Wednesday, March 11, 2020

حدود العلاقة بين حزب الله والقوات اللبنانية

“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني

الطريق الى حاضر العلاقة بين “حزب الله” و”القوّات اللبنانية” لا يُمكن دخولها من دون العبور أو المرور بالماضي، هذا الماضي الذي يُبقي على حواجز كثيرة تمنع التقدّم بين الطرفين على أكثر من محورٍ خصوصًا محور التحالفات السياسية والتفاهمات حول طبيعة لبنان والنظرة الى مفهوم سيادته.

وعلى الرغم من أن هذا الماضي لم يمنع التلاقي بين “الحزب” و”القوّات” في أكثرِ من ملفٍ، مثل الفساد والدعوة إلى المحاسبة أو عبر الحوار المباشر داخل مجلسي النوّاب والوزراء، إلا أن العلاقة بينهما لا تزال حذرة أقلّه في العلن، وتخضع بين الحين والآخر لرشقاتٍ ناريةٍ لكنها غير قاتلةٍ.

خلال السنوات القليلة الماضية، سادت تكهنات حول العلاقة بين “حزب الله” و”القوّات اللبنانية” ترافقت مع تسريبِ معلوماتٍ وصورٍ تتعلّق بلقاءاتٍ ثنائيةٍ جمعت بين الطرفين، رغم نفي الجهتين كليًّا لهذا الأمر، إلا أن التكهنات والتأويلات حول العلاقة بينهما، عادت إلى الواجهة في حزيران من العام الماضي عندما أثنى السيد حسن نصرالله على موقفِ رئيس حزب “القوّات” سمير جعجع في ما يتعلق بملف التوطين ورفض الحكيم له من منطلق “لو أعطينا أموال العالم لن نقبل بالتوطين”. وأكد نصرالله يومها وجود تواصلٍ وزاريٍّ ونيابيٍّ “بيننا وبين “القوات” ولكن في السياسةِ نحن في مكانٍ وهم في مكان آخر.

اليوم يعود السجال حول العلاقة بين الطرفين إلى الواجهة مجددًا خصوصًا بعد اللقاءات الأخيرة التي عقدها الحكيم مع مجموعة إعلاميين وذلك على مرحلتين أو ثلاثة، حيث صبّت بعض التحليلات في خانة تحييد جعجع “الحزب” من الهجمات التي يشنها على العهد أو من يدّعون تمثيله أو الحرص عليه، وفي المقابل راح البعض الآخر يُدافع عن “معراب” وسيّدها من منطق أن في البلد اليوم أولويات وأن المعركة إقتصادية بامتياز ولا يوجد لدينا ترف الوقتِ لنضيّعه في الخلافاتِ السياسيةِ.

جدلية العلاقة بين “حزب الله” و”القوات اللبنانية” التي تطل كل فترة لتفرض نفسها على الواقع اللبناني، لا يُمكن حصرها إلا بطرفي “الخلاف” هذا إذا كان فعلًا هناك خلاف حقيقي أو جوهري بينهما خصوصًا وأنّ تحالفًا كان جمع بينهما ضمن توليفةٍ سياسيةٍ واحدة، لمواجهةِ المعركة التي خاضتها “الثورة” في انتخابات نقابة المحامين والتي أدت في النهاية إلى فوز المرشح ملحم خلف برئاسة النقابة.

من جانب “حزب الله”، ثمة تسريبات سياسية تخرج عن اكثر من جهةٍ يجمعها من هم في حلفٍ استراتيجيٍّ معه، تضع “القوّات” في خانة الخصم لا العدو بالنسبة إلى “الحزب”، فهذا الأخير لا يرى إلا بالإسرائيلي عدوًا له والوحيد الذي يُشكل خطرًا ليس فقط على لبنان، إنما على المنطقة بأكملها، بمسيحييّها ومسلميها. “القوّات” بالنسبة الى “حزب الله” هي خصمٌ داخليٌّ يُمكن الإلتقاء معها ضمن أسسٍ وثوابتٍ وطنية، لكن دائمًا تحت قبّة المؤسسات الدستورية، لكن ليس من باب التحالفات.

هؤلاء يُبرّرون دومًا لـ”حزب الله” خصومته مع “القوّات” على قاعدة أن ماضي الأخيرة “ثقيلٌ” ولا يُمكن تحمّله بأي شكلٍ من الأشكال، لكن رغم هذا ليست من موانع تتعلق بحصول لقاءاتٍ نيابيةٍ أو وزاريةٍ أو داخل اللجان، ولمن لا يعلم فإن “حزب الله” كان أول من اعترض على محاولات إقصاء “القوّات” من الحكومة السابقة لدرجة أن بعض حلفاء “الحزب” أخذوا عليه أنه حمى “القوّات” بينما رفع يده عنهم.

ويذهب بعض حلفاء “حزب الله” أكثر باتجاه موقف الأخير السلبي من جعجع إذ ينقلون أن سيد معراب هو الأكثر تشددًا تجاه الحزب وسلاحه وهو من أكثر الدعاة للعودة إلى إحياء “14 آذار” فقط لمواجهة سلاح “المقاومة”. وفي مكان آخر، يحمّل هؤلاء الحلفاء بعضًا من الجميل لتيّار المستقبل ورئيسه سعد الحريري ولرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في رفضهما الإنجرار وراء جعجع والعودة إلى زمن الإنقسام السياسي.

على الضفّة المواجهة، تؤكد مصادر “القوات”، أن التباين أو الخلاف مع “الحزب” هو تباينٌ استراتيجيٌّ وأيديولوجي يتصل بالنظرة الى لبنان، فالقوات ترى ان لبنان قائم على نهائية الكيان اللبناني، السيادي المطلقة واستقلال ناجز ودولة سيدة مستقلة، أمّا بما يتعلّق بالحياد فهو مسألة أساسية رغم ان البعض يحصر الحياد باسرائيل، بينما الصحيح هو النأي بلبنان عن الصراعات الاقليمية خصوصًا وأن العداء لإسرائيل هو قضية محسومة وهذا الامر موجود في الدستور ولا خلاف عليه.

وتشدد المصادر “القواتية”، على أن لبنان لا يحتمل أن يكون جزءًا من محاورٍ اقليميةٍ وأثبتت التجارب التاريخية أن في كل مرة يسقط فيه الحياد يسقط الإستقرار أيضًا، وبالتالي الخلاف مع الحزب كونه يتعاطى مع لبنان كجزءٍ من محورٍ لا كنهائية وطن سيد مستقل وأيضًا يتعاطى مع البلد على انه يتبع لمنظومة خاصة وهو كما يقاتل في لبنان كذلك الأمر يقاتل في سوريا والعراق واليمن ودول أخرى، وهذا مصدر وأساس للخلاف بيننا.

وتضيف، “ثانيًا، هناك خلافٌ آخر يتعلق بأسلوب عيش اللبنانيين والليبرالية القائمة في لبنان، فخلال المرحلة الممتدة منذ العام 2016 أي منذ التسوية الرئاسية الى حين خروج “القوّات” من الحكومة، كان هناك تعاون مع “حزب الله” تحت سقف المؤسسات سواء داخل مجلس الوزراء أو مجلس النواب، كما انه في الوقت نفسه لا توجد نيّة لأي طرف بالذهاب أبعد من ذلك في ظل وجود الخلافات الاستراتيجية القائمة وبالتالي ظل التعاون بيننا ضمن المؤسسات.

وتُذكّر المصادر، أن جعجع كان توجه برسالةٍ الى “حزب الله” مثلثة الأضلع مؤخرًا وهي إذا كان الحزب يُريد إنقاذ لبنان من الأزمة المالية الموجودة حاليًا فإن المفتاح بيده حيث أن بإمكانه الإنسحاب من أزمات المنطقة، لأن مجرد حصول ذلك سيؤدي الى فتح الأبواب مع العديد من الدول التي كانت أُقفلت نتيجة قتال الحزب خارج لبنان. ثانيًا عليه أن يُسلّم السلاح الى الدولة مما يُمكنها من إستعادة قرارها الإستراتيجي وتصبح بالتالي دولة محترمة يُمكنها اتخاذ القرارات المناسبة وتُعطي الثقة للبنانيين والمساواة بينهم.

وتدعو مصادر “القوّات” الجميع الى الاتعاظ من الحروب السابقة كافة والذهاب الى نظرة موحدة وشاملة حول طبيعة لبنان المستقبل وتحمل المسؤولية بدل أن نتبع سياسة غض النظر عن المفسدين والفاسدين مقابل غض النظر عن السلاح لأن هذا الأمر يؤدي الى فشل وسقوط الدولة. ويبقى الأهم بالنسبة البنا، الذهاب الى بناء دولة حقيقية لنلاقي الصوت الذي خرج في 17 تشرين، لما في ذلك مصلحة للجميع ومن ضمنهم حزب الله والا سيبقى البلد في مستنقع ازمات خارجية وداخلية وسياسية ومالية.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2wPCqQt
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل