Thursday, April 2, 2020

أميركا دون رئيس


نبيه البرجي
هذا ليس بالسؤال الافتراضي : ماذا اذا حال الكورونا دون الانتخابات الرئاسية الأميركية قبل انتهاء الولاية الحالية في 20 كانون الثاني 2021 ؟
لا نص في الدستور يتصدى لهذه الحالة . الأمبراطورية (كما نعلم) فوق الاحتمالات , فوق البشر …
حين استقال ريتشارد نيكسون (ووترغيت) , كان من الطبيعي أن يخلفه نائبه جيرالد فورد في المنصب . وزير الخارجية هنري كيسنجر الذي لم تفارقه يوماً غواية البيت الأبيض , حاول , بالتنسيق مع اللوبي اليهودي , التشكيك بدستورية الانتقال لأن فورد لم ينتخب , بل عيّن اثر استقالة سبيرو أغنيو الذي تنحى بسبب فضيحة مالية .
كيسنجر كان يعتبر نفسه الرجل الثالث في هرمية السلطة . أركان الاستبلشمانت الذين كانو على بيّنة من تشكيله اللولبي حالوا بينه وتلك الهرطقة . لعل مايك بومبيو يفكر بالطريقة نفسها . أن يكون الرئيس الانتقالي الى أن تعود الأوضاع الى طبيعتها . لا بد الآن من تعديل دستوري يرعى الحالة .
دونالد ترامب , بخيال المهرج , يريد أن يكون النموذج الآخر عن فرنكلين روزفلت الذي انتخب لأربع ولايات بالنظر لاندلاع الحرب العالمية الثانية ابان ولايته الثانية .
بمنأى عن التناقض الدراماتيكي بين الشخصيتين (روزفلت يعتبر مع جورج واشنطن وأبراهام لنكولن أعظم ثلاثة رؤساء في أميركا) , الحرب لم تحدث على الأرض الأميركية , كما هي حال الوباء الذي ولج حتى الى البيت الأبيض , والى تلة الكابيتول , ناهيك عن البنتاغون …
روزفلت هو رجل الـ”New Deal ” (1933 ) الذي أنقذ بلاده من التداعيات المروعة لـ”الثلاثاء الأسود” (1929 ) . اذ أرسى القواعد الفلسفية , والاستراتيجية , لليبرالية , هو رجل الـ”Bretton Woods” , الاتفاقية التي وقعتها أربع وأربعون دولة باعتماد الذهب قاعدة للتبادل ما أدى الى الاستقرار النقدي في تلك الدول عقب سنوات من الفوضى النقدية والاقتصادية العاصفة .
في عهد فرنكلين ديلانو روزفلت (اف . دي . آر) , تجلى الأفق الأمبراطوري للولايات المتحدة التي تمددت في أرجاء الكرة الأرضية . الآن , من التمدد الى الانكفاء , ومن الصعود الى الهبوط .
قناة “فوكس نيوز” تحاول تسويق خدعة التماهي بين الرجلين . هذا في حين يتوقع ساسة , ومعلقون , كبار نهاية تراجيدية لدونالد ترامب . ثمة وثائق , ومعطيات , لا تقبل الجدل حول تلكؤه , شخصياً , في تقييم مخاطر “كوفيد ـ ” ”
19″ , واحتمالات تفشيه في الولايات المتحدة .
حديث المحافل السياسية , والصحافية , حول الرئيس , بالشخصية الفرويدية , وبالهاجس الهيستيري الى الولاية الثانية . قناعة واضحة بأنه لا يمكن أن يكون رجل المرحلة, ولا نائبه مايك بنس , بالتقاطيع الملتبسة والباهتة , وبالبنية الايديولوجية الغيبية .
المعلق الأميركي البارز , من أصل هندي , فريد زكريا يشير , بأصابعه العشرة , الى دونالد ترامب “هذا هو الفايروس الحقيقي” . هل يسقط بالسكتة الدماغية ؟
ما يستشف من مقالات الأيام الاخيرة , والجائحة تضرب العظمة الأميركية أكثر فأكثر , أن الرئيس الأميركي عرض تصوراته أمام مجلس الأمن القومي حول السيناريو الذي أعدته ايران للأنقضاض , عبر الميليشيات التابعة لها , على القواعد الأميركية في العراق , والى حد قتل وأسر عسكريين أميركيين .
الحل بالحرب الاستباقية , أو بالحرب الوقائية .هكذا يتم له الهروب من موت سياسي الى موت سياسي آخر . هل من حدود لغباء الأمبراطور ؟
ترامب يرى أن آيات الله الذين أظهروا قصوراً مدمراً في محاولة استيعاب الوباء , دون أي اشارة الى الانعكاسات القاتلة للعقوبات , يعتبر أن أركان السلطة في ايران يحاولون تغطية فشلهم أمام شعبهم بالهروب الى الحرب , لافتاً الى التصعيد المفاجئ في اليمن لاستدراج القوات الأميركية في السعودية .
لنتصور أميركا دون رئيس . هذا ممكن جداً . غروب أمبراطورية ؟!



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2xDxWx4
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل