“ليبانون ديبايت” – صفاء درويش
لم يعتد اللبنانيون أن يرتدي سمير جعجع وجه وليد جنبلاط. لم يعتد أحد عليه أن يبدَلَ موقفه المبدئي بسهولة. فأتى شكره لحكومة حسان دياب مفاجئًا وغير تقليديٍّ.
لم يستطع جعجع أن ينكر أن جهدًا حقيقيًا كبيرًا بذلته الحكومة لإنقاذ بشرّي. ساعة تخلٍّ سياسي ربّما أو ساعة تجلٍّ ووقفة ضمير وقفها ألزمت رئيس حزب القوات اللبنانية بما قال. لا تكمن المفاجأة هنا بمضمون تصريحٍ من هذا النوع، في ظلّ أجواءٍ شائعة في البلاد عن أنّ هذه الحكومة سبّاقة في محاولة احتواء انتشار وباء كورونا الذي أطاح بمصداقية دولٍ متقدّمة عدّة، وإنّما بخروج هذا التصريح عن رئيس حزب هدّد قبل أقل من شهر بمقاضاة رئيس الحكومة ووزير الصحة جزائيًا.
لا شك أنّ موقف جعجع هذا لا يعني تبديل موقفه من الحكومة ككل، ولا يعني أيضًا أن تموضعه المعارض قد تبدّل، وإنّما ينمّ عن مراجعةٍ أجراها الرجل أعاد من خلالها تقييم الأداء الحكومي فيما يخصّ “كورونا”، وتحديدًا بعد تعرّض بيئته الحاضنة في بشرّي لخطر انتشار كبير للوباء فيها. يعني أيضًا أنّ قيادة “القوّات اللبنانية”، وعلى عكس من يتشاركها بالموقف نفسه من الحكومة، بدأت تسلك مسار التعاطي مع هذه الحكومة على القطعة وهذا ما بدا واضحًا من موقف جعجع من احتمال طرح “الهيركات”، وليس من منطلق أنّ حسان دياب وفريقه سلبوها ما كانت تعتبره ملكًا لها. بتصريحٍ واحدٍ تمكّن سمير جعجع من تمييز نفسه عن سعد الحريري.
أجواء بيت الوسط تشير إلى إنزعاجٍ كبيرٍ أبداه محيط الحريري من تصريح جعجع، على قاعدة أن شكر الحكومة وتخصيص دياب تحديدًا في هذا الشكر هو لزومُ ما لا يلزم، وأن ما حصل في بشرّي وما يحصل في كل لبنان هو إجراءات طبيعية كانت لتقوم بها أي حكومة في هذه الظروف الإستثنائية.
واعتبرت الأجواء أن موقف جعجع لا ينم عن مغازلة دياب فقط لا غير، بل وأنّه يوصل رسالة واضحة للحريري أنّ عودة الحلف مع “القوات اللبنانية” من دون جهدٍ كبيرٍ لرأب الصدع، فيما يتحمّل جعجع في الأصل مسؤولية زعزعة العلاقة منذ احتجاز الحريري في السعودية وصولًا إلى استقالته المبكرة من حكومته الأخيرة، بحسب “المستقبل”.
من جهته، يعتبر مصدرٌ حكوميٌّ أن تصريحَ جعجع طبيعيٌّ جدًا، فالإجراءات التي اتخذت في بشري لا تنتظر تقديرًا من أحدٍ، بل تحصل انطلاقًا من الواجب الوطني للحكومة تجاه أي لبناني أينما كان. هذا ويرى أن جعجع كان جريئًا بموقفه على عكس باقي الأطراف المعارضة التي تسمع من بيئتها يوميًا مديحًا بالحكومة فهي تصرّ على التصرّف بكيديةٍ سياسية وكأنّ منع انتشار “كورونا” في المناطق كلّها هو عملٌ يؤذيها لا يفرحها.
انزعج الحريري وابتسم دياب في سرّه، في صراعٍ لإثباتِ الذات أضاف المعارض سمير جعجع إليه نقاطًا ثمينة، فهل يزيد من الشرخ الحاصل بين معراب وبيت الوسط؟
from وكالة نيوز https://ift.tt/3ep1oaM
via IFTTT
0 comments: