
روضة قاسم-مخرجة ومعدة برامج
كل الأحداث المأساوية التى تحصل في العالم اجمع، الحروب والويلات والأزمات الاقتصادية والأوبئة لا تكفي صناع الدراما وشركات الإنتاج، فهم يصرون على اغراق الشاشة الصغيرة التي تعتبر متنفس كبار العمر والصغار، يصرون على انتاج أفلام ومسلسلات درامية مليئة بالدراما السوداء او فيلم نوار.
-ماذا يعني فيلم نوار ؟
هو مصطلح سينمائي يختصر وصف أفلام الجريمة والدراما الهوليودية، من بداية القرن العشرين حتى أواخر الخمسينات،
تلك الدراما التى تعشق الإضاءة الداكنة واللون الأسود بالشكل والمضمون، تلتقط انفاسها من القصص البوليسية، الجرائم، العنف والجريمة والجنس، اول من اطلق هذا المصطلح الناقد الفرنسي ”نينو فرانك” في العام 1946 وفيلم نوار يعني الفيلم الأسود.
ليس بالضرورة ان ينتهي هذا الفيلم بانتصار الخير على الشر او العكس تماماً، لكن المهم هو زرع نطفة الشر في عقول الجمهور ولا وعيه، عن طريق المعالجة للسياق الدرامي بإعطاء حيز و تفاصيل تحبب الى قلوب المشاهدين الشخصيات النافرة السيئة، حيث دائماً ما يتم اختيار شخصيات غاية في الجمال للعب ادوار نافرة وشريرة، عبر اختيار الممثل الأجمل والأكثر طيبة في ملامحها، و ملامحها لأننا بدأنا نرى حصة المرأة الكبيرة من مسلسلات العنف، فقد أقحمت المرأة مؤخراً في كل تفاصيل الجريمة والعنف، ان كان عبر استغلال جسدها او حيلتها للإيقاع بالفريسة، وحولتها الى امرأة قاتلة تصل الى ما تريد بجسدها مع سهولة في التخلي عن الأحاسيس لأجل المال او السلطة، واحياناً تصل الى استخدام السلاح والقتل، أي امرأة نقدم للعالم العربي؟ أي ابن ؟ وأي اب او اخ ؟ وكأن جميع المحطات التلفزيونية اختبارات مسلسلات تتحدث عن موضوع واحد، الجريمة المخدرات والمرأة القاتلة التي تطلق العنان لذاتها لتطويع الرجل،
هل يمكن للدراما ان تؤثر بالمشاهد؟
يعتبر المشاهد في حالة تنويم ذاتي من خلال مشاهدة أي فيلم، حيث يتلقى كل المعلومات المباشرة والغير مباشرة، فتمر على عقله مرة تلو الأخرى من قصة الى قصة، لتصبح هذه الأمور عادات يومية تخرج الى وعي المشاهد فترهق تفكيره، وتغير سلوكه بدرجات معينة وللصغار الحصة الأكبر من هذه العادات، فهي تثقل شخصياتهم وتحدد سلوكياتهم اليومية، وقد تؤدي بهم احياناً الى الانتحار أسوة بمشهد ما في محاولة لتقليد اوجاع ابطال المسلسل او الفيلم الذي اصبح جزء من حياتهم، وكما حصل منذ مدة قصيرة مع فتاة في منطقة البقاع، وكم من طفل في صغره سقط اما عن سقف منزله او أعلى خزانة الملابس محاولاً تقليد سوبر مان، على قاعدة اذا استطاع سوبر مان فأنا أستطيع، والذي تؤكده الدراسات النفسية أن الكثير من المراهقين دائمي البحث عن أيقونات تساعدهم على تكوين شخصيتهم في الحياة العادية، فهم يبحثون عن حياة المشاهير الشخصية ويلاحقون قصصهم الحقيقية، ماذا يحبون كيف يلبسون، وقد أكدت مواقع التواصل الاجتماعي التي تغص بالمشاهير هوس المتابعين لهم وتشجيعهم حتى على الأخطاء التي يرتكبونها على قاعدة أن أخطاء من نحب مغفور وبسيط.
من منا لم يلحظ تحول الدراما العربية وخاصة الأعمال المشتركة الى دراما سوداء تتمحور حول الجريمة والخيانة والمخدرات والجنس، قد تنتهي بعبرة وقد تنتهي بانهزام الخير او إنتصاره وهزيمة الشر، ولكن على مدى ما يزيد عن ثلاثين حلقة هذا أن كانت الدراما لغير شهر رمضان المبارك الذي يجب ان يتسم بالقصص الإنسانية والتسامح والمحبة وفعل الخير، فهو شهر الله كما يقولون، لماذا يتم سوق المشاهدين في عربة العنف والجريمة والتحقيقات التي أغرقت الشاشات العربية، ولن تولد الا مزيداً من العنف.
from وكالة نيوز https://ift.tt/2XdpCND
via IFTTT
0 comments: