Sunday, April 12, 2020

هجمة ثلاثية الأبعاد على المرمى الحكومي

“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني

على الرغم من الفارق الشاسع والكبير بين ممارسة مهمة الدفاع والهجوم في عالم كرة القدم، إلّا أن هناك قاعدة ثابتة تقول أنّ الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع! وفي هذا العالم المليء بالمفاجآت كثيرًا ما تكون الضربات المرتدّة والسريعة، أخطر بكثير من الخُططِ التي تُدرَّس قبل المباريات بأيّامٍ وفقًا لقواعد وبرامج عمل مُختلفة، من أجل الخروج بالنقاط المطلوبة والتي يُمكن للفرق أن تتأهلَ من خلالها، إلى المربّعات النهائية.

هذا في عالم كرة القدم، أما في السياسة ولبنان تحديدًا، فإنّ طعم الهجمة هو مُختلفٌ وبمشهدية مختلفة، إذ أن أبطالها هم سياسيّون يتميّزون بالمناورات وإلهاء الخصم ريثما تُتاح لهم فرصة التسديدِ مباشرة على المرمى ولو من خارج منطقة الـ 18 وفقًا للزمان والمكان المناسبَيْن. من هنا، يجد البعض في منطق الهجمات السياسيّة، الطريقة الفُضلى لتصويب الأمور والتحذير من مغبّة إستمرار الخصم بالسير في طريق الخطأ قبل أن تتطوّرَ الأمور وتتحوَّل من مواجهةِ الخطابات من على المنابر، إلى المواجهة في الشوارع.

المؤكد، أنّ الهجمة السياسيّة الأخيرة التي نفذها الثلاثي، الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ضد رئيس الحكومة حسّان دياب، جاءت من باب تذكيره بحجم الكارثة التي تنتظر لبنان إقتصاديًا ماليًا وصحيًّا وبأنّ طريقة المعالجة التي ينجرّ بها لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه، لن تتسبَّب سوى بمزيدٍ من الخراب وبالتالي لن تعود على الناس إلّا بالأذى، وربما الثلاثي السياسي، أدرى بالجهة التي تُسيّر حكومة دياب اليوم وتُملي عليها القرارات، خدمة لأجندةٍ خاصّة برأيهم أنها ستضع لبنان كلّه، في مواجهةٍ قريبة داخليًّا وخارجيًّا وسيكون من الصعب على بلدٍ مثل لبنان أن يتحمَّلَ آثارها الجانبيّة ولاسيما في هذا التوقيت بالذات.

على قاعدة مباغتة الخصم، إستبقَ كلٌّ من الحريري وجنبلاط وجعجع هجومهم السياسيّ على حكومة دياب ومن يقف خلفها سواء بالنصح أو الدعم المتعدّد والمتنوِّع. الحريري افتتحَ أولى هجماته الفعليّة بتخوّفٍ من خطةِ “الإنتحار” الإقتصادي المبنيّة على “مصادرة أموال اللبنانيين المودعة في المصارف”، ومن الزاوية نفسها، قامَ جنبلاط بتسديدِ ركلتهِ باتجاه المرمى الحكومي، لكن من باب حرصه على “إتفاق الطائف” وتخوّفه من محاولة تطويعٍ طائفيٍّ ومذهبيٍّ للسيطرة على مقدرات البلد وضرب ما تبقى من سيادةٍ هي أصلًا وهمية وشكلية.

واللافت أنّ الحريري وبعده جنبلاط، قد عبّدا طريق “الحكيم” للتوجّه رأسًا إلى مرمى التوليفةِ السياسية التي منها تتألَّف الحكومة واعتراضه على أيّ خطةٍ إنقاذية يُمكن أن تتكئ على جيوب الناس ومن دون سدِّ مزاريبِ الهدر والفساد. وقال، “بعبارةٍ أصرح طالما الثلاثي غير المرح متحكّم برقاب السلطة في لبنان لا أمل بأيّ إصلاح ولا أمل بأي خطة إنقاذية فعلية”.

كل هذا باعتقاد مصادر سياسيّة بارزة، يدلّ على أن الصراع السياسي بين حكومة يقودها حزب الله والمعارضة المُمَثَّلة بأحزابٍ سياسيّة كبيرة أصبح قاب قوسين أو أدنى من حصوله، ومن الممكن أن يأخذ الصراع طابعًا يختلف عن السائدِ أي الإكتفاء بالمنابر السياسية والخطابات الموجهة، فهو يُمكن أن يمتدَّ إلى الشارع وهناك سيكون النزال الحقيقي. مع تمنّي الجميع بأن لا تتطوّر أكثر من ذلك.

المصادر نفسها تسأل: بعدما تخلَّت بيئة دياب عنه وغابَ الاعتراف الدولي وتحديدًا العربي ولو بالحدِّ الأدنى بحكومتهِ وفي ظلّ تعرضّهِ الدائم لضغوطاتٍ وعملياتِ ابتزازٍ من داخل الحكومة، لماذا لم يحسم الأمور بعد ويذهب الى قلب الطاولة على الجميع كما سبق أن فعلَ الرئيس الحريري يوم لمسَ أنّ ثمة من يُريد جعله كبش محرقةٍ في مواجهةٍ مع الشارع. وعلينا أن نتذكَّرَ كيف تعرَّضَ دياب لابتزازٍ يوم فرضَ حلفاء الأخير شروطهم عليه مقابل تكليفهِ بتشكيل الحكومة.

بدورها، تؤكد مصادر “القوات اللبنانية”، أن المواقف الثلاثة للرئيس الحريري وجنبلاط وجعجع والتي تزامنت في التوقيتِ نفسه تقريبًا، لا تعكس موقفًا جبهويًا بل إنطلقت من رأي مشترك مما سُرٍّب بموضوع الخطة المالية والإقتصادية وبالتالي، يُمكن تأكيد هذه المواقف بأنها تنضوي تحت عنوان المواجهة الكُبرى، لأنه بدل أن تتخذ الحكومة الإجراءات بعيدًا من الناس وجيوب الفقراء، اتخذت خيار تحميل الناس مسؤولية ما يجب أن تتحمله هي نتيجة فشلها في مقاربة الملفّات كلّها. ويبدو أنّ من يقف خلف هذه الحكومة لا يُريد اتخاذ الإجراءات المناسبة كونه يُريد الإستمرار في سياسة الزبائنية التي اعتادَ عليها طويلًا.

ورأت مصادر “القوات”، أنّ مصيرَ الحكومة يتوقف على الإجراءات التي ستتخذها كما أن الناس لا تستطيع النزول الى الشارع للتعبير عن رأيها في ظلِّ ما يحصل بموضوع “كورونا”، لكن المؤكد أنّه في حال تفاقمت الأزمة المالية على غرار السّائد اليوم يُمكن أن تُصبحَ الأمور مفتوحة على أكثرِ من احتمالٍ.

من وجهة نظر حزب الله، تعتبر مصادرٌ مقرَّبة منه أنّ ما تتعرَّض له الحكومة اليوم من هجماتٍ “منسَّقة” على يدِ بعضِ الذين رفضوا الإنخراط فيها تنفيذًا لأوامرٍ خارجية، تتماهى مع الدول الراعية لها، وهؤلاء ربما “نسوا أو تناسوا” أنهم من خلال جنوحهم غير المبرَّرِ هذا للتصويب على الحكومة، إنّما يُذكّون نار الفتنة ويجرّون البلد إلى المجهول.



from وكالة نيوز https://ift.tt/2xfPeAz
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل