Friday, April 17, 2020

النظام العالمي ما بعد كورونا – حوار مع د.وسام حمادة

إعداد وحوار: ريان حسن

خاص وكالة نيوز

يومًا بعد يوم يزداد المشهد الدولي تعقيدًا فبين الأزمات الإقتصادية والسياسية برزت جائحة الكورونا التي شكلت صدمة لجميع دول العالم وأنذرت بأزمات للمرحلة المقبلة فما بين النظام الصحي والنظام الإقتصادي تقف دول العالم الرأسمالية بين فكيّ كماشة و أبرزهم الولايات المتحدة الامريكية التي أضحت الدولة الموبوءة الأولى عالميًا من حيث الإصابات وعدد الوفيات بينما يقف ترامب موقف المأزوم ما بين حياة الناس وبين الدورة الإقتصادية وتأثيرها على الإنتخابات الرئاسية المقبلة، لمزيد من التفاصيل أسرنا في وكالة نيوز أن نستضيف الناشط السياسي والإعلامي الدكتور وسام حمادة للوقوف عند رأيه حول آخر التطورات وكان بيننا النقاش التالي:

1-ما هي التداعيات لسياسة ترامب لمواجهة كورونا؟

ترامب اعتبر أنه لا يستطيع أن يرى أن ملف كورونا أكبر من الملف الإقتصادي والأمني بسبب إزدواجية المعايير التي تتعاطى على أساسها الدول الصناعية الكبرى (المعنية في تشكيل الإقتصاد العالمي)، وفي هذا الصدد أريد التأكيد على أن سياسة الولايات المتحدة الأميركية لم تكن في أي مرة أقل من مستوى أي فايروس قاتل، فالفايروس الأول الّذي أنشأته أدى بحياة 100 مليون إنسان من الهنود الحمر، ثم الفايروس القاتل الذي صدرته الولايات المتحدة الأميركية إلى كل دول العالم من غرفها السوداء وإدارتها المتعاقبة، بدايةً من القنابل النووية والتجربة على ناغازاكي وهيروشيما، وكل هذه الصراعات التي تحصل في العالم واستغلال خيرات الكرة الأرضية، برأيي أخطر من فايروس كورونا.

أما على مستوى تشكيل شخصية الولايات المتحدة الأميركية ” أنا مش كتير شاطح بفكرة إنتهاء الرأسمالية”، برأي الولايات المتحدة الأميركية تعمل على إعادة تشكيل مشهدية جديدة تستطيع أن تعبر من خلالها للسنوات القادمة. فهناك أمر ما يجب أن يتركب كجزء من هذا الفيلم  الرأسمالي الأميركي الطويل الذي يُمارس على العالم من أجل تشكيل هذه المشهدية بعد أن تأكدت الولايات المتحدة الأميركية أن سياساتها التقليدية لم تعد صالحة في ظل وجود منافسين لها كالصين وروسيا والعديد من الدول الأخرى.

 

2-هل ما نشهده اليوم يأسس لنظام عالمي جديد؟

بالتأكيد النظام العالمي في طور تشكله، المؤشرات واضحة في هذا الإتجاه، التضاريس الإقتصادية التي تتشكل اليوم باتت شبه واضحة المعالم، عنوانها الرئيسي: “هناك تغير على مستوى الموازين الإقتصادية، لم يعد هناك إمكانية للإستمرارية بالنهج الرأسمالي التقليدي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية. وأعتبر مستوى الخطاب السياسي الدولي اليوم مؤشر للتشكيل الجديد للنظام العالمي، وهذه الدول مضطرة للجلوس على طاولة تسوية بعد هذه الحرب البيولوجية أي الحرب العالمية الثالثة التي نعيشها اليوم، لأن  إحتمال معرفة طرف الضربة الأولى في الحرب العالمية الرابعة ممكن ولكن لن يعرف أحدًا من سيبقى من بعدها.

إنني أرى نظام عالمي جديد يتشكل  وبوادره الأمنية والعسكرية باتت واضحة بموازين قوى شكلتها دول مثل “محور بريكس”، أو الدول المناهضة للسياسة الأميركية في  العالم، أيضًا التحالفات الأميركية التي شكلتها تاريخيًا وتحميلها بالبوارج والقوات العسكرية الأميركية في الكثير من دول العالم، وهي أيضًا واضحة من حجم قوتها ونفوذها، لذلك هذا التوزيع اليوم هو الذي يمر بمخاض الوقت الذي يعبر عنه بصراعات بيولوجية أو على مستوى النفط، أسعار النفط، أو على مستوى هبوط البورصة وحجم التبادل التجاري بين كل المعنيين من الدول الصناعية وحتى على المستوى الأوروبي لأن  هذا تشكيل صناعي أساسي، نرى اليوم المنظومات الأوروبية تعطي مؤشرات للناس أن ما بعد كورونا الإقتصاد العالمي لن يكون كما قبلها.

 

3-هل سيتحول الصراع الصيني الأمريكي إلى صراع عسكري؟

لقد تجاوزنا سيناريو الحرب بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، “نحن قطعنا هيدا السيناريو”.

أعتقد أن المرحلة التالية هي كيف سيجلسون على طاولة التسوية وتقسيم الحصص، الحرب التقليدية تجاوزتها كل منهما عبر حربهم “بكورونا”، الحرب التي فُرضت يمكن أن يكون سببها أي من الطرفين، “أنا ما بحمل المسؤولية للأمريكان أو الصينين”، هذه الحرب أخذت مجرى فعاليتها، ومن نتائجها الجلوس على طاولة التفاوض، إما سيكون الخيار الآخر هو الحرب التقليدية، لكن الطرفين ليسا على جهوزية لمثل هذه الحرب، الطرفان يحاولان تجنبها. والسؤال الأكبر هنا: كيف سيكون وضع الإقتصاديات العالمية لشعوب مثل شعوبنا أي دول العالم الثالث، الدول النامية، الشعوب الريعية مثل العالم العربي؟ هنا التحدي الكبير كيف ستواجه هذه الشعوب مصيرها، وهي لا تستطيع أن تقرره أساسًا، لأننا شعوب للأسف نتلقى، قالوا لنا هذه خريطة “سايكس بيكو” فمشينا على أساسها.

لقد عودتنا الولايات المتحدة الأميركية أنها عندما تفشل كل الوسائل للوصول إلى غايتها تلجأ إلى الصراعات الدموية، وقد شهدنا في العقدين الأخيرين من الزمن إستحداثها لتشكيل جديد من الصراعات أنها لا تعتمد على جيشها في القتال أي لا يكون الصراع على أرضها ولا تستخدم مالها الخاص لتمويل حروبها، فحروبها على أرض الغير كما نرى في أميركا اللاتينية وشمال أفريقيا والعالم العربي، بدم  ومال أصحاب أرض المعركة، أي أنها عمليًا لا تتعرض لأي خسائر، لكن وضعها مع الصين أصعب، حيث تكون في مواجهة مباشرة، وهناك صعوبة كبيرة لهذه المواجهة المباشرة لأن في هذه اللحظة التاريخية ستتشكل تحالفات تذكرنا بالتحالفات التي حدثت خلال الحرب العالمية الثانية، لأن اليوم المنظومات السياسية المتضررة من الولايات المتحدة الأميركية عددها كبير جدًا ولديها إمكانيات، وهو عدد لا يقل عن عدد حلفاءها ولا يجب الإستهانة به، الأمر الذي سيشكل جبهتين كبيرتين، والطرفان إن كان الصيني وما خلفه من حلفاء والأميركي وما خلفه من حلفاء يعلم أن هناك صعوبة  في تحول هذه الحرب من حرب بيولوجية (الحرب الحالية)، إلى مستوى ثاني يعتمد على الآلة العسكرية، لأن كِلا الطرفين سيقعان بخسائر كبيرة، ولا أعتقد أن الشعب الأميركي على جهوزية إن كان على الصعيد المادي أو النفسي، مطلقًا آلته العسكرية ومستعيدًا ذكرياته لحرب الفايتنام وكل تلك الحروب التي خاضها وخرج منه خاسرًا، لذلك من المستبعد حدوث حرب عسكرية، وسيبقى الضغط الإقتصادي هو الحرب الحقيقية بين الدول، وهذا لن يعفي باقي الدول من ترددات هذه الحرب التي ستنعكس عليها بأزمات إقتصادية، وهذا الملف يجب التركيز عليه من بعد الملف الصحي لكورونا، هناك ملفين كبيرين ومهمين هما الملف الإقتصادي والأمني الذي سوف يُعبر عنه عبر فوضى إجتماعية قد تتنقل مثلما تنقل الفايروس من دولة إلى دولة.

 

4-هل الرأسمالية الأميركية بدأت بالتلاشي؟ من سيحكم العالم إن سقطت؟

إن سقوط الولايات المتحدة الأميركية بشكلها الأمني والإقتصادي

المباشر، أعتقد أنه إحتمال غير واقعي، فهي باقية إن كان هناك إحتمال لحدوث أمر ما في الإستراتيجيات البعيدة ممكن أن يحصل إنفصال بعض الولايات عنها، خاصة كاليفورنيا التي عبرت عن هذه المسألة منذ سنوات، ممكن أن يحصل هذا الإنفصال في ظل خلل الإقتصاد الداخلي، فهناك ولايات تعتبر نفسها منتجة، وولايات أخرى مستهلكة على حساب الولايات المنتجة.

أن لا أرى تفائلًا في سقوط الولايات المتحدة، الرأسمالية التقليدية بشكل جذري ودراماتيكي، إن  طرفي الصراع  لن يسمح أحدًا منهما بسقوط دراماتيكي لأنه سيكون إسقاطًا لكل المقدرات البشرية، الأمر الذي يؤدي إلى حروب طاحنة، لذلك ليس هناك مصلحة لأي طرف من هذا السقوط، والدليل على ذلك ما حصل في أزمة ال 2008، وكان هناك فرصة تاريخية عُبر عنها بالتحليل السياسي، أن اليوم ممكن أن تنقض الصين وروسيا وحلفاءهما على الدولار ويتشكل سلة عملات جديدة ويتحرر العالم من سلة العملات الأميركية، والذي اكتشفناه أن الذي أعاد قوة سلة الدولار هي الصين وروسيا لأنهما مدركتان أنه من المستحيل إفتعال ضربة قاسمة لمنهجية إقتصادية تربط كل الكرة الأرضية كخيط العنكبوت، لذلك سيكون هناك تغيير، أي شكل جديد، ولكن بصورة تدريجية، أي على مراحل، حتى تستطيع النظم الإقتصادية إستيعابه من أجل بقاء الولايات المتحدة الأميركية على حالها.

أما بالنسبة للرأسمالية كفكر مبني على الفردية وإستغلال الآخر، واعتبار أن كل السبل متاحة من أجل تحقيق المصلحة الخاصة، أنا أعتقد أن هذا العنوان أخد ضربةً في الصميم، فمع كورونا فُضح الفكر الرأسمالي الفردي الجشع والغير مبالي بحياة الناس، وقد أعطى درسًا للشعب الأميركي أن المسألة لم تعد على مستوى التنظير، وباتت الناس قادرة على المقارنة بين المنهجين الشرقي والغربي، الشرقي الذي تعاطى مع كورونا بشكل جدي وانحاز لصحة الشعب وإن تضررت العجلة الإقتصادية، أما الغربي الذي عبر عنه جونسن وترامب وسياسات القطيع الذين يعتبرون أن الآلة الصناعية أهم من حياة الإنسان.

أنا برأيَ كانت كورونا حسنة كبيرة وضعت كل شعوب العالم في موقع الإختيار بين الطرفين. أنا لا أعتبر أن النموذج الشرقي سيكون الأمثل للكرة الأرضية من ناحية، ومن ناحية أخرى بالتأكيد أن الرأسمالية الأميركية ليست الأفضل للوقع الإنساني.

بالتالي هناك ما هو جديد سوف يتشكل يحتاج إلى خبراء في هذا العالم وأشخاص لديها نفوذ، ولكن ما هو واضح أن هناك قرار قد إتُخِذَ، إتخذته كورونا ومن خلقها، للإستفادة من كورونا بعناوين كبيرة وكعنوان

رئيسي “التغيير الجذري للعلاقات السياسية الإقتصادية العالمية”، يُعبر عنها  عبر الوقت بطريقة جديدة.

 

5– ما هي المتغيرات التي ستطرأ على السياسة الداخية في الولايات المتحدة الأميركية؟

على المستوى الداخلي فيما يتعلق بسياسة ترامب هناك متغيرات بالطبيعة الإقتصادية التي تربط جميع الولايات فيما بينها والتي تربط عملية الإنتاج الداخلي الذي تبين أن هناك خلل بنيوي كبير إن كان على مستوى البنى التحتية الصحية والصناعية وتوجهاتها التي كانت ترتكز على  الآلة العسكرية في الوقت الذي تبين على يد كورونا أن هذا الفشل أكبر بكثير من هذه المنظومة السياسية  إن كان على المستوى الصحي أو الخدمات والتقديمات الصحية للشعب الأميركي،  يعني في الحد الأدنى سيكون هناك تغير جذري  في هذه العلاقة ” هيدا كشف المستور وهيدا البالون يلي أوهموا في الناس تحديدًا الأمريكان بين إنو  بالون مغلف بالآلة العسكرية”، أما باقي القطاعات كانت عمليًا متأزمة، ولم يكن هناك خيار إلا أن يتشكل صورة جديدة على  مستوى الدورة الإقتصادية  والإنتاجية والصناعية، والعلاقة حتى  الإجتماعية إن كان على مستوى التقديمات والضمانات الصحية للشعب الأميركي التي تجعلهم يطمأنون من خلالها على مستقبلهم، لأنه تبين أن السقوط كان مُدوي بالنسبة للشعب الأميركي.

أما فيما يتعلق بالتغيرات بمنهجية ترامب خارج جغرافيّة الولايات المتحدة الأميركية على علاقته مع الدول التي شكلت له أزمة كبيرة على رأسها الصين ومن خلفها روسيا على المستوى الإقتصادي والأمني سيكون هناك متغير، فلا يمكن أن يستمر الوضع بالسياسات ذاتها التي اعتمدتها قبل الكورونا لأن الأطراف جميعها عرفت  حجم قوة بعضها البعض من ناحية، ومن ناحية أخرى أصبحت الأطراف على دراية بنقاط الضعف لكل منها وفي الوقت عينه هذا التشكيل الهندسي الجديد لإقتصاديات العالم لن يكون بعيدًا عن سياسة ترامب الخارجية، هذا في حال استمر ترامب في الحكم إن نجح في الدورة الإنتاخبية الجديدة.

 

 

-6- ما هي الإنعكاسات الإقليمية والدولية لحروب ترامب التجارية؟

السياسات الإقتصادية الأميركية قبل كورونا وهي ذات طابع حرب فارضة لوجودها في الوسط الدولي، ويصح القول أنها تتعدد جبهات حربها لتطال كافة دول العالم تقريبًا، لأن سياستها هي سياسة هيمنة وبلطجة استخدمتها مع كل دول العالم، حيث أنها طبعت بصمتها الأمنية والسياسية والثقافية والإقتصادية تقريبًا على الجزء الرئيسي من العالم. وحرب الأميركي دائمًا تكون ذات طابع أيديولوجي ولكن المضمون الرئيسي هو إقتصادي والآلة دائمًا حربية، الهدف كان ولايزال وسيبقى  بالنسبة للإستراتيجيات الأميركية أن تستولي على مقدرات الدول، المواجهة الحقيقية التي حصلت للولايات المتحدة الأميركية والتي تعد أنها ساهمت في تشكيل مشهدية سياسية خارجية للولايات المتحدة الأميركية غير مسبوقة كانت مع الصين على مستوى الإقتصاد والإنتاجية لأنه تبين أن الصين لديها من الإمكانيات الإقتصادية المنافسة للولايات المتحدة الأميركية بشكل ضخم الأمر الذي شكل لديها خوف كبير وقد عبر عنه ترامب أكثر من غيره، لأنه رجل جاء من بيت إمتهن التجارة بكل أشكالها الشرعية والغير شرعية من أجل جمع الثروة، وليس من بيئة سياسية، ومن الطبيعي أن يعتبر الصين أنها الخطر المباشر الذي نصب عينيه.

-في النهاية عزيزتي ريان أريد أن أشكرك، وأشكر موقع وكالة نيوز والقيمين عليه على إتاحة هذه الفرصة، أُسعدت بأسئلتك وأتمنى لكم الخير والتقدم.

-دكتور وسام، باسمي وباسم وكالة نيوز نتقدم إليك بجزيل الشكر على قبولك دعوتنا، وعلى هذه المعلومات القيمة.

 

بناءً على ما تفضل به الدكتور وسام، ربما وقع  العالم في  فخ المرحلة الممهدة إلى العالم الجديد، وكما رأينا دائمًا أنه لا تبنى الإمبراطوريات إلا على جثث الشعوب، وعلى نسق المثل الشعبي وإن صح التعديل فيه: ” الحكام يأكلون الحصرم والمواطنون يضرصون”.

بين الحرب العالمية الثالثة التي تأخذ النسق البيولوجي، والحرب العالمية الرابعة  تقع مرحلة”ما بعد كورونا” وما أدرى أحد بما بعد كورونا، دول تستعد للجلوس على طاولة التسوية من أجل الحفاظ على هيبتها وقوتها الدولية العنكبوتية المسيطرة والمتحكمة في العالم، وأخرى تحاول جاهدة أن لا تفلت من خيوط بيت العنكبوت لأنها تحتاج لمن يحمل ريموت كونترول ويدير وجودها.

من المؤكد أن  مرحلة ما بعد كورونا  ستغير في المعادلات السياسية والإقتصادية، وفي النهاية الصراعات الأميركية باقية ببقاء طموحها في الهيمنة وقوتها الإقتصادية  المسيطرة على العالم. ولكن السؤال الذي يثير الفضول هل الدول التي لاطالما كانت تحت أمرة حكم الأقطاب ستحاول في المستقبل القريب أن تتخلى عن تبعيتها وتستغل ضعف أحد تلك الدول الكبرى إن ضعفت؟



from وكالة نيوز https://ift.tt/3etqci2
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل