
مصباح العلي
دخل لبنان مرحلة التشظي السياسي الشامل، لتضاف إلى مشاكله المتراكمة ازمتان خطيرتان سابقتان : ازمة فيروس كورونا المستجد، والازمة الاقتصادية والمالية المستفحلة منذ سنوات، وفي ظل هذه المخاطر أسقط حسان دياب عن حكومته صفة الحياد الشكلي وفق شعار “فليسمعوني جيدا”.
الحكومة إرادتها معركة مفتوحة، فتدارست في جلستها الأخيرة امكانية اقالة حاكم البنك المركزي رياض سلامة لاعتباره المسؤول عن استفحال الازمة المالية، والتي ادت إلى خسائر فادحة للمصرف في الاشهر الأخيرة تقدر بعشرات مليارات الدولارات، فجعلت المصرف المركزي غير قادر على اداء مهمته الاساسية، اي التدخل في سوق القطع لتثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية، ما ادى الى ارتفاع سعر الدولار الى ما يزيد عن 4 الآف ليرة في السوق السوداء.
الاشتباك المرتقب لم يحصل مع “الخارجين عن السلطة” بل كاد ان يفجر الحكومة من الداخل جراء الانقسام داخل الصف الواحد (بشكل غير رسمي) حول الموقف من اقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حيث اندفع وزراء “التيار الوطني” و”حزب الله” نحو الاقالة فيما رفضها وزيرا حركة “امل” ظاهريا فإرتبك الوزراء الآخرون.
ابعد من الشق التقني المالي للمسألة، أثار تصرف دياب حملة سياسية واسعة معارضة دشنها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، واستكملها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، فيما بدا وكأنه استرجاع الاصطفاف القديم بين 8 و14 آذار. لكن قبل الحديث عن معسكرين ينبغي الالتفات الى داخل فريق حلفاء “حزب الله”، وما يجري فيه.
“حزب الله” مارس كعادته التقية السياسية، فقد سبق جلسة الحكومة تصريح لمصدر مسؤول في الحزب نفي نيته الاطاحة بحاكم المركزي، ولكن الحزب افسح في المجال أمام الحلفاء التقدم باقتراح اقالة سلامة، فأيده فريقا رئيس الجمهورية والحكومة، وعارضه فريقا بري وزعيم تيار “المردة” المسيحي سليمان فرنجية على خلفية تتعلق بالصراع المسيحي – المسيحي مع فريق ميشال عون.
في ضوء ذلك، يواجه “حزب الله” العقدة الاهم على طريق ازاحة حاكم المركزي، اي الصراع الدائر داخل فريقه الحاكم. فالرئيس بري يعتبر حكومة حسان دياب بدلا من ضائع، تم استخدامها لاطفاء جذوة ثورة 17 تشرين وقد حان الوقت لاستبدالها، ما يعني حكما احياء التركيبة القديمة المنبثقة تاريخيا من اتفاق الطائف، اي تحالف الحريري – بري – جنبلاط، في مواجهة تحالف مارمخايل بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”.
بالانتقال إلى ضفة فريق 14 آذار، الملاحظ بروز معوقات جدية امام اعادة احيائه، ابرزها تمايز رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع عن موقفي حليفيه السابقين الحريري وجنبلاط، اذ كان استبق جلسة الحكومة بتصريح يؤكد ان اسقاط حكومة دياب ليس اولوية.
النقاش حول اقالة او عدم اقالة الحاكم رياض سلامة سيستمر داخليا كعنوان للصراع السياسي المحتدم، فيما طغى عليه العامل الخارجي المتمثل بالموقف الاميركي المؤيد لبقاء سلامة والضاغط باتجاه طي صفحة الاقالة، و تصويب البوصلة صوب ايجاد حل للانهيار المالي الحاصل.
في هذا الإطار، توافرت معلومات عن نصيحة أميركية بضرورة الخروج من المأزق عبر انتخابات نيابية مبكرة، تليها تقصير ولاية رئيس الجمهورية، بوصفهما أبرز مطلبين للشارع المنتفض، مقابل الدعم االمالي لاميركي والغربي و الحؤول دون الانهيار الشامل.
المستغرب بأن المقايضة المقترحة، راجت أخبارها ضمن اوساط “حزب الله” بما يشبه جس النبض، معطوفا على مناخ أميركي يتعلق بالسعي الحثيث إلى انقلاب في المعادلات السياسية من خلال الضغط المالي.
بالتوازي، تضيف المعلومات بأن “حزب الله” يدرس اقتراحا محرجا من حليفه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ، يقضي بالتخلص من الشروط الأميركية من خلال تعديل حكومي. َوالتعديل المقترح يقضي بادخاله شخصيا الى الحكومة مع بعض الوزراء الآخرين بعد وصول الوضع الداخلي إلى مرحلة خطيرة لا تتناسب معها الذهاب الا الخيارات الحادة مع تزايد الحديث عن حكومة قد تجد نفسها تولي السلطة التنفيذية بشكل كامل، ما يفرض حكما على فريق 8 آذار الحاكم نزع صفة التكنوقراط عن حكومة حسان دياب و جعلها رأس حربة في حرب ضروس، وعلى ما يبدو فالرجل جاهز للمهمة في ضوء خطابه الاخير.
from وكالة نيوز https://ift.tt/2xRKq4G
via IFTTT
0 comments: