“ليبانون ديبايت” – روني الفا
أوّلُ الغيث قرارٌ متَّخَذ لتجريد رياض سلامة من أوسِمَتِه. حَرق كل وَثائِق الإعتراف الدولي بِحاكِميَّتِه. انتزاع كل جوائز أفضل حاكم في العالم العربي من جدران مكتبه. الإغتيالُ المَعنَوي إستراتيجيَّة تُعَلَّم في مَعاهِد العلوم السياسيَّة. هي المَدخَل. أسلوب المُكَلَّفين بالعمليَّة منكَشِفٌ حيناً على شكل تصريحات ومستترٌ حيناً آخرعلى شكل وثائق مجهولة المصدر. قدرَةُ اختراق الشائعة للصيت والسّمعَة أفضَل مِن قدرَة الرّصاصَة على اختراق اللّحم. الرماية بالمعلومات المزورة أكثر خطراً من الرماية بالذخيرة الحية. حاكم مصرف لبنان اليوم تحت القصف. يتنقّل بين القذيفة والقذيفة. تعرّضَ لكل أصناف الهجوم التي تنصُّ عليها تكتيكات الإغتيال المعنوي. غرافيتي. كاريكاتور. يافطات تنديد. تنمّر سياسي. وبالطبع تسخير لمنصات التواصل الإجتماعي.
أخصّائيّو هذا النوع من الإغتيال يعرفون جيداً أي طراز وفاة يناسبُ ضحيَّتهم. في حالة رياض سلامة الطراز المناسِب هو وفاة مصداقيّة الحاكم. مع دفن المصداقية تُصبِح الضحيّة جاهزة للدّفن هي أيضاً. المهم مَنع المُستَهدَف بأي ثمن اللجوء إلى أي مسار قضائي. سَوق رياض سلامة إلى المحكمة سيكون بمثابة إدانة لأغلب الطبقة السياسية في لبنان. سيَكون سلامِة أشبَه بسقراط أثينا يهتكُ عَرض جلّاديه في قفص الإتّهام. يُخَطِّطُ الجَلّادون والحالة هذه سَوق كِبش كفردبيان إلى حُكم مُبرَم ولكن من دون محاكمة. أليس مَقيتاً إلى حدِّ الإزدراء أن تبدأ مراسِم جَلد الحاكِمْ فيما تتفرّجُ الطبقة السياسية برمتها تقريباً على الجلّادين؟ جلّادون يحصون عدد الجَلدات بنرجسيّة. حُلفاء مدعوون للفرجة وإلا. خصومٌ لا حَولَ لَهم ولا قوّة.
الكشفُ عن مستندات بغض النظر عن مصداقيتها وبهذا الشكل يعني أنَّ الخطة ترمي من دون شك إلى إزاحة الحاكم نهائياً عن الصورة. حصار رياض سلامة بتعيينات نواب الحاكمية أول بيدق قبل الوصول إلى بيت ياك الحاكم. رجلٌ أدى دوره في إنجاز الهندسات المالية لحساب المتنفّذين. نفّذ وصايا المُوازنات. لم يعد مرغوباً بوجوده كشاهد. عليه أن يتحوّل إلى متّهم ثم إلى مُدان.
سيكون رياض سلامة فتيل تفجير جمهورية من رأسِها إلى أخمص مؤسساتها. ضرب الإستقرار سيكون من بوابة مصرف لبنان. ليس مستَبعداً أن تعود لغة الخرطوش سائدة بعد ذلك. في مصرف لبنان تنام نوماً هنيئاً كل فضائح السياسة. إذا استيقظت فلن تدع أحداً ينام. لكل سياسي رقم في أدراج المركزي. لكل حزب وجمعية. ليس ضرورياً أن تكشف الضحية عن كل هذا دفاعاً عن نفسها. ستخرج الأرقام من تلقاء نفسها بفعل الفوضى. ستتحول بسرعة إلى قذائف سياسية. سيتولى الفقر تحويلها إلى قذائف حقيقية.
في هذه الجولة من الحرب اذا نشبت لن يكون للبنان أحد يعتمد عليه. لا فيليب حبيب ولا الأخضر الإبراهيمي. العالم سيكون مشغولاً بحقبة ما بعد كورونا. لا أماً حنونة في باريس ولا طائفاً ” رَفيقاً ” ولا سين سين. تخيَّلوا هذا المشهد الذي يدعونا اليه السياسيون الذين حكمونا. مشهد يُشعِلُ فيه نيرون النار في روما ثم يجوب فيها باكياً مع شعبها.
لن يفيد الحاكم إنصافه في أي محكمة دولية. الإغتيال المعنوي في دول العالم الثالث أقوى من محكمة لاهاي. تصريحه في الإعلام عن أرصدته وأملاكه وتأكيده أنها جنى العمر قبل الحاكمية سيكون بلا جَدوى أيضاً. الفقر سيجرّ الناس إلى تصديق بيار حشّاش ونبيل نقولا. الحاكم يواجه غول السياسة بلغة دالوز فيما المطلوب مواجهته بلغة زُقاقية.
محاسبيّاً لازار على حق. الدولة تُخطِر المركزي أنها ليست مدينة له. بالمقابل يرد المركزي أن ليس له في ذمة الدولة ما يقارب ١٢ مليار دولار. حلّ ألغوريتمي لجزء لا يستَهان بِه من الدّيون المستحقّة. لازار لازار مهتمة بأمور كثيرة والمطلوب أموال المودعين. حظٌّ فالِقٌ للصّخر. بين لازار والمودعين والإشاعة والإساءة والخصم والحليف وفَريق الإغتيال المَعنوي يتحوّل رياض سلامة إلى كبش نموذجي. يتمحور البحث راهناً حول نوعية السكّين وتوقيت الذبيحة.
from وكالة نيوز https://ift.tt/3ccQPGa
via IFTTT
0 comments: