
“ليبانون ديبايت” – صفاء درويش
يوم تشكّلت حكومة حسان دياب اعتقد الجميع، بمن فيهم حزب الله، أنّها تختلف شكلًا ومضمونًا عن الحكومات السابقة. في الشكل أتى الرجل من خارج نادي رؤساء الحكومات أو أولئك الذين يعتبرون مرشحين طبيعيين لمنصب الرئاسة الثالثة. اليوم، عكس عجز دياب عن السير بما هو مختلف عن المناهج السابقة ضعفًا في مواجهة الطبقة السياسية، وانصياعًا لمبدأ المحاصصة، وتهرّبًا من فرض العناوين التي أعلن هو بنفسه عنها سابقًا: الكفاءة والإستقلالية.
هل فشلت الحكومة بنظر من شكّلها؟ سؤال دقيق لأجوبة مفتوحة لا تعدو كونها مفاتيح وعناوين للمرحلة المقبلة. وبعيدًا عن الكباش الحاصل داخل الحكومة حول التعيينات وحول عدد من الملفات التي لم ينجح دياب بإنجازها، يلوح بالأفق ما هو أكبر. الإنهيار، الذي هو عنوان المرحلة، لم ينجح دياب بإحتوائه، ولا بتفاديه، كما لم ينجح بتحمّله وحده.
النقطة الأخيرة قد تكون هي الشرارة التي تفجّر العلاقة بينه وبين داعميه. فرئاسة دياب التي ولدت سياسيًا من رحم حاجة الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر لمدير جيد للمرحلة يتناغم بإدارته مع فريق من الإختصاصيين القادرين على إبتكار الحلول، ارتدت اليوم بإنهيارها عليهم. فجسم دياب “غير اللّبيس” لا يمكنه حمل وزر تصاعد حدة الأزمة الإقتصادية بالإشتراك مع من أتى به، بل سيدفعهم لحملها وحدهم، على عكس أي رئيس حكومة آخر ممن سبقوا وتولّوا رئاسة الحكومة. هنا يسقط دياب الشخص قبل الحكومة وسياستها.
هناك، حيث مركز القرار، هناك من اقتنع بالفعل أن حكومة التكنوقراط لا تنفع للحالة اللبنانية، خصوصًا حين تشارك بتسمية وزرائها أحزاب غير معتادة على لعب دورها المنطقي الرقابي تبعًا لحجمها في المجلس النيابي، لا لحصّتها من السلطة والإدارة.
يكشف مصدر قيادي في فريق الثامن من آذار أنّ إصرار الثنائي الشيعي على تسمية الرئيس سعد الحريري قبل تشكيل الحكومة لم يكن من فراغ، وإنّما أتى بناءً على قراءة لما هو آت على البلاد، والتي أثبتت اليوم صحّتها.
لا ينكر المصدر أن اختيار دياب لم يكن عشوائيًا هو الآخر، بل بناءً على الخطة باء التي تمثّلت بتعيين كفاءات بإمكانها إدارة البلد دون الإصطدام مع الخارج. مع وقوع الإنهيار، أو على الأقل انقشاع رؤية الوصول الحتمي إليه، بات خيار العودة إلى حكومة الوحدة الوطنية أخف وطأةً على قيادة الثنائي، ويتقاطع معها في هذه النظرة رئيس الجمهورية والوزير باسيل. ينفي المصدر بتاتًا أي خطة حالية أو حتى قرار يؤدّي إلى استقالة الحكومة، مؤكدًا أن كل الكلام عن تهديد الوزير باسيل بإخراج وزرائه في حال لم تُقر التعيينات هو محض خيال ولا يمت إلى الواقع بصلة.
فإذًا، أقرّت الأكثرية النيابية بضرورة العودة إلى حكومة الوحدة الوطنية، ولكن دون تحديد التوقيت وحتى الأسلوب. ولكن، في المضمون “هيا لنجتمع سويًا لمواجهة الإنهيار بجسد وليس مجموعة تواجه وحدها فيما تدعو الأخرى للإنهيار بالإنتصار عليها.”
حسنًا، هذا الواقع يتقاطع مع أجواء بيت الوسط التي تشير أن الإتصالات بين الحريري وحزب الله لم تنقطع أبدًا، وكذلك بين بيت الوسط وعين التينة، ولكن مسألة العودة إلى رئاسة الحكومة لم تُدرس لدى الرئيس الحريري بشكل فعلي بعد، وهي إن ستحصل لن تكون اليوم. يتّهم مصدر مقرّب من الحريري الوزير جبران باسيل أنّه يسعى لضرب حكومة دياب من أجل اعادة الحريري للحكومة وإلباسه ثوب الإنهيار وحده. ورغم “كرتونيّة” الطرح هناك من يرى بتغريدة الرئيس الحريري الهجومية على جعجع رسالة “جس نبض” إلى باسيل، كون العلاقة مع الثنائي الشيعي جيّدة ومستقرّة.
المصدر القيادي في فريق الثامن من آذار يعلّق على أجواء الوسط معتبرًا أن الحريري الفارغ من أي غطاء خارجي جاهز للعودة بأي لحظة لرئاسة الحكومة، حيث يراهن على فشل المفاوضات مع صندوق النقد، وبالتالي فشل خطة حكومة دياب الإقتصادية، ليعود حاملًا معه شروطه ربّما وعدم انزعاج شعبي فرضه عجز دياب عن ضبط سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار.
بعيدًا عن تلك أجواء، يبدو جليًا أن الحاجة إلى خطة بديلة عن الحكومة غير المستقرة باتت ضرورية، وأن سعد الحريري هو المرشح الوحيد تقريبًا لخلافة دياب. وكما وضوح هذه الفكرة تبدو أيضًا ضرورة إعادة المياه بين باسيل والحريري إلى مجاريها ملحّةً للتمهيد لإتفاق جديد يعيد ما كان قد انقطع سابقًا. الحريري رفع السقف في 14 شباط الماضي دون ترك طريق معبّدةٍ للرجوع، فيما قال باسيل يومها: “شو ما انت عملت وقلت ما رح تقدر تطالني، وكيف ما انا كنت ما رح اقبل كون متلك… بتفرّقنا بعض القيم والمبادئ، بس رح يرجع يجمعنا التفاهم الوطني… رحت بعيد بس رح ترجع، الفرق انو طريق الرجعة رح تكون اطول واصعب عليك”.
from وكالة نيوز https://ift.tt/2zm89dQ
via IFTTT
0 comments: