
“ليبانون ديبايت”- ميشال نصر
أن تَرى وليد جنبلاط في المختارة بعد هجومِه العنيف على رئيس العهد وحزبه، ليسَ بالأمرِ الغريب ولا هو من عجائب الدنيا السَبع، في هذا البلد ومع “البيك” بالتحديد القادر على “التكويع” بأرضه إذا ما اقتضت الضرورة، وفقًا للحسابات التكتيكية التي يقوم بها.
فالرسائل الأمنيّة والعسكريّة التي حَفل بها الاسبوع المُنصرم من تسريب رسائلَ صوتيةٍ وأفلامَ فيديو، فضلاً عن المعلومات حول انتشار أشباحِ القمصان السود، فعلَت فِعلها في زعيم المختارة، الذي قرّر الردّ عبر “العربية”، مصعدًا آملاً في تدخل “الوسيط النوعيّ” الذي لم يتأخر بالاتصال طالبًا “الإذن” بالعمل على خط بعبدا لتأمين موعد مع رئيس الجمهورية لتخفيف الاحتقان الكلاميّ القائم، وإفساحًا في المجال أمام “البيك” للاعتراف بما يريد امام المَرجع المختصّ مباشرة، وهو ما كان بعد أن رحبت الرئاسة بالخطوة.
بأيِّ حالٍ، مهّد زائر بعبدا لجلسةِ تصفيةِ النّوايا، بتغريدة وجهّها الى اصحاب الرؤوس الاشتراكية الحامية، مستبقًا أيّ ردود فعل قد تتبع لقاءه الرئيس عون، هو المُدرك جيدًا لرغبات قواعده واصطفافها الى جانب جمهوري المستقبل والقوات، خافيًا خطوته حتّى عن حلفائه وأهل بيته.
هكذا حملَ زعيمُ المختارة مطالبه وحطَّ رِحاله في القصر الجمهوري، باحثًا مع الرئيس العماد ميشال عون مخاوفه وهواجسه، التي تتلخص بقناعته بوجود استهداف ممنهج لزعامته وطائفته، هو الذي وصله تفاصيل ملفات فساد أعدّتها جهات أمنيّة ووضعتها على مكتب رئيس الجمهورية، يُضاف الى كلِّ ذلك الحملات التي يشنُّها مُناصرو وقيادات “الوطنيّ الحرّ” بحقّ المختارة وزعيمها، في زمن فتح ملف الفيول المغشوش والغمز والتلميح من بوابة كليمنصو.
ففي ظلِّ الظروف الحالية ووفقًا لمسار الاحداث الداخلية والخارجية، قرأها “البيك” جيدًا، لا إمكانية حاليًا لقيام جبهة معارضة موحدة تضمه الى بيت الوسط ومعراب، خصوصًا أن علاقة الشيخ سعد مع السعودية ومن خلفه الخليج مُتعثرة وكل جهود الترميم لم تنجح حتى الساعة، يُضاف الى ذلك الموقف الاميركي الاخير الذي انتقد علانيّةً الحكومات اللبنانية السابقة محملاً إياها تبعات ما وصلت اليه الامور من فساد وأزمات، وفي ذلك نقطة اضافية لغير صالح “المستقبل”، الذي بدأ يعاني هزاتٍ داخليةٍ ناتجة عن دخول بهاء الحريري على خطّ السياسة الداخلية، و”هرولة” بعض الرموز الدرزية “للتطبيل والتزمير” له. أمور تدفع باتجاه اعادة التّموضع حاليًا انتظارًا لما قد تكون عليه الاوضاع في الاسابيع والاشهر المقبلة.
عليه، يصفُ المتابعون للقاء الذي دام حوالي الساعة، بالجيّد حيث تناولت النقاشات الاوضاع العامة في البلاد، ورؤية المختارة للمرحلة المقبلة، على الصُعد كافة، وسط إصرار واضح من قبل الزعيم الدرزي على التأكيد أن لا رغبة له بإسقاط الحكومة وهو غير ساعٍ لذلك، ملمحًا في اكثر من محطة الى استعداده لتخفيف لهجته ومعارضته في حال استبدلت السلطة والعهد مشروعهما في استهدافه عبر التعيينات او غيرها، طارحًا امكانية التعاون في اكثر من ملف.
هكذا اذًا خرج طرَفيّ اللقاء “منتصرَيْن”، محققين النقاط في مرمى الحلفاء والخصوم على السواء. وليد جنبلاط كسَبَ وقتًا اضافيًا في هذه المرحلة الحساسة آملا في اتضاح الصورة بشكل أفضل، حيث المهادنة تفي بالغرض حاليًا وفقًا لقواعد لعبة البرغماتية التي يجيدها جيدًا، وطالما ان “لا شيئ” يخسره فهو باع للرئيس” سمك” بالبحر”.
اما رئيس الجمهورية من جهته، فقد ربح ورقة اضافية في معركته لانجاح طاولة الحوار يوم الاربعاء بعد” المقاطعة السنيّة” التي بادر اليها الرئيس سعد الحريري. فلقاء بعبدا حيّد المكوّن الدرزي الذي كان يمكن ان يقاطع بدوره، كما انه سيجبر “القوات اللبنانية” على الحضور، حاشرًا عين التينة في الزاوية مع استيعاب “حليفها اللدود” ليخرج بذلك “المستقبل” من اللعبة.
عنوانُ “تنظيم الخلاف” الذي فتح ابواب بعبدا امام المختارة، قد “يسكر” أبوابًا اخرى أمامها.
فهل تؤدي خطوة “البيك” الى الفراق مع “الشيخ”؟ أم انه سيلعب دور الوسيط مع بيت الوسط كما المَح؟ وكم ستصمد الهدنة الجديدة؟
الواضح انه مع الزعيم الجنبلاطيّ يستحيل التنبؤ لاكثر من ايام معدودة، فكيف في ظلّ بلد وحالة تتغير اموره دراماتيكيًا بشكل سريع.
from وكالة نيوز https://ift.tt/2KX7eCZ
via IFTTT
0 comments: