Sunday, March 29, 2020

نصرالله يُساند دياب في مَعركته: العودة الآمنة أولًا!

“ليبانون ديبايت”- ملاك عقيل

في الأيام الماضية تعرّضت حكومة حسان دياب لمزايداتٍ فاضحة وجولاتٍ من الحَشر في الزاوية كادت تُخرِج الأمور عن السيطرة.

معارضون وموالون، ومنهم من نصَّب نفسه “أمّ وبيّ الصبي” في فلشِ السجادِ الاحمر أمام دكتور الجامعة الاميركية ليدخل الى السرايا الحكومية، بلّوا يَدَهم برئيسِ الحكومة وصوّروه كـ”خائنٍ” بسبب تركه المغتربين والطلاب اللبنانيين المنتشرين في أصقاع الأرض لقدرهم… ويصدف أن نجليّ دياب وأولاد عددٍ من الوزراءِ من ضمنهم!!

وحدها، كلمة أمين عام حزب الله حسن نصرالله “هدّت اللعبة” ونفّست الرؤوس الحامية في أوضحِ مطالعةٍ “دفاعية” عن الحكومة وقراراتها، في مواجهةِ حلفاءٍ بدأوا يلوّحون بورقةِ هزّ الحكومة من الداخل إن عبر رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي هدّد بالاستقالة من الحكومة على خلفية التعيينات المالية، أو رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي، وبعد الكباش حول ملفّ الكهرباء والتعيينات والـ”كابيتال كونترول”، رفع السقف بتعليق المشاركة في الحكومة ردًّا على موقفِ الحكومة المتريث في قرار إعادة المغتربين ما لم تتأمّن الظروف اللوجستية والصحية التي تضمن سلامتهم وسلامة المقيمين ومنع تفشي العدوى والحفاظ على “مناعة” النظام الصحي في لبنان ومنعه من الانهيار.

“العودة الآمنة”. المُصطلح الذي استخدمه السيد نصرالله هو نفسه الذي حَكَم قرار الحكومة في تعاطيها مع هذه الأزمة الانسانية. وإذ بدا الأمين العام للبعض كـ “مُرشدٍ” للحكومة يُملي عليها ما يجب فعله جازمًا بعودة المغتربين، فإن نقاط الالتقاء مع دياب حول آلية العودة كانت واضحة.

وظهر نصرالله كَمن يَضَع حدًّا لكلّ المزايدين، بمن فيهم حليفه بري، مُفرملًا جولات الاستثمار السياسي و”جَلد” الحكومة حين سلّم بأن “هذا الملفّ أكبر من الحكومة والدولة، وهو يحتاج الى استنفار وطني من الجميع”، مؤكّدًا “أن الحكومة بدأت العمل على إعادة المغتربين عبر الوزارات المعنية وهذا يحتاج تعاوننا جميعًا”.

وكانت المقارنة التي أجراها نصرالله بين “دول عظمى مرتبِكة وعاجزة كالإدارة الأميركية والحكومة البريطانية” وبين حكومة دياب “التي تتحمّل المسؤولية وتقوم بتدابيرٍ جيّدة ضمن الأطر المتاحة والتنويه بجهودها”، كافية لرسم الخط الفاصل مع من يستسهل “التنقير” على الحكومة ورجمِها وتصفية الحسابات الضيّقة معها والتي قد تأتي على شكل خلافٍ على تعيين موظفٍ، وذلك في أصعب لحظةٍ سياسيةٍ وأخطرها في تاريخ لبنان الحديث. ولعلّ العبارة الأوضح لرسالة نصرالله تجلّت بالقول “في المعركة يحتاج الإنسان إلى المعنويات لا أن ينشغلَ في الطعن هنا وهناك”!

معادلةٌ واقعيةٌ كشفت “تخبيص” كثيرين. سمير جعجع الذي صَدَح صوته مطالبًا منذ أوائل آذار بوقفِ الرحلات كلها من البلدان الموبوءة سبق الجميع في دعوة الحكومة “لاتخاذِ قرارٍ سريعٍ جدًا بتنظيم رحلاتٍ للراغبين من اللبنانيين في الانتشار بالعودة”، من دون حتى ذكر معيار العودة الآمنة لحمايتهم أولًا، واصفًا موقفها بـ”المخزي”.

رئيس مجلس النواب نبيه بري تناسى دعوته الحكومة قبل أيامٍ لإعلان حالة الطوارئ ما يعني تجاوز سقف التعبئة العامة بكثير، فيصبح الجيش صاحب الأمرة الاوحد بكل شيء بما في ذلك إبقاء المطار مغلقًا حتى إشعارٍ آخر واتخاذ تدابيرٍ أكثر تشدّدًا منعًا لتفشي الوباء.

هو بري نفسه الذي لم ُيرصَد له أي موقفٍ حين بدأ الطلاب اللبنانيون في ايطاليا بإطلاق صرخاتِ استغاثةٍ لإجلائهم من الدولة الاوروبية الأكثر تضرّرًا من الوباء.

في إيطاليا، عددٌ لا يستهان به من اللبنانيين الشيعة لكن ليس من أصحاب الرساميل والمليارات أو ممّن يعتبرون “خزّان” التمويل المالي لإمبراطورية عين التينة. لن يكون صعبًا رصد توقيتِ “هَجمة” بري على الحكومة بموضوعِ العودة حين بدأت الاتصالات تَرد الى عين التينة من مغتربين في دولٍ أفريقية يطلبون نجدة “الاستاذ” للعودة الى ديارهم وعلى نفقتهم الخاصة.

وفق المعلومات، الحكومة حَسَمت أمرها. لن يُسمَح بصعودِ أي لبناني الى “طائرات العودة” في أي دولة من دون إجراءِ فحص “كورونا”. وتقول أوساطٌ وزاريةٌ معنية، “لا يمكن وضع لبنان في دائرة الخطر. فالـ 438 إصابة ممكن أن تصبح أربعة آلاف. يجب التحقق من عدم وجود أي إصابةٍ داخل الطائرات العائدة”.

وتضيف، “عودة المغتربين لا نقاش فيها، لكنها مرهونة بالمعايير التي سيضعها وزير الصحة حمد حسن إذ سيقدّم تقريره غدًا الثلاثاء أمام مجلس الوزراء”.

وتفيد معطيات، أن تواصلًا مباشرًا يحصل مع حكومات الدول المعنية، ومع الجاليات اللبنانية حيث تبيّن أن بعضها تكفّل بالاستحصال على أجهزة فحص الفيروس.

عمليًا، بنى نصرالله جزءًا كبيرًا من خطابه على داتا الوزير حمد حسن العلمية والسياسية. إذ أنّ الأخير قال الامور بصراحةٍ مطلقة أمام اللجنة الوزارية “حين قَدمت الطائرات من ايران في بداية الأزمة صار الفيروس شيعيًا واتهمت طائفة بأكملها بنقل كورونا الى اللبنانيين. فهل يمكن تصوّر ما يمكن أن يحصل إن سمحنا بمجيء المغتربين من دول أفريقية من دون إجراء الفحص اللازم والتحقق من عدم حملهم للعدوى؟ ومن يمكن أن يَحملَ عبء انهيار المنظومة الصحية في لبنان؟”.

وفيما أصوات المزايدات كانت تصدح في الخارج مطالبة “العودة فورًا”، وبعد مبادرة بري الاتصال يوم الأربعاء بدياب طالبًا منه تأمين هذه العودة سريعًا وردّ الأخير برفض العودة العشوائية، تولى وزير الصحة خلال اجتماع لجنة الطوارئ الوزارية التي انعقدت في السرايا بعيد جلسة مجلس الوزراء في بعبدا الخميس الماضي توضيح معايير وضوابط هذه العودة، وقدّم شرحًا عن الفحص السريع “Rapid Test” لكشف فيروس كورونا والتوقعات الممكنة لحصول لبنان على عيّناتٍ منه خلال الأيام المقبلة بعد التثبّت من جودته وفعاليته عالميًا، على أن يتمّ إرسال الفحص السريع مع طواقم طبية الى البلدان المعنية لنقل اللبنانيين، أما تثّبت إصابته بالفيروس فينقل في طائرات الاسعاف المجهّزة”.

ووفق المعلومات، لا تزال وزارة الخارجية تحصي عدد اللبنانيين الراغبين بالعودة حيث تقدّر الأعداد بالآلاف حتى الآن. وقد تمّ الاتفاق في جلسة الخميس على التفاصيل التقنية المتعلقة بالفحص السريع وإجراءات التسجيل في الخارج، ومحاولة معرفة أي دول تجري هذه الفحوصات بمبادرة ذاتية منها، مع العلم أن الغالبية العظمى من هذه الدول لا تقوم بذلك. وهو الأمر الذي واجه الطلاب اللبنانيين في ايطاليا حيث أن تمنّع الدولة الايطالية عن إجراء الفحص لهم قبل صعودهم الى الطائرة، دفع الحكومة الى تجميد عملية العودة.

وفي الوقت الذي أطلق فيه بري تهديده يوم السبت كانت ورشة العمل منعقدة في السرايا الحكومية، ومن ضمنها تحديد جدول اعمال الثلاثاء، حيث سيتمّ مبدئيًا الإعلان عن الاجراءات التقنية والآمنة لهذه العودة ومستلزمات حماية العائدين بعد وصولهم الى بيروت.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2QTEOgz
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل