Monday, May 11, 2020

حزب الله… بين سعد وبهاء!

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

لدى حزب الله خط أحمر عريض محظور تخطّيه في العلاقة مع آل الحريري ودائماً ما يعود إليه الفضل في تنظيم العلاقة مع بيت الوسط. الفتنة السنيّة – الشيعية، وهو لغاية درء تلك “المنبوذة”، رفعَ الاستثناء في كثيرٍ من المجالات على رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.

كُثرٌ عندهم “حشرية” في الدخول من خرم إبرة العلاقة “المُلتبسة” التي تَجمعُ حزب الله بسعد الحريري في محاولةٍ منهم لكسبِ نقطةٍ في الوصول إلى فَهمِها وفكفكة أحجيتها المثيرة للجدل والفضول في آنٍ معاً ولمعرفة الأسرار التي تخفيها والاطلاع على “بيت القصيد” الذي يتكفّل دائماً في تحييد كلّ منهما عن دائرة استهداف الآخر.

أكثر سؤالٍ يسبحُ في مخيلةِ البعض هو سبب مُداراة حزب الله لسعد الحريري وتفهّمِه إلى هذه الدرجة رغم كل ارتكابات الأخير السابقة، إلى نحوٍ مكّن الحزب في أكثر من مرة أن يحيط الحريري بكثيرٍ من الاهتمام و”الغطاء” سيّما خلال وجوده على رأس الحكومة السابقة متولياً الدفاع عنه في أكثر المواقف حرجاً، وثمّة غرابة سُجّلت ذات مرةٍ في رفع صورة “الشيخ سعد” من جانب بعض المناصرين المحسوبين على الثنائي الشيعي على درج جامع محمد الأمين زمن سريان مفعول “الثورة”. واقعة زادت من جدلية المشهد.

لا نُبالغ إذا قلنا أنّ الحريري يتمتّع بقناة تواصلٍ فريدةٍ من نوعها مع حزب الله. الافطارات و”العشوات” والسهرات التي تلامس خيوط الفجر يطول شرحها. ليس سراً أنّها هُندِّست على قياسه، ويكاد أحدٌ أن يحوز على نسخة مشابهة. هي القناة التي أدّت إلى وضع سعد تحت مجهر الرقابة السعودية مسبوغاً بدائرة شك من تصرفاته حوّلته أسيراً ذات تشرين وكادت أن تتطور إلى مسارات أخرى.

الدخولُ في العلاقة مع سعد الحريري يؤدي إلى فهم أنّ ثمّة جانباً “وجدانياً” وغير سياسي تفوّق على الاختلاف السياسي بين الجانبَيْن. ربطُ النزاع المبرم بينهما أسّس إلى علاقة حوارٍ وتفاهمٍ ومن الواضح أنها خفّفت من اعتراضات سعد على الحزب والعكس صحيح، لو أنّه لم يُغادر الكثير من الاختلافات الجوهرية مع الضاحية، لكنّه في نهاية المطاف يحتكم إلى الواقع اللبناني. علاقةٌ جدليةٌ يُشبِّهها البعض بتلك التي نشأت بين السيد حسن نصرالله والرئيس الشهيد رفيق الحريري خلال المرحلة الاخيرة من حياته.

بإختصارٍ، يلقى حزب الله تفهّماً في العلاقة من جانب الحريري، أتت نتاج فصولٍ مديدة من الاختلاف وأدّت إلى بلورة حالة من التلاقي والتفهّم بين الجانبَيْن لا يُخفى عنها بريق دور الرئيس نبيه بري الذي تولى التمهيد لها ووضعها على مسار مستقيم يقوم على إحترام نظرة كل منهما للآخر، ولو أنَّ العلاقة مع الحزب أسّست إلى تفريغ الكثير من الالتباسات السابقة لكنّها في المقابل نمَّت عداوات على طرف الحريري.

بالنسبةِ إلى حزب الله خيار سعد الحريري كشخصٍ معتدل داخل الطائفة السنيّة أفضل بكثير من أي خيار آخر، وليس سراً أنَّ الحزب يُراعي مصالح الحريري ولا يضره أن يبقى ممسكاً بزمام الأمور بل يطمح في توسيع “بكار” العلاقة معه وبالتالي الحزب ليس في وارد التضحية به على رأس طائفته مقابلَ بديلٍ “غير مضمون”. هذا يدركه الحلفاء جيداً، سيّما وأنَّ التجربة الاخيرة كان لها وقعها الخاص. والحزب يعلم كما الحريري، أن الطائفة السنيّة عرضة للعواصف السياسية التي تسعى إلى تغيير معالمها، بخاصة الدينية، وقلبَها من مكان لآخر.. هنا مفتاح العلاقة بين الجانبَيْن.

بخلافِ ذلك، يتوجَّس حزب الله من “الدخول المريب” لبهاء الحريري على المشهد وسط هذا الضباب المسيطر، ولو أنَّه لم يُصدر عنه موقفاً علنياً بعد، لكنه أخضعَ ما يجري إلى دراسة معمّقة بغية فَهمِ الخلفيات الحقيقية وهل أن الرجل يحظى بـ “رافعة إقليمية” أم أن المشهد لا يغدو أكثر من زوبعة في فنجان.

مشكلةُ بهاء الحريري لا تعود إلى قراره الانغماس في المعترك السياسي، هذا حقّه بالتأكيد، بل في إختياره أن يأتي الدخول من بوابة الفوضى، تحديداً افتعال الفوضى وإثارة الغبار داخل البيئة السنية وهذا موضع شبهة لدى الحزب. يُصبح “ضرب الجنون” الذي يُقدِم عليه النجل الأكبر لرفيق الحريري مفهوماً طالما أنه يعتمد على ثلّة مستشارين من أصحاب العراضات والمكبوتين سياسياً.

والرَيبة تتعدّى ذلك، خاصة أنّ دخول بهاء أتى مصحوباً بإرتفاع قيمة السعي للاستثمار في محيط يُكثِر من الجفاء مع “الجار الشيعي” يتولى إدارته بعض الحاقدين الذين غدوا أعضاءً بفريق “النجل الأكبر” ولا يخفون ولَعهم بالحركشة في “بئر” العلاقة السنيّة – الشيعية، أي الخطّ الاحمر المحظور التلاعب به، ويبدو أنَّ بهاء لا يُقيم وزناً لهذا الخط بل لا يجد حرماً في اللعب فوقه!

من حقِّ الضاحية أن تتوجَّس. يُقال هنا أنها ضحّت كثيراً من أجل إخراجِ لعبة الفتنة “السنيّة – الشيعية” من دائرة الاستغلال، وبالطبع ليست في وارد السماح بإعادة نبشها سواء تحت ذريعة الجوع أو الثورة أو استغلال التباين مع سعد الحريري حتّى، المطلوب منه اليوم صونَ وحدته الداخلية ضمن طائفته وإعادة صيانة العلاقة مع محيطه.

لا بدّ أنَّ الضاحية قد أخضَعت الدخول “البهائي” المستجد إلى رقابةٍ مشدّدة، والمقربون منها لا بدّ أن تولوا إحاطة من يعنيهم الأمر عِلماً إلى محاولة بهاء اجتذاب عناصر محدّدة لا تقيم وزناً لحدود الخطر المتأتي عن نكء جراح العلاقة بين السّنة والشيعة وهذا مرجح.. وللحديث صلة.



from وكالة نيوز https://ift.tt/2xUee0t
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل