Saturday, March 7, 2020

قاضية “العهد”: سأريكم!!

“ليبانون ديبايت”- ملاك عقيل

وأخيرًا انجزت التشكيلات القضائية. مقارنة بالحقبات السابقة يمكن تسجيل إنجاز نوعي: إصرار أعضاء مجلس القضاء الاعلى على “تركيبة” تشكيلات وفق معايير محدّدة أعدّت وانتجت وغربلت على طاولة القضاة وليس في غرف السياسيين… ولكن!

سيكون من الطوباوية القول بأن التشكيلات خرجت سالمة بالكامل من مَعبَر الشروط السياسية وبعض الحسابات الضيقة. يكفي القول “نحن بلبنان”. لا أحد قادر على إدعاء أن الامور قد تنتظم كما يجب بكبسة زر وإلا لما كانت لتتطلّب وقتًا إضافيًا لتصدر وتثير كل هذا الغبار والجدل.

تقول أوساط بعض القضاة “لقد حصلت استمالة للرأي العام تحت عنوان منع التدخل السياسي لكن في المقابل حَكَم بعض المناقلات منطق الاستئثار في اختيار القضاة، وأحيانًا الصداقات الشخصية أو الكيدية، أو قطع الطريق على منافسين، أو استبعاد البعض ظلمًا بتهمة “أن رأسهم كبير”، والأهم أنّ هناك قضاة سبق أن أحيلوا الى التفتيش القضائي وصدرت بحقهم قرارات “غير بسيطة” من المجلس التأديبي تسلّموا مراكز بارزة فبدت المعايير المعلن عنها غير مُصانةٍ تمامًا، وبالنتيجة ثمّة من القضاة من شعر بظلم كبير”.

ويقول قضاة آخرون “اضعف الايمان بعد إعلان وزيرة العدل اصرارها على احترام الشمولية في تطبيق المعايير الموضوعية للكفاءة وبأنها ليست ساعية بريدٍ أن تتحقق بالفعل من كون قضاة عيّنوا في مراكز اساسية إذا أيًا منهم قد أحيل الى المجلس التأديبي”، ويعتبر هؤلاء أن “بالميزان السياسي بَدت التشكيلات كرسالةٍ سلبيةٍ للتيار الوطني الحر وتيار المستقبل، فيما راعت بالمقابل الرئيس نبيه بري بأخذ الرضى المسبق في ما يتعلق بالقاضي رهيف رمضان، وربما في مكان ما قد تكون حَمَلت رسالة تلقفها النظام السوري بارتياح”!!

شكّلت مدعي عام جبل لبنان السابقة غادة عون “حالة خاصة” جدًا ضمن التشكيلات في ظل الحديث عن استقالات أخرى منها القاضية رولا الحسيني كما ذكر موقع “المحكمة”. تقريبًا طغت عقدة عون على باقي العقد. قيل أن رئيس الجمهورية ميشال عون لن يرضى ولن يوقع إذا “لم تنل حقها كما يجب”، مبديًا عدم تمسّكه بالضرورة بالبقاء في موقعها. المهم حفظ ماء وجه القاضية المحسوبة على العهد وأحد أدواته في محاربة الفساد. تردّد قبل صدور التشكيلات أنّ عون ستقدّم استقالتها في حال عيّنت مستشارة في محكمة التمييز، تمامًا كما ورد في التشكيلات التي ولدت ليل الخميس. وهذا ما فعلته.

سيشكّل ذلك سابقة في تاريخ التشكيلات. قاضية من وزن غادة عون محسوبة على طرفٍ ينادي بمكافحة الفساد ورفع اليدّ عن القضاء تقرّر الاستقالة وتتمرّد، على فايسبوك ثم بمؤتمر صحافي، على تشكيلات قيل أنها “الأنظف” منذ عقودٍ وأزعجت سياسيين وألزمتهم حدّهم وكان معيارها الاساس النزاهة والكفاءة والانتاجية واستبعاد من “طلعت ريحتهم” من القضاة. مع العلم أنّ مصادر تؤكد وجود نحو عشر شكاوى ضد عون في التفتيش القضائي ولم يتمّ تحريكها لأسباب سياسية، إضافة الى العقوبة المسلكية بحقها من جانب مدعي عام التمييز.

في المقابل، قضاة كثر في العدلية يبدون ارتياحهم لهذه التشكيلات “التي جاءت عادلة ومنصفة بغالبيتها العظمى، وخلافًا لما يقول البعض لم تشمل أي قاض أحيل الى التفتيش القضائي أو المجلس التأديبي”.

مع اختلاف المضمون والحيثية يَصعب فصل هذا المشهد عن الهزة غير المسبوقة التي شهدها الداخل اللبناني مع إصدار مدعي العام المال علي ابراهيم وضع إشارة “منع تصرّف” على أصول ٢١ مصرفاً لبنانياً وتجميد مدّعي عام التمييز غسان عوديات القرار.

قد يكون أكثر من وصّف بدقة هذا الانفصام النائب جميل السيد بقوله “ليس سرّاً أن المرجع السياسي للأول هو الرئيس بري. والمرجع للثاني هو الرئيس الحريري. وأنّ القرارات الهامة يختلط فيها القضائي بالسياسي بالمالي، لكن لماذا هذه البهدلة العلنية؟ سقط القضاء في قدَر السياسة”. توصيف واقعي لا تحامل فيه. يشبه في خلاصته “الحكم” الذي أصدره البعض بالتشكيلات القضائية “القضاء يسقط في قدر سياسة الاستئثار والكيدية”. وصل الامر بالقاضية عون الى حدّ اتهام أرفع مرجعية قضائية برئاسة القاضي سهيل عبود المعروف بشفافيته ونزاهته، بأنها أعدّت “تشكيلات انتقامية” ملوّحة بمؤتمر صحافي ستفضح فيه كل شيء!

وبعد صدور التشكيلات بإجماع أعضاء مجلس القضاء الاعلى والتوقيع للمرة الاولى في تاريخ القضاء على الأسباب الموجبة التي اعتمدت لإقرار هذا المشروع ستكون “رحلة” المرسوم غير سهلة. البداية عند وزيرة العدل ماري كلود نجم التي أوحت بأنها ستدرس التشكيلات، وبعدها تكرّ سبحة توقيع المرسوم العادي الذي يشمل تواقيع وزير المالية والدفاع (في ما يتعلق بقضاة القضاء العسكري) ورئيسيّ الحكومة والجمهورية”.

وتفيد المعلومات، أنّ وزيرة العدل قد تراجع ببعض الاسماء منهم غادة عون ومعاون مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية رولان شرتوني وقاضي التحقيق العسكري مارسيل باسيل… والذين عيّنوا كمستشارين. في هذه الحال وفي حال إصرار أعضاء مجلس القضاء الاعلى على الاسماء موضع الاعتراض تصدر بتصويت 7 من 10، فتوقع وزيرة العدل عليها ثم وزيريّ الدفاع والمالية، ورئيس الحكومة ثم رئيس الجمهورية.

وفي هذا السياق، ينقل عن الرئيس عون عدم رضاه عمّا آل اليه التعاطي مع وضع القاضية عون. ويقول مطلعون “ان عون ذهب الى حدّ الجزم بأن نقل غادة عون من موقعها يجب أن يقابَل بتوقيفِ النائب هادي حبيش (بسبب الاشكال الذي حصل في مكتبها على خلفية توقيف هدى سلوم). لكن البديل قد يسهم في نزع فتيل “ثورة القاضية” من خلال صدور قرار في وقتٍ لاحقٍ عن رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود ينهي فيه انتداب رئيس محكمة التمييز العسكرية القاضي طاني لطوف (الجنائية) أو رئيس محكمة التمييز العسكرية القاضي صقر صقر (الهيئة الجنحية)، لتعيّن غادة عون في أحد هذين الموقعين خصوصًا انه لا يزال لديها ثلاث سنوات في السلك قبل التقاعد”.

فيما يتوقع من يَعرفها أن تقدّم فعلًا استقالتها لـ “تبجّها” بعد خروجها من السلك وليس قبل ذلك كون لا يحق لها عقد مؤتمر صحافي من دون إذن مدعي عام التمييز”.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/39z85nV
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل