“ليبانون ديبايت” – علاء الخوري
لم تنسحب اجراءات “التعبئة العامة” على حركة بهاء الحريري في لبنان، بل خلقت امام الرجل فسحة لملء الفراغ السياسي المُنشغل هذه الايام بأخبار وباء فيروس “كورونا” وسبل الوقاية منها، وبادر الى تنظيم الصف عبر سلسلة خطوات قد يقطف ثمارها في المرحلة المقبلة.
ولكن ثمة خطوات سياسية فاصلة على الرجل اتباعها، لاسيما تلك التي يتقاطع فيها العامل الداخلي مع الخارجي والذي طبع “الزعامة” السياسية في لبنان، وهي خلافاً لمشروع النيابة أو الوزارة، تحتاج الى الدعم السياسي أكثر من المادي لتكون جزءًا من الغطاء الذي يريده الزعيم في مسيرته السياسية وفق الصيغة اللبنانية.
وتفتح هذه النظرية، الباب امام سؤال كبير يتعلق بخلافة سعد الحريري الرجل الذي لا يمكن أن يرثه نائب أو وزير، بل يحتاج الى شخصية لها امتدادها السياسي ومشروعها الجدي ومن أهل البيت. ومن هنا تتقاطع الإيجابيات على شخصية بهاء الحريري القادر على هذا الحمل، لأسباب عدة قد تقوده الى “الزعامة السنية” إن استطاع الرجل الدخول بشكل صحيح في المعترك السياسي اللبناني، ويتطلب الأمر من بهاء الحريري تفجير قنبلة تفتح تلك الكوة وترمم في آن علاقته مع الاطراف الاخرى، لاسيما وأن ما يمر به لبنان اليوم مشابه للمرحلة الانتقالية التي سادت بعد الحرب الاهلية وجاءت بإتفاق الطائف ليكون جسر عبور الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى الدولة اما اليوم فالمرحلة الانتقالية تشهد تغيرات كثيرة بعيدة عن “البندقية” وسلاحها “اقتصادي-اجتماعي”، فهل يرصد بهاء الحريري كل هذه الاشارات ويدخل “زعيماً” على انقاض نظام أظهر هشاشة هذه الطبقة السياسية؟
يمكن الإستناد في الإجابة على هذا السؤال الى تقاطع المعلومات حول ملاحظات بهاء الحريري على اتفاق الطائف، وهو يذهب ابعد من ذلك مطالبًا باتفاقٍ جديد بين اللبنانيين.. خطوة يقرأها البعض على إنها قد تكون واحدة من مفاتيح أُخرى لدخول الشيخ بهاء المعترك السياسي الداخلي، لا سيما وأن السلطات السعودية لا تمانع في وضع اتفاق الطائف على طاولة البحث، ومن يتابع استراتيجية ولي العهد محمد بن سلمان يمكنه تفهم “البرغماتية السياسية” للقيادة السعودية في هذه المرحلة والتي قد تساعد بهاء الحريري على الاقدام نحو هذه الخطوة في حال تقاطعت المصالح والواقعية السياسي مع اللاعب الاقليمي الإيراني وداخليًا مع حزب الله، الا إن هكذا مشروع لا يمكن الولوج اليه في ليلة وضحاها، بل يتطلب بعض الوقت لترتيب الاولويات وإعادة رسم خرائط التفاهمات بين الدول والتي تظهر تباعًا.
وهنا لا بد من العودة سريعًا الى “شريط” زعامة الرئيس الشهيد رفيق الحريري حيث جاء إلى لبنان بإتفاق الطائف بعد حرب اهلية اطاحت بغالبية بنود “الميثاق الوطني” الذي كان معمولا به، وأفضى الاتفاق السعودي السوري إلى تركيبة سياسية دخلت في خلالها الاحزاب التي شاركت في الحرب الاهلية إلى السلطة على مدى أعوام.
اليوم ربما تغيرت الامور، وانهكت “الثورة ” مختلف الاحزاب وعرتها، غير أن الواقع اللبناني يفرض على أي “زعيم” سياسي التعامل بالواقعية عينها، وهذا الأمر يأخذه بهاء الحريري بعين الاعتبار، فالمزاج السني تغير ويمكن أن يلعب الرجل دوراً مهماً على هذا الصعيد، وعلى خارطة التواصل مع الاحزاب يمكن رصد سعي حزب القوات اللبنانية الى تقارب مع الرجل عبر رسائل حملتها شخصيات على صداقة مشتركة بين الطرفين، في حين تغيب المبادرة اليوم على خط المختارة، مع العلم ان واقعية النائب السابق وليد جنبلاط تحرره من قيود التحالفات ويترك الأمر إلى “راداراته السياسية” لرصد الطرف القوي على الساحة وإيجاد ارضية مشتركة للتعامل معه.
والى جانب الارضية السياسية، ثمة خطوات تنفيذية على الارض يسعى من خلالها بهاء الحريري الى تنظيم حركته والتمدد في المناطق منطلقًا من القاعدة “الحريرية”، ووفق المعلومات فإن قراراً اتخذ في الايام الماضية وقضى بأنشاء 18 مكتباً في مختلف المناطق اللبنانية من البقاع الى الجبل وبيروت كما الجنوب الشمال وصولا الى عكار، وبحسب المعلومات ايضا فإن حراك بهاء الحريري ينشط اليوم في اكثر من منطقة، وفق تنظيم دقيق نجده في بيروت وطرابلس كما في البقاعين الاوسط والغربي وإقليم الخروب ومناطق لبنانية عدة، وتفرض الهرمية التنظيمية تواجد مسؤول في أكثر من بلدة مرتبط بالقيادة.
وبحسب المعلومات فإن بهاء الحريري انتهج مسارًا مختلفًا عن مسار الاحزاب التقليدية، رافضًا بالتالي فكرة حزب “كرتونة الإعاشة”، وامتناعه استغلال الناخب من خلال كسب صوته عشية يوم الاقتراع ببعض الدولارات وطعنه بعد الانتخابات، فالرجل يطرح بحسب مطلعين على حراكه تغييرات كبيرة في حال وصوله الى السلطة وفق استراتيجية تساعد على بناء دولة المؤسسات لا دولة المحاصصة وتقاسم المغانم.
وعلى هذا الأساس ينشط الرجل على مساحة الـ 10452 ويتواصل ايضًا مع شخصيات مسيحية ودرزية وشيعية من مختلف المناطق في إطار حراكه التنظيمي الذي يستعد لمحطات جديدة بعد أزمة “كورونا”.
يمكن القول اليوم أن بهاء الحريري خطا نصف خطوة باتجاه الداخل، ولكن بقي على الرجل النصف الآخر والمتعلق بالتفاهمات السياسية الداخلية وبخريطة التحالفات الاقليمية والدولية والتي تشهد انعطافات سريعة بين الدول.
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/39rXdYd
via IFTTT
0 comments: