
د. شريف نورالدين
بتاريخ: ٢٨ \ ٣ \ ٢٠٢٠ م.
* مقدمة:
نعمة أم نقمة؟
كان اكتشاف النفط، محطة فاصلة في تاريخ البشرية غيرت من شكل المجتمع وتركيبته، في مختلف المراحل الزمنية منذ اكتشافه. قد تختلف الآراء حول ضرره أو نفعه للدولة والمجتمع، لكن لا خلاف حول أثره الكبير في كلتيهما.
– قبل هذه الطفرة النفطية اشتغل قاطنو الجزيرة العربية على الزراعة حول الآبار العميقة، والرعي في السهول والوديان على ما تفيض به السماء من المطر القليل، واشتغل أبناء الساحل الغربي والشرقي بصيد الأسماك واللؤلؤ، وخدمة السفن العابرة عبر هذه المياه، حتى كان العائد البترولي إيذانًا بالرخاء.
-أدت صدمة النفط في الستينات الى متغيرات، مع ما ارتبط بها، من تكوّن ثروات مالية ضخمة غير مرتبطة بجهود أو قدرات فنية أو مهارات، إلى إحياء فكرة الريع والاقتصادات الريعية، فخلال فترة قصيرة من الزمن ، تدفقت أموال هائلة بشكل لم يسبق له مثيل إلى عدد محدود من الدول النفطية دون تكلفة مماثلة (تكلفة الإنتاج)، حتى انعكست هذه الظاهرة على أنماط السلوك الإنساني في هذه المجتمعات ودولها، ومع مرور الوقت تراكم رأس مال الدولة حتى غدت الرقم الأهم في كامل الحياة الاقتصادية، وهذا ما دفع الدكتور حازم الببلاوي للقول بأن تعريف الدولة الريعية لا يكتمل إلا باستئثار فئة قليلة (الطغمة الحاكمة) بالريع، دون الغالبية العظمى التي لا يكون لها من الريع إلا حق الانتفاع دون التملك، ومن هنا تتركز القوة السياسية بيد تلك الصفوة، وتنشأ الدولة التسلطية، ليس في السعودية وحدها، وإنما في معظم البلدان الريعية بشكل عام.وتختلف الدولة التسلطية في بلدان الخليج عن غيرها من البلدان العربية، إذ إنها لم تمر بمرحلة التحرر الوطني ومقاومة الاستعمار التي مر بها العرب في الفترة بين عامي 1920 و1958، التي استمد منها الحكام العرب شرعيتهم، ولهذا فإن شرعية التسلط والاستبداد في بلدان الخليج لم تكن إلا عبر احتكار السلطة والقوة، وتمثلت مواطن هذه القوة في المملكة السعودية في مزاوجة السلطة بالدين والمال.
كما يمكن حصر التغييرات المصاحبة للنفط في ثلاث دوائر؛ على مستوى السياسة الخارجية، عربيًّا انتقل مركز القيادة إلى الرياض بديلًا عن القاهرة، وعالميًّا فرضت الولايات المتحدة وصاية على الدول المصدرة للنفط. على المستوى الداخلي تشكلت الدولة الريعية بكل سماتها، وأخيرًا طالت التأثيرات النفطية المجتمع الخليجي بكل مكوناته.
– تمثلت الحلقة الأولى والأساسية في التبعية الكاملة للغرب، تبعية سياسية وثقافية واقتصادية، يُعاد تدوير المال، وتسرق خزائن الشعوب بعد تغيير أنماط معيشتهم وتغذية نزعاتهم الاستهلاكية، وحلقة أخرى من التبعية ظهرت في الحكام غير الديمقراطيين، بنظر هؤلاء، الذين هم أدوات الاستعمار ورعاة مصالحه، أما الحلقة الثالثة فكانت نتاج الطفرة النفطية، مع تبعية بعض العرب لبعضهم، وضياع هيبة الدول العربية التاريخية مثل مصر والأردن وسوريا والعراق لصالح بلدان أخرى صغيرة كالإمارات وقطر والكويت.
– وفقًا لمن يتبنى تلك النظرية، فمن خلال هذه الحلقة الأخيرة استطاع الغرب أن يدير لعبته، يخيف هذه البلاد بالعداون عليها، ويفرض عليها الإتاوات نظير الحماية، فتمتلئ الخزائن الأمريكية والأوروبية بالمال المدفوع سلفًا نظير النفط، ويفرض ذات المحتل جناح رحمته على العرب الفقراء في الدول الأخرى، ولو كان نفط العرب للعرب ، كما دعا لذلك الكاتب والمفكر محمد جلال كشك في كتابه «قيام وسقوط إمبراطورية النفط»لما استطاع المحتل إخافة الدول الصغيرة، ولا إذلال الكبيرة.
كما يرى متروك الفالح.(أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود)في دراسته عن المجتمعات العربية أن المجتمع الخليجي، ذو طابع عائلي أو أسري يغلب عليه، فلا تتكون الطبقة بمفهومها الغربي حول الانحياز المصالحي الفردي، إنما حول مال القبيلة أو العائلة، ومصالحها الجامعة، وهو ما يضعف – برأي الفالح- الطبقتين الرأسمالية والوسطى في المجتمع السعودي، ويجعلهما عاجزتين عن ممارسة حقهما المشروع في الضغط على الحكومة، لأنهما يفترض أن يكونا عماد المجتمع المدني، وفي ظل غياب النقابات في السعودية، تتحاور السلطة مع البيروقراطية الحكومية من خلال العوائل.
ولأن الطبقة الوسطى هي الركيزة الاقتصادية والسياسية لأي مجتمع، يسعى المخطط السياسي لتوسعتها على الدوام، لتكون أوسع قاعدة من تلك العليا والدنيا، فمنها يأتي معظم العاملين المؤثرين في الدولة، وهي التي تدفع القدر الأكبر من الضرائب والتبرعات، وتحرك النشاط الاقتصادي والاجتماعي.
أما المملكة العربية السعودية لم تحظ الطبقة الوسطى بالكثير من الاهتمام، ذلك أن الترقي من أسفل لأعلى مرهونٌ بالعائلة ومدى قربها من صانع القرار “موزع الريع”، وما يجعل محمد بن صنيتان في كتابه «السعودية .. الدولة والمجتمع» يدعوها طبقة، أنها ترعى مصالحها أيما رعاية، وتعمل بقوتها المتاحة لتهميش الفئات الاجتماعية الأخرى، لكنها لم تتشكل كطبقة ابتداءً على النسق الأوروبي، وعليه فإن ترتيب الطبقات في المجتمع السعودي مردّه إلى قرب الشخص أو عائلته أو عشيرته من مالك الريع وقابض ثمنه.
أما ما شهدته القارة الأوروبية من ثورة صناعية مع اكتشاف الطاقة (النفط)، استتبعت معها إعادة ترتيب المجتمعات المحلية وفق القواعد الجديدة، كما قسمها كارل ماركس(عالم الاجتماع والفيلسوف الألماني) المجتمع إلى ثلاث طبقات رئيسية:
– الطبقة الرأسمالية، وهي التي تملك وسائل الإنتاج، وتهيمن بما لها من قوة اقتصادية، وسياسية، وثقافية، على المجتمع.
– البروليتاريا، وهي الطبقة العاملة بالأجر، لا تملك وسائل الإنتاج، كل ما لديها قوة عملها، وهي الطبقة التي دائمًا ما تقع تحت هيمنة الطبقة الرأسمالية.
– الطبقة الوسطى، وهي الواقعة بين الطبقتين، فيها من يملك وسائل إنتاج بسيطة، ومن لديه وسائل إنتاج لا يستأجر عليها أحدًا، إنما يعمل بنفسه عليها، هذا التقسيم الذي ذهب إليه ماركس، إنما هو نتاج حركة السوق.
*تعريف النفط :
– النفط: هو خليط معقد يتكون من جزيئات عضوية مختلفة تسمى الهيدروكربونات (الهيدروجين والكربون)، والتي تكوّنت من الحياة البحرية الميتة وبقايا الكائنات الحية التي عاشت منذ ملايين السنين وتعرضها لعوامل الضغط والحرارة، وقد يختلف النفط الخام في التكوين من مكان لآخر؛ بسبب تنوع الكائنات الحية، والرواسب، والعوامل البيئية الأخرى التي تشارك في تكوين النفط. ويتكوّن النفط الخام تحت الأرض نتيجة تعرّضه لضغوطٍ مختلفة حسب العمق، ويمكن أن يحتوي على كمية كبيرة من الغاز الطبيعي، كما يمكن أن يحدث تدفق للمياه الجوفية إلى البئر النفطي ليختلط بالنفط الخام والغاز. وخلال عملية الاستخراج يتم فصل كل مكوّن على حدة، حيث يتم إرسال النفط الخام النظيف للتخزين عند الضغط القريب من الغلاف الجوي.
أيضا”هو عبارة عن سائل كثيف قابل للاشتعال، أسود يميل إلى اللون الأخضر ويتواجد في الطبقات العليا من ال قشرة الأرضية، ويُطلق عليه مجموعة من الأسماء أهمها: الكحيل أو القطران والزيت الخام، والذهب الأسود والبترول.
* طرق اكتشاف النفط :
تحديد أماكن وجوده:
ان من اوائل مراحل استخراج النفط من باطن الأرض هي عن طريق تحديد أماكن وجوده داخل الأرض ويتم ذلك عن طريق عدة طرق ومنها : الاعتماد على عمليات المسح الزلزالية لاستكشاف أماكن وجود حقول النفط وايضا يمكن استكشاف أماكن وجود الحقول عن طريق الأقمار الصناعية والتصوير الليلي، وايضا يستطيع العلماء المختصين بعلم الجيولوجيا ان يأخذوا عينة من الأرض المشكوك في وجود النفط بها ويحللها ويمكن بذلك معرفة أماكن وجود النفط ويمكن أيضاً عن طريق عمليات تفجير تحت طبقات الأرض وانتظار ما تقدمه من استجابات زلزالية وايضا قياس جاذبية الأرض وقياس مغناطيسيتها.
حفر الآبار:
بعد التعرف والتأكد على أماكن وجود النفط ومعرفة المكان تحديدا الذي يوجد به الحقل المحتوي على النفط يتم حفر الآبار للوصول إلى مكان وجود النفط حتى يتم سحبه وذلك يتم بإحداث حفرة عميقة جدا عن طريق حفار مخصص لتلك الأعمال تسمي منصة حفر النفط، وبعد ذلك يقوم الباحثون بتثبيت انبوب طويل داخل الحفرة لتسهيل عملية استخراج النفط من خلالها وتاكيد تكاملية الحفر وتثبيت الصمامات للتحكم في عملية الضغط وتدفق النفط خلال الأنبوب.
*استخراج النفط واستخلاصه :
– تتم تلك العملية علي مرحلتين وهما الاستخلاص الأولي والاستخلاص الثانوي .
– الاستخلاص الاولي وفيه يتم تحفيز خزان النفط بالاعتماد على مجموعة من الماكينات والآليات المخصصة لتلك العملية، حيث يتم فيها سحب النفط من البئر ووضع الماء الطبيعي مكانها ثم نشر الغاز ورفعه إلى قمة الخزان والتخلص من الجاذبية الناتجة عن تحرك النفط إلى أعلى الأنبوب.
– الاستخلاص الثانوي وفيه يلجأ الباحثون والجيولوجيين إلى استخدام أساليب ثانوية للاستخلاص ويحدث ذلك عن طريق حفر خزانات النفط بالماء لرفع قدرته علي الضغط وتحفيزها وتحفيز ابار البترول على زيادة قوة الرفع الغازي عن طريق حقنها بثاني اكسيد الكربون او الهواء.
* تاريخ اكتشاف الإنسان للنفط :
تم اكتشاف وجود النفط لأول مرة في القرن الرابع الميلادي حين قام العمال الصينيون بحفر أول بئر للنفط في جمهورية الصين الشعبية، حيث كان يتم إحراق النفط لإنتاج الملح من خلال تبخير الماء المالح، وفي القرن الثامن الميلادي استخدمت مادة القار النفطية في رصف الطرق الجديدة في بغداد، كما قامت أذربيجان في القرن التاسع الميلادي بحفر حقول النفط للحصول على النفط بطريقة اقتصادية، وبحلول القرن العاشر الميلادي استخدم الصينيون أنابيب الخيزران لوصل المياه من منابع المياه المالحة. ويبدأ التاريخ الحديث للنفط في عام 1853م عند اكتشاف عملية تقطير النفط للحصول على مادة الكيروسين، كما تم صناعة النفط لأول مرة في أمريكا في عام 1859م بفضل اكتشاف إدوين دريك للزيت، وفي عام 1861م تم بناء أول معمل تقطير في روسيا في حقل النفط الطبيعي، وفي كندا اكتشفت حقول كبيرة للنفط وتم تطويرها واستغلالها صناعياً.
* مكتشف النفط حديثا” :
– يُعتبر ماكس ستينكي أول مستكشف للنفط في العالم، وهو من كبار علماء الجيولوجيا في شركة كاليفورنيا ستاندارد أويل ” كاسوك ” منذ عام 1936م وحتى عام 1950م، له جهود وإصرارات مختلفة رغم حالات الفشل والنكسات التي تعرَّض إليها، لهذا كان له دور كبير في اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية.
– قصة اكتشاف النفط. أصدر المهندس ماكس مجموعة من التعليمات والإرشادات لعمال الحفر عام 1936م حتى يتم حفر بئر عميقة في الدمام، وبعد عشرة أشهر شاهد أحد العمال 5.7 لترات من الزيت ممزوج في طين الحفر، وفي آخر يوم من عام 1937م استطاع العمال التحكم في البئر، وتمَّ حفره إلى عمق 1382م. وعلى الرغم من وصول العمال إلى تلك المسافة إلا أنَّهم لم يجدوا كمية مناسبة من الزيوت، ولكن في عام 1938م، تمَّ قذف كمية كبيرة من السوائل والغازات خاصة عندما وصل عمق الحفر في البئر إلى 1440 متر، حيث تمَّ إنتاج 1585 برميل في اليوم الرابع من مارس 1938م، وارتفع هذا العدد فوصل إلى 3690 برميل في اليوم السابع من مارس، وبعدها تمَّ إنتاج 2130 برميل، ثمَّ 3732 برميل، ثمَّ 3810 برميل.
– علم الملك عبد العزيز بالأمر قامَ بتوقيع اتفاقية الامتياز للبحث عن النفط في شركة ستاندرد أوف كاليفورنيا، وفي عام 1935م بدء حفر بئر الدمام، وبعد انتهاء سبعة شهور متتالية من العلم تمَّ إنتاج نسبة عالية من الغازات، ولكن توقف العمال عن هذا الإنتاج بسبب تعطيل عدد كبير من معدات وأدوات الحفر.
* منتجات النفط :
– المنتجات الكيماوية : الأسمدة، والمبيدات الحشرية،
– المنتجات النفطية: البنزين. الديزل. وقود الطائرات. الأسفلت.
– الألياف الاصطناعية. مستحضرات التجميل. الهواتف الذكية والنظارات الشمسية.واللدائن، والأدوات البلاستيكية، والأنابيب، والأقمشة، والحرير والجلود الصناعية.
* أهمية النفط:
– يستخرج منه مشتقات كثيرة مثل الفحم والسولار .
– يرفع المستوي الاقتصادي العالمي .
– إيجاد فرص عمل للشباب .
– يدخل في الصناعات البتروكيماوية.
* مستخدمات النفط:
– يُستخدم النفط في عمليات توليد الكهرباء، وإنارة وتدفئة البيوت والمركبات والمنشآت والمباني على اختلاف أنواعها وأشكالها، كما يُستخدم في جميع المجالات المدنية والعسكرية، حيث يدخل في عمليات النقل البري والجوي والبحري للمركبات، وهو وقود للطائرات والسيارات والبواخر والقطارات.
– الصناعة يدخل النفط في إنتاج حوالي 300 ألف منتج صناعي مثل: الصناعات الزراعية والحربية، والصحية والكتابية والمنزلية، وتعبيد الشوارع والطرق، وصناعة خراطيم المياه والطاولات والأشجار الصناعية والستائر والإسفنج الصناعي وعدد كبير من اللدائن والصناعات البلاستيكية.
* التسرب النفطي وآثاره :
– تؤدي عملية استخراج النفط وإنتاجه إلى توليد النفايات الملوّثة والضارّة بالبيئة، كما أن استخراج النفط البحري يُحدث الضرر بالكائنات البحرية ويؤثر في بيئتها، وقد يقتل النباتات البحرية في قاع البحر، ويؤدي احتراق النفط إلى حدوث انبعاث لغاز ثاني أكسيد الكربون الذي يلعب دوراً مهماً في ظاهرة الاحترار العالمي، وبمرور الوقت زاد الاحتياج العالمي للنفط وزادت عمليات التنقيب عنه، كما زادت عمليات نقل النفط من موقع لآخر، وأدت هذه الزيادة إلى ظهور كميات كبيرة من الملوّثات في البحار، والأنهار، والمحيطات بسبب حوادث التسرب في ناقلات النفط، وقد تبين أنه من الصعب التحكم في التلوث البحري أو منع انتشاره؛ لأنه يعد خطراً عائماً ومتحركاً، وتتحكّم فيه عوامل عدة أهمها: اتجاه الرياح، وعوامل المد والجزر، وشدة الأمواج، وقد تنتقل الملوّثات بواسطة الأسماك الملوّثة من مكان إلى آخر.
* التقليل من أضرار استخدام النفط :
– المعروف أن البترول يُستخدم كمصدر طاقة رئيس أكثر من مصادر الطاقة الأخرى المتاحة، وتعد المواد التي تُنتج أو تُصنع منه، ذات طلب عالٍ من قبل المستهلكين، فلا يمكن الاستغناء عن أغلبها كالدواء أو المواد الزراعية. بغض النظر عن أهمية البترول الكبيرة في حياتنا، إلا أنه يعتبر مصدراً أساسيّاً من مصادر التلوث الجوي والمائي، ولهذا لا بد من إيجاد طريقة نخفف بها من ضرره الكبير، لذا قامت الكثير من شركات البترول عام 1970م بتطوير آليات تصفية البترول وتنقيته وتنظيم عمليات النقل والتوزيع والاستهلاك لتصبح أقل ضرراً على البيئة، فقد تم التطوير على البنزين لكي تتم عملية حرقه بشكل نظيف دون إصدار غازات ودخان وأبخرة عن طريق تقليل كميات أكاسيد النيتروجين، والرصاص، وأول أكسيد الكربون والهيدروكربونات التي يتم إطلاقها في الهواء. وتقع على الحكومات مسؤولية التقليل من الأضرار الناجمة عن استخدام البترول فعلى سبيل المثال تقوم الولاية والحكومة الفيدرالية في أميركا بالسيطرة على عملية التنقيب على البترول؛ لحماية البيئة وتجنب عمليات التنقيب الجائر عنه، حيث تعتبر بعض المناطق التي تحتوي على آبار البترول، مناطق محمية من قبل الحكومة الفيدرالية ولا يجب التنقيب فيها إلا بإذن منها.
* تراجع أهمية البترول واستخدامه :
– كلما زاد الطلب على البترول، زادت سرعته بالنفاد، وبالتالي سيزداد سعره، لهذا صار الباحثون والناس بشكل عام يبحثون عن مصادر أخرى للطاقة غير البترول، بحيث تكون هذه المصادر غير قابلة للنفاد؛ وهذا بعد أن تم إغلاق العديد من آبار البترول وفقد بعض الجيولوجيين والباحثين الأمل بالعثور على آبار جديدة، وأصبحت مهمة إيجاد آبار البترول مهمة صعبة بعض الشيء، حيث صار الناس في السنوات الأخيرة يلجؤون لمصادر الطاقة المتجددة؛ لتفادي الاعتماد على البترول ذي السعر المرتفع، والذي بالإضافة إلى ارتفاع سعره يسبب ضرراً كبيراً على البيئة، وبالتالي يمكننا القول إن أهمية البترول قلت إلى حد ما مع ظهور مصادر الطاقة المتجددة ذات التلكفة المنخفضة والضرر القليل على البيئة، ومن الجدير بالذكر أن بعض الدول المتقدمة كالسويد، وألمانيا، والدنمارك تمضي باتجاه استخدام مصادر الطاقة المتجددة؛ كالطاقة الشمسية، والوقود الحيوي، وطاقة الرياح والمياه.
* الطاقة البديلة:
منذ أواخر القرن العشرين جرى الاهتمام بالبحث عن مصادر بديلة للطاقة، والتي تجلّت في تطوير وسائل الطاقة المتجدّدة ذات الميّزات الإضافية الصديقة للبيئة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح أو طاقة المياه أو غيرها وذلك لتوليد الطاقة الكهربائية. بالإضافة إلى ذلك فقد جرى تطوير عدّة أنماط جديدة من الوقود البديل للمركبات مثل المَركبات ذات الوقود المرن التي تستخدم مزائج من الوقود الأحفوري مع أنواع وقود أخرى مثل الديزل الحيوي أو الميثانول؛ أو تلك المَركبات التي تستخدم أنواعاً مختلفة مثل الغاز الطبيعي أو الهيدروجين أو خلايا الوقود؛ كما جرى أيضاً تطوير المَركبات الهجينة مثل المَركبات الكهربائية الهجينة القابلة للشحن الكهربائي إمّا ببطارية داخلية أو من مصدر شحن خارجي.
* سوق المال العالمي قبل النفط :
– في اليوم العاشر من شهر تموز عام 1690, أنهزمت البحرية البريطانية من قبل الاسطول الفرنسي في معركة Battle of Beachy Head .
عندها, اراد الملك ويليام الثالث (1650-1702 ), أن يعيد بناء الاسطول البريطاني من جديد, لكن لم يكن يملك المال اللازم لذلك، وبعد سبعة عشر يوماً من الهزيمة البحرية, تم تأسيس بنك أنكلترا The Bank of England , من قبل ويليام باترسون William Paterson ( 1658-1719 ), وتم منح البنك أرصدة الحكومة حصرا ، وكان البنك هو الجهة الوحيدة ذات المسؤولية المحدودة التي تسمح بإصدار أوراق نقدية، وتم توفير 1.2 مليون جنيه استرليني في 12 يوما. نصف هذا المبلغ كان يستخدم لإعادة بناء البحرية.
– عام 1791 , و في امريكا تم تأسيس البنك الوطني الاول , First Bank of the United States , من قبل ألكسندر هاميلتون , Alexander Hamilton (1755-1804 ), أول وزير مالية في امريكا , وكان صديقاً مقرباً لأدارة بنك أنكلترا. واطلق على البنك اسم بنك امريكا الشمالية , وفي الواقع , de facto , هو البنك المركزي، وقبل سنة واحدة , تقريباً, من بدء الحرب العالمية الاولى تم تأسيس نظام الاحتياطي الفدرالي, Federal Reserve System , بتاريخ كانون الاول 1913. وهذه المنظومة وهي منظومة خاصة هي التي تحكم وتدير السياسية الاقتصادية في امريكا، جميع هذه البنوك, كانت تصدر اوراق نقدية , بدون غطاء ذهبي De jure .
– عام 1944 , بادرت الحكومة الأميركية إلى دعوة 44 دولة للاجتماع في تموز 1944 بمدينة بريتون وودز , للاتفاق على نظام نقدي دولي جديد، لكن الاهم والمهم في هذه الاتفاقية, يجب على كل دولة عضو فيه أن تحدد قيمة تبادل عملتها الوطنية بالنسبة إلى الذهب , أو بدولار , الولايات المتحدة على أساس الوزن والعيار النافذين في أول حزيران 1944، أي أن 35 دولار يساوي آونصة ذهب خالص، وتم من خلال المؤتمر إنشاء صندوق النقد الدولي IMF , و والمصرف الدولي للإنشاء والتعمير IBRD، وكان الاتحاد السوفيتي حاضراً في المؤتمر, الأ انه ادرك نوايا امريكا المستقبلية, فلم يوقع على الاتفاقية. ( وهذ ا عمل ايجابي , يحسب الى ستالين).
– ما الذي حصل لاحقاً, أن امريكا بدأت تطبع الدولار بكميات هائلة , تتجاوز غطاء الذهب, خصوصاً اثناء حرب فيتنام.
وقد لاحظ الرئيس الفرنسي شارل ديغول , ذلك, وقال: يجب أن يحلّ الذهب مكان الدولار. الأخير لم يعد يشكل ضمانةً في التبادلات العالمية، وأمر ديغول مؤسساته المالية باستبدال كل احتياطياتهم الدولارية بالذهب من البنوك الأمريكية.
* البترودولار و الخدعة الكبرى:
“بدأت العلاقات السعودية الأميركية بين ملك يفكر كشركة نفط وبين شركة نفط تفكر كملك” …. ريتشارد سانغر….Richard Sanger، ووقعت اتفاقية صفقة البترودول في اوائل سبعينيات القرن الماضي، بلقاء عقده الرئيس الامريكي نيكسون وكسنجر مع حكام السعودية لانقاذ الدولار والنظام الرأسمالي في الولايات المتحدة مقابل حماية الولايات المتحدة للسعودية ونفطها.
– عام 1971 حدثت صدمة نيكسون , Nixon shock , حيث أعلن الرئيس الأمريكي نيكسون عن وقف قابلية تبديل الدولار إلى ذهب
– بحلول عام 1973 , تم استبدال نظام بريتون وودز بحكم الأمر الواقع , إلى نظام تعويم العملات الورقية الذي لا يزال العمل به قائماً حتى الأن.
– أصبح الذهب حرًا بعدها ولم يعد أحد يتحكّم فيه سوى العرض والطلب، وأصبحت جميع العملات بما فيها الدولار الأمريكي تقف على أرضٍ واحدة وصارت كلّها عملاتٍ إلزامية ورقية لا قيمة لها في الواقع سوى التزام الحكومات بها.
انخفضت قيمة الدولار 40 ضعفًا من عام 1973 إلى الآن وارتفع سعر الذهب بشكلٍ جنوني .
– أن فهم نظام البترودولار والقوى المؤثرة فيه، هو أفضل طريقة للتنبؤ بموعد إنهيارالدولار الأميركي….. السيناتور الأمريكي السابق رون بول , Ron Paul
– عقد هنري كيسنجر اجتماعاً سرياً مع مجموعة بيلدربيرغ, -Bilderberg Group , في هولندا مع مجموعة مؤثرة من الرجال، كان من بينهم: اللورد غرينهيل من شركة بريتيش بتروليوم، ديفيد روكفلر من بنك تشيس مانهاتن، جورج بول من ليمان براذرز وزبيغنيو بريجنسكي.
كان واحداً من قراراتهم الخطيرة , في أيّار 1973 رفع سعر برميل النفط الخام اربعة اضعاف, من 3 دولار للبرميل الواحد الى 12 دولار.
– يقول البروفسور في جامعة العلاقات الدولية الروسية الأكاديمي فالنيتين كاتاسونوف:
ذهب هنري كيسنجر الى الملك فيصل, وزرع الخوف في قلب الملك من السوفيت, وتم الاتفاق على ان يتم بيع النفط الخام فقط بالدولار , مقابل الحماية الكاملة للسعودية, وسوف تقوم الولايات المتحدة بشراء النفط من السعوديين وتلبية الاحتياجات العسكرية للمملكة، وفي المقابل فإن السعوديين سوف يستثمرون الدولارات مرة أخرى في سندات الخزانة الأميركية من أجل تمويل الإنفاق الأميركي. وبحلول عام 1977، كانت السعودية قد اشترت نحو 20% من جميع سندات الخزانة الأميركية المباعة للأجانب.
وتم فرض هذا الأمر على منظمة أوبك.
– بدأ كيسنجر التخطيط لحرب أكتوبر 1973 , وفي أب 1973 في إطار التحضير لحرب أكتوبر، يجتمع الملك فيصل والرئيس المصري أنور السادات في الرياض سرا، حيث تم التوصل إلى اتفاق بموجبه يستخدم العرب “سلاح النفط” كجزء من الصراع العسكري القادم. وكان الهدف هو زيادة سعر النفط الخام , وفعلاً ارتفع سعر النفط الى 13 دولار للبرميل الواحد. بمعنى أخر ارتفع سعر برميل النفط الخام بمعدل 400 %، وهذا يعني طبع و ضخ المزيد من الدولار, علماً ان طبع ورقة 100 دولار يكلف الخزينة الامريكية 35 سنتاً.
– يتهكم بسخرية البروفسور فالنيتين كاتاسونوف, قائلاً:
لقد انتصرت عائلة آل روكفلر , المسيطرة على تجارة النفط , على عائلة روتشيلد المسيطرة على الذهب .
– يقوم الآن النظام الاقتصادي العالمي على خلق الازمات و الحروب, هنا و هناك , من اجل زيادة أنتاج النفط الخام والذي يقابله زيادة ضخ ( الورق) الدولار الى الاسواق.
للعلم كان مجموع أنتاج العالم من النفط الخام , عام 2016 يساوي 80,600,00 برميل في اليوم , وقيمته حوالي 4 و ربع بليون دولار .
هذه ال 4 وربع بليون دولار, كلفت الخزانة الامريكية حوالى مليون وربع دولار فقط , قيمة الحبر و الطباعة و التوزيع.
* اهمية النفط اقتصاديا:
– يعدّ النفط المورد الأساسي والداعم الرئيسي للاقتصاد في عددٍ من دول العالم، والذي يدعى حينها اصطلاحاً «اقتصاد نفطي».
الاستهلاك :
– يرتبط استهلاك النفط بالوضع الاقتصادي العالمي، فهناك ارتباط وثيق بين استهلاك النفط والقطاعات الصناعية المختلفة. فقطاع صناعة السيارات مثلاً انتعش منذ أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين باطّراد مستمرّ، وذلك بشكل أساسي بسبب نموّ قطاع السيارات، حيث ساعدت وفرة النفط في ثمانينات القرن العشرين مثلاً في دعم مبيعات المركبات والعربات ذات الاستهلاك الكبير للوقود في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية؛ في حين أنّ الأزمة الاقتصادية سنة 2008 حدّت من مبيعات تلك المركبات. على العموم فإنّ العلاقة ما بين إنتاج النفط العالمي والسعر والاستثمارات متعلّق بعوامل العرض والطلب وفق بيانات الوكالة الدولية للطاقة.
– تعدّ الولايات المتحدة أكبر بلد مستورد للنفط في العالم يليها بعد ذلك مجموع دول الاتحاد الأوروبي؛ أمّا باعتبار كلّ دولة على حدة فتأتي بعد الولايات المتحدة من حيث الاستهلاك كلّ من الصين ثمّ اليابان ثمّ الهند. (للمزيد من التفاصيل انظر قائمة الدول حسب استهلاك النفط.) تقوم بعض الدول الكبرى باستيراد كمّيات إضافية زائدة عن استهلاكها لتأمين احتياجها من المخزون الإستراتيجي من النفط، خاصّةً وقت الأزمات.
* أزمة النفط في ظل كورونا:
المصدر رويترز:
– السعودية لا تجد مشترين لنفطها الخام.
قالت مصادر في قطاع النفط إن السعودية تجد صعوبة في إيجاد عملاء لخامها الإضافي مع تراجع الطلب بسبب فيروس كورونا وارتفاع أسعار الشحن، وهو ما يقوض مسعى المملكة لاقتناص حصة سوقية من المنافسين من خلال زيادة الإنتاج.
– قالت المصادر إن “رويال داتش شل” وشركات أمريكية لتكرير النفط ستأخذ خاما سعوديا أقل، وإن نستي الفنلندية لن تأخذ أيا منه في أبريل/ نيسان، في حين تسعى شركات تكرير هندية إلى تأخير تسليم الشحنات. وأضافوا أن شركات تكرير بولندية تخفض أيضا المشتريات.
-تخطط السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، لتعزيز صادراتها بشدة بعد انهيار اتفاق استمر ثلاث سنوات بين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجين آخرين بقيادة روسيا لخفض الإمدادات هذا الشهر.
– مع انهيار الطلب أيضا بسبب القيود الحكومية الرامية لاحتواء تفشي فيروس كورونا، تخفض شركات النفط معدلات تشغيل المصافي وهي ليست في عجلة لأخذ براميل سعودية إضافية، حسبما ذكرت المصادر.
– أكبر عملاء السعودية في أمريكا هم “إكسون موبيل” و”ماراثون بتروليوم” و”فيليبس 66.
– يتلقى الساحل الغربي الأمريكي النصف تقريبا من إجمالي واردات الولايات المتحدة من النفط السعودي. وخفضت فيليبس 66 وماراثون عملياتهما في مصافيهما في لوس أنجليس.
* سعر برميل النفط في ظل أزمة كورونا :
– بنوك استثمار عالمية كبرى منها، سيتي بنك وغولدمان ساكس ويو.بي.إس وبنك أوف أميركا، قد خفضت توقعاتها لسعر النفط لأقل من 20 دولارا للبرميل في الشهور المقبلة، كما خفض بنك باركليز، أمس الثلاثاء، توقعاته لسعر النفط لعام 2020، بقيمة 12 دولارا ليصل إلى 31 دولارا لخام برنت و28 دولارا لغرب تكساس الأميركي، مشيرا إلى ضغط نزولي كبير في السوق ناجم عن حرب الأسعار بين روسيا والسعودية واضطراب الطلب بسبب كورونا.
– تأتي الحرب النفطية في وقت يمر العالم بواحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية، إذ قال صندوق النقد الدولي، مساء الإثنين، إن الاقتصاد العالمي مقبل على ركود عالمي خلال العام الجاري، بنفس الدرجة من السوء مثلما كان الحال أثناء الأزمة المالية العالمية، أو أسوأ.
– تعد السعودية الطرف الأساسي في حرب الأسعار النفطية، بل هي التي أوقدتها بمنح المستوردين من أوروبا خصومات وصلت إلى 20 دولاراً للبرميل، ومن شرق آسيا خصومات وصلت إلى 7 دولارات للبرميل، وهو الأمر الذي هوى بأسعار النفط لأدنى مستوياتها.
كما اعلنت شركة ارامكو مؤخرا ، تسليم برميل النفط المكرر ﻻوروبا بسعر 15 دولار .
– حسب مراقبين، لـ”العربي الجديد”، فإن الرياض قد تضطر إلى السحب من الاحتياطي النقدي الذي تآكل بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، كما ستضرر ماليتها العامة وسيتفاقم العجز في حال استمرار تهاوي الأسعار.
* في ظل غياب خطة لمعالجة الوضع العام في الخليج من الأزمات التي مرت بها المنطقة العربية، ومن بينها الدول النفطية، لا يوجد تصور للدول النفطية العربية للتعامل مع أزمة كورونا، وتداعياتها الاقتصادية السلبية.
فلم نسمع صوتا مثلا لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوابك) باعتبارها منظمة عربية، لتتحدث عن مستقبل النفط العربي واقتصاداته في ظل السيناريوهات المفتوحة لأزمة كورونا.
وخاصة في ظل تقديرات لصندوق النقد الدولي باحتمال قرب نفاد الاحتياطات المالية الخليجية.
يبقى الخيار أمام الدول النفطية الاقتراض ، وكلفته ربما تكون كبيرة ، حال استمرت دول الخليج في الاعتماد عليها للخروج من أي مأزق تمر به، وتتعزز تلك المخاطر مع انخفاض أسعار النفط، والخسائر المترتبة عليه،في ظل أستمرار أزمة كورونا طويﻻ،” والتي قد تتجاوز تريليونات الدوﻻرات…
from وكالة نيوز https://ift.tt/2zgksba
via IFTTT
0 comments: