموعات محسوبة على حركة أمل”.
ويصف هؤلاء هذه العينة تحديدًا من المشاركين الشيعة بـ “المجموعات الغوغائية التي تهدف لايصال رسالة بوجود قبة باط من الضاحية”.
وفي هذا السياق، يؤكد مصدر أمني “ان خليطًا من محسوبين على أمل وحزب الله ويساريين ومتظاهرين قدموا من الذوق وجل الديب ومجموعات أتت من البقاع مرتبطة إما بحزب سبعة أو المنتدى التابع لبهاء الحريري هي التي سيطرت على المشهد. لكن عمليات التكسير والتخريب والحرق قامت بها بشكل أساس المجموعات القادمة من البقاع وبناء على مهمة مدفوعة سلفًا. فيما تولّى “فوج الموتوسكيلات” الذي وصل عديده الى أكثر من ألف دراجة نارية تنظيم عراضات في شوارع بيروت الهدف منها إثبات الوجود”.
وتجزم مصادر قريبة من حزب الله بأن “الحزب وأمام تفاقم الأزمة وبلوغ سعر صرف الدولار مستويات قياسية تهدّد بانفجار اجتماعي الهدف منه استهداف حزب الله بضغط أميركي، كان مضطرًا الى السماح بـ “تنفيسة” مضبوطة داخل شارعه لم يكن المقصد منها قلب الطاولة أو المشاركة في مخطط إسقاط حكومة دياب أو اللعب على الوتر الطائفي”.
ووفق المعلومات، باشرت قوى حزبية يومي السبت والأحد بالتنسيق مع القوى الامنية اتخاذ إجراءات امتدت من خندق الغميق الى مداخل الضاحية الهدف منها ضبط هذه المداخل منعًا لدخول أو خروج مجموعات تعيد مشهد الصخب في بيروت”. واقع يدلّل على أن مفتاح هذه المداخل موجود بيدّ مسؤولي “أمل” و”حزب الله” و”الفتحة” لخروج المتظاهرين الشيعة تكبر أو تصغر بحجم نوعية المًهمة الموكلة اليها.
from وكالة نيوز https://ift.tt/30G6ZoG
via IFTTT
0 comments: