Sunday, April 12, 2020

هيركَات أو وطن كات؟

“ليبانون ديبايت” – روني ألفا

لم نبلُغ بعد قعر الإنهيار. ما زلنا نأكل ونشرب ونتمتّع بالكهرباء على مدار الساعة. ما زالت تصلنا مياه الشفّة وما زلنا نأخذ الدواء في مواقيتِه. الإنهيار التام نصلّي ألا يحلّ إنّما المسار إنحداري وقادمون إلى زمن لن تكون فيه الحكومات ممسكة لزمام إدارة المجتمعات. بلادنا هشّة. ستذوب فيها السلطة ذوبان الشوكولاته تحت شمس حارقة.

من واجب الحكومة اليوم وضع خطّة للإنهيار الشامل. مطالبتها بالإصلاح هراء. مطالبتها بخطة إنقاذ هراء أكبر. خطّة مواكبة لشيخوخة المجتمع. في الطب هناك الجيرونتولوجيا ذات إختصاص وحيد: مواكبة مرضى الحالات النهائية للوفاة من دون عذاب. مؤسف إنما يجب أن تتحوّل الحكومة اليوم إلى حكومة جيرونتولوجيا.

عام 1908عاشت الولايات المتحدة أزمة مماثلة. صندوق الاحتياطي المركزي المعروف تحت مسمّى الفيدرال ريزورف تعرّض لزلزال. سحب المستثمرون المذعورون سنتذاك المليارات من الدولارات من حسابات سوق المال حيث كانت تحتفظ الشركات بالنقود لتمويل العمليات اليومية .

لو استمرت عمليات السحب لمدة أسبوع واحد إضافي ، ولو لم يتدخل الاحتياطي الفيدرالي والحكومة الأمريكية لدعم الوضع المالي لتوقف الاقتصاد بأكمله.

بمعنى آخر كانت الشاحنات ستتوقف عن السير ، وكان الطعام سينفد من متاجر البقالة ، ولاضطرّت الشركات إلى الإغلاق. هكذا كان مدى اقتراب الاقتصاد الأمريكي من الانهيار الحقيقي منذ اثنتي عشر عاماً. لا حكومة قادرة عندنا ولا مجلس إحتياطي فدرالي في بلد أصغَر من بطن النّملة.

أترك للمحللين الإقتصاديين تحليل الظاهرة الكورونية وتداعياتها في بلد كانت كوروناه الأخلاقية مستفحلة فيه قبل جرثومة يوهان بسنين. نعيش بكل بساطة مرحلة ما قبل إنهيار القطاع المصرفي في العام 1930 من القرن الماضي.

مع استفحال الكساد الاقتصادي في أوائل الثلاثينيات ، ولما كان لدى المزارعين أموال أقل وأقل لإنفاقها في المدن ، بدأت البنوك تُظهر علامات التعثر بمعدلات مقلقة. خلال العشرينات في الولايات المتحدة ، كان هناك ما يقارب ال 70 مصرفاً يتعثر كل عام.

عندما حلّ الانهيار وخلال الأشهر العشرة الأولى من العام 1930 ، تعثّر 744 مصرفًا حتى وصل العدد إلى ما يقارب 9000 فرعاً خلال عقد الثلاثينيات. تشير الأرقام المخيفة يومها إلى أن المودعين خسروا ما يقارب ال 140 مليار دولار بسبب إخفاقات البنوك. نعيش الإرهاصات نفسها والتغاضي عن هذه الحقيقة هو مجرّد دفن رؤوس نعامة في الرمال.

تحرّك في تلك الحقبة الرئيس فرانكلين روزفلت . والملفت أن البنوك كانت فرضت قيودًا على المبالغ التي كان يُسمَح للمودعين سحبها. أعلن روزفلت عطلة مصرفية وطنية تم بموجبها إغلاق البنوك لامتصاص الأزمة. تماماً كما حدث عندنا في خضمّ الثورة.

إذا وصلنا إلى هذا الدّرك ستغلق المصارف أبوابها بشكل نهائي. عندها سيتحوّل الناس في لبنان إلى بنوكهم الخاصّة في خزنات البيوت التي بدأت تتآكل. أدخلوا إلى أي مصرف اليوم. سيقال لكم أن خدمات الكاش حتى بالعملة اللبنانية غير متاحة. مع الوقت ستتآكل قدرة المبالغ الموجودة في الخزنات الخاصة وسيصبح من المتعذر على الغني والفقير على حد سواء التزود بالمستلزمات الأساسية للعيش. حتى الدولار المحفوظ برموش العيون في البيوت سيفقد قيمته.

سيدوم الركود المميت في لبنان عشر سنوات على أقل تعديل. دام عقداً بعد العام 1929في الولايات المتحدة. لا شيئ ينبئ في بلد مفكك مثل بلدنا أنه سيدوم أقل من ذلك. معدّلات البطالة اليوم في لبنان تقارب ال 36 بالمئة أي حوالي 700000 شخصاً عاطلون عن العمل. مع بلوغ الإنهيار التام سنكون أمام معدّل مرعب يقارب الضّعف.
نحن أمام كارثة. من يعدّ العدّة في لبنان لاحتمال وقوعها في أي لحظة؟ أي خطّة تُعَدّ؟ أي خليّة أزمة؟ لم تعد المسألة مسألة هيركات أو كابيتال كونترول. المسألة صارت وَطَن كات. هل من سميع؟



from وكالة نيوز https://ift.tt/2Rv2XKn
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل