Monday, April 13, 2020

واشنطن تطرح “الفوخرة”… المال مقابل النأي بالنفس!

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

لم تعد قضية عامر الفاخوري مسألة عادية أو كناية عن ملف شخصٍ بل غدت أو تحوّلت إلى نهجٍ.

الأميركيون يريدون “فوخرة” كل شيء في لبنان تقريبًا. اليوم الفاخوري وقبل ذلك حمل المشروع صفات وأسماء عدة، يبقى الثابت أن نهج الترويض هو هو ولم يتغيَّر يومًا.

يحق للاميركيين التنعّم بملذات أمَّنتها “قضية الفاخوري” لهم. بدا لبنان خانعًا وقتها. اصلًا، الخنوع صفة يحملها الكثيرون هنا. هي شيءٌ أسهمَ في زيادة ترفّع السفيرة الاميركية الجديدة، كيف لا تفعل وهي حين وطأت وكالتها الدبلوماسية طلبت الفاخوري فأخذته على طبقٍ من طائرة!

“الفوخرة” أصبحت المفتاح – النهج المعتمد لكل قضية تقريبًا منذ أن أدركَ الأميركيون جحودنا. في مسألة التعيينات المالية الأخيرة عادَ طيف الفاخوري للظهور. في الجلسات الضيّقة تتسلَّلَت “الفخورة” وعمّمت على كلِّ قضيةٍ أو ملفٍ.

لقد عثرت السفيرة الجديدة على نقطةِ ضعفٍ. من جالسها وجدها من النوع الدبلوماسي الصعب. مختلفة عن السفيرة اليزابيت ريتشارد. دوروثي شيا ضليعةٌ في ملفات الإقليم. تتلمذت على أيدي كبار الدبلوماسيين المخضرمين في قضايا المنطقة. تتبنى نهجًا دبلوماسيًا فيه ما فيه من رائحة “تل أبيب” التي أدت فيها الخدمة لأعوامٍ. هي في الأصل تعرف وضعية لبنان جيدًا، تحديدًا وجود وحضور حزب الله وحلفائه فيه. لذا فإنّ كلّ ما تنطلق منه محدَّدٌ أو محضَّرٌ سلفًا.

على طرفٍ نقيضٍ، يرسم حلفاء حزب الله مشروعهم الخاص وهم يشاهدون البرنامج الأميركي المحلي ينمو ويزدهر. التخبط لديهم ماثلٌ وبوضوحٍ. اللهم ليس سوى حزب الله العاقل أما البقية فما هم إلّا فرقة مجانين يتبطّحون على الصغيرة والكبيرة.

في مجلس الوزراء، كاد “تباطحهم” أن يؤمن العبور إلى خياراتٍ مطلوبة أميركيًا في التعيينات المالية. رُبَّ من قال أنّ ذلك كلّه رُسِمَ بعنايةٍ!

التباطح، طيَّرَ التعيينات نعم، يبرز رأي طرفٍ يرى أنّ في ذلك تأمينًا لمصلحةٍ أميركية مطلوبة كانت تخشى في حال لو مرَّت التعيينات من دون أن تلحظَ مطالبها. المريب أنّ حلفاء الحزب يُفتَرَض أنهم أدرى بمكة وشعابها. يعلمون ما تريده واشنطن جيدًا فتعاملوا معه بكثيرٍ من القبول! اطاحوا بإمكانية صدور نسخةِ التعيينات لا تأخذ بالتمنّياتِ الأميركية ما سمحَ للسفارة في أن تأخذَ “النفس” قبلَ تهيئة زيادة منسوب الضغط في محاولةٍ لتثبيت الاسم المدعوم وإمراره لاحقًا.

في الدعم تحت لواء جائحة كورونا يأخذ الأميركي ما يريد أيضًا. يُمرِّر ما يؤمّن مصالحه. يمدّ بيروت بمساعداتٍ طبية ثم تتولّى السفيرة قبض الثمن في السياسة. قبل أيّامٍ، اجتمعت بوزيرٍ سياديٍّ. استوضَحت عن البرنامج الإقتصادي للحكومة ثم قدَّمَت مشورتها إليه: “لا بدّ للتوجّه نحو صندوق النقد. من مصلحة لبنان ذلك”.

العبور نحو “البنك الدولي” مرتبطٌ بتنفيذِ مجموعةِ خطواتٍ لا بدّ أن تبصمَ الحكومة عليها، منها: برنامج إصلاحي حكومي – مكافحة فساد – نأي بالنفس. هذا ما وضعته شيا في عهدة الوزير!

إذا تم استثناء الأولى على إعتبار أن الحكومة تبحثها، ومررنا عن الثانية لأنّ الأميركي عبَر إلى عمق الملفات من بوابةِ الفسادِ الذي رعاه طيلة أعوامٍ فجعله بمثابةِ إستثمارٍ مربحٍ أتاح له فرض مشيئته على الحكومات بحجة “العوز السياسي”، يبقى النأي بالنفس، الحاجة الاميركية الملحّة.

المنطق الأميركي الحالي المُعمَّم في لبنان والذي أبلغت السفيرة شيا مضمونه إلى الوزير السيادي يمكن إختصاره بالتالي: “المال مقابل النأي بالنفس” أو “أعطنا النأي وخذ المال”. تصريحٌ أميركيٌّ واضحٌ للعبور نحو البنك الدولي. ما يهم الأميركي هو النأي بالنفس لا أكثر ولا أقلّ، لكن النأي عن من؟ وهل إسرائيل مشمولة بالقائمة؟

من “قبرشمون” نبدأ وعند الفاخوري ننتهي. قائمةٌ تضمّ سلسلة من التدخلات الأميركية الفاضحة. آنذاك وفي حمى إندلاع الكباش في الجبل خرجَ البيان الموقّع من عوكر يتبنى نظرية النائب السابق وليد جنبلاط ويرسم “الخطّ الأحمر أمامه”. فجأة تحوَّلَ كلّ شيءٍ من تشدّدٍ إزاء الملف إلى ليونةٍ عدّلت في المطالب من إغتيالٍ يجرّ المجلس العدلي إلى المحكمة العسكرية ومن ثمّ لقاء في بيت الدين.

مضت التدخلات بعد ذلك. من ملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل والحضور الاميركي دفاعًا عن وجهة نظر العدو إلى التدخل في مسار عمل اليونيفيل ومحاولة تعديل مهامها بما يتلاءَم مع مصلحة العدو إلى “فيتو” مرفوع أمام تسليح الجيش من خارج المخازن الاميركية, ولا ينفصل عنهم الإسقاط الأميركي لقرار الأمم المتحدة القاضي بتعويض إسرائيل عن لبنان بمبلغٍ يفوق المليار دولار من جراء الأضرار البيئية التي ترتبت عن حرب تموز، ولاحقًا، سلسلة العقوبات والضغوطات ذات الطابع المالي وفرض محمد بعاصيري وإدارة مشروع مواجهة حزب الله.. لمحة عن رُزمِ تدخلاتٍ أميركية وللحديثِ صلة.



from وكالة نيوز https://ift.tt/2Xw9CI6
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل