Wednesday, March 18, 2020

كورونا عراب النظام الدولي الجديد

الدكتور عباس خواجة

أصبح من الواضح في الآونة الأخيرة الحاجة الملحة للولايات المتحدة الأميركية إعادة تشكيل النظام الدولي القائم، وإعادة توازنات القوة الإقليمية في ظل الإنقسام الأميركي الداخلي حول المنطقة، والتردد في أخذ القرارات، الذي جعل الدور الأميركي عرضة للتهميش، تزامناً مع الصعود الإستراتيجي للدول المسيطرة على النظام الدولي والمؤثرة على التوازنات الدولية والإقليمية، فإن إفتقاد الساحة الإقليمية مؤخراً لقواعد واضحة وعدم قدرة الإدارة الأميركية على إدارتها وإحتوائها في ظل سياساتها الخارجية العنيفة خاصة في فرض عقوبات على منافسيها باستخدام استراتيجية المنطقة الرمادية، أي بين السلم والحرب التقليدية ومفهوم الإرغام من دون حرب، مستفيدة من سلطتها على النظام المالي والإقتصادي الدولي، لخدمة وتعزيز مصالحها السياسية، الإقتصادية والتجارية بمواجهة أعدائها ومنافسيها ما عدا الصين.

كل هذه العوامل دفعت الإدارة الإميركية بإتجاه البحث عن مهندس لهذه الفوضى العارمة، وإعادة توازنها بأدوات غير عسكرية، فكانت الأداة البيولوجية ”وباء الكورونا”.

إن ظهور الوباء بهذا الحجم من المخاطر وإنتشاره الجيوسياسي السريع في هذه المرحلة غريباً ومستهجناً ويشير بأصابع الإتهام بإتجاه الإدارة الأميركية وسياستها الخارجية العنيفة بعد إستشعارها بخطر الصعود الإستراتيجي للصين على الأصعدة كافة، وتأثيرها المباشر في الأحداث الدولية والإقليمية وفشل سياسة العراب ترامب بإدخالها تحت عباءة مشاريعه الإقتصادية والتجارية الجديدة، بل أصبحت تشكل هاجساً مقلقاً له بعد تجاوزها لنطاقها الجيوسياسي والإقتصادي في إتفاقيتها الأخيرة مع العراق وتراجع تأثير سياسة الإدارة الأميركية على الدول الأوروبية والقلق أن لا تقف هذه المتغيرات عند هذا الحد، كل هذه العوامل أرغمت الولايات المتحدة على إعادة إحياء نظام دولي جديد بأسس تراعي المتغيرات الحاصلة، مع رسم خارطة طريق للعلاقات والتحالفات الجديدة التي تراعي وجود ومصالح الولايات المتحدة في العالم على قاعدة لا غالب ولا مغلوب.

كورونا ليس مجرد وباء إنه عراب النظام الدولي الإقليمي الجديد.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2U2NgvX
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل