Monday, March 30, 2020

المصارف تنتصر وتُكافأ بتقييد للرساميل على “ذوقها” فشل الإصلاح معلّق “برقبة” الـ… لا “كابيتال كونترول”

خالد أبو شقرا- تداء الوطن

حماية حقوق صغار المودعين يجب ان تحتل الاولوية مع أو من دون قانون كابيتال كونترول (فضل عيتاني)

يعترينا شعور بالإيجابية عند قراءة وضع “حجر الأساس” لـخطة الإنقاذ المنوي البدء بتنفيذها قبل نهاية العام. نتخطى أرقام نقص الدولار الفاضحة والمعطيات المالية القاسية ونسبة التضخم الهائلة، ونتأمل بخطة “التعافي الشاملة” وإعادة هيكلة الدين العام. لكن الآمال سرعان ما يبددها “تطيير” قانون الـ “الكابيتال كونترول” الى غير رجعة، والخلاف على أبسط التفاصيل التقنية للإنقاذ. فكيف بنا إذاً أمام خطة شاملة؟

بعد الكثير من الأخذ والردّ وتقديم مشروع أول وثان وثالث ويمكن رابع لقوننة تقييد الرساميل، سقط المشروع أخيراً بضربة “عين التينة” القاضية. حيث نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله ان “الكابيتال كونترول لم يعد له وجود، وليس وارداً في أيامي ان يشرّع المس بأموال المودعين في المصارف. ولا ان يُمس بالدستور بطريقة استخفافية. هناك المادة 174 من قانون النقد والتسليف، فليلجأوا اليها”.

المادة 174

ذهب القانون غير المأسوف عليه، الذي خصص لحماية المصارف وليس المودعين، وبقيت المادة 174 الأشد “فتكاً”. فعلى ماذا تنص هذه المادة من قانون النقد والتسليف؟

بعد تعديلها بالقانون المنفذ بالمرسوم رقم 6102 تاريخ 5/‏10/‏1973 نصت المادة 174 من قانون النقد والتسليف على ما يلي:

– للمصرف المركزي صلاحية اعطاء التوصيات واستخدام الوسائل التي من شأنها ان تؤمن تسيير عمل مصرفي سليم.

– يمكن ان تكون هذه التوصيات والوسائل شاملة او فردية.

– للمصرف المركزي، خاصة بعد استطلاع رأي جمعية مصارف لبنان، ان يضع التنظيمات العامة الضرورية لتأمين حسن علاقة المصارف بمودعيها وعملائها.

– كما يعود له أن يحدّد ويعدّل كلما رأى ذلك ضرورياً، قواعد تسيير العمل التي على المصارف ان تتقيد بها حفاظاً على حالة سيولتها وملاءتها.

وهكذا بعد أكثر من خمسة أشهر على بدء تطبيق المصارف إجراءاتها التقييدية الاستنسابية، عدنا إلى نقطة الصفر، أو إلى ما دونها. خصوصاً إذا اعتبرنا ان التدابير لجهة التصرف بالودائع “الدولارية”، ستكون أصعب بكثير مع انتهاء أزمة “كورونا” وعودة الحياة الى طبيعتها.

روح الإنقاذ المفقود

بالإضافة إلى إرجاع الحقوق لأصحاب الحسابات المصرفية، وإعطاء المودعين نوعاً من التطمينات وتسيير أمور التجارة والعلاقات الخارجية، فان “الروح الذي يتحكّم بقانون الكابيتال كونترول سوف ينعكس مباشرة على الروح الذي سيتحكّم في مفاصل الرؤيوية للمقاربة الكلية للإنقاذ والنهوض بالإقتصاد”، يقول الخبير الإقتصادي د. كمال حمدان.

ففي الوقت الذي كان من المفترض فيه، ولا يزال ينبغي، أن يكون موضوع “الكابيتال كونترول” والقانون المتعلق به جزء من المقاربة الكلية الأشمل، التي وعدت الحكومة بانجازها خلال أسابيع معدودة أي في أواسط الشهر الطالع، أعيد، بحسب حمدان، “وضع العربة امام الحصان. وتبين ان هناك شبكة مصالح داخل الحكومة، وتباينات لها انعكاسات في الحسابات التحاصصية والمواقف والعلاقة مع المصارف، التي تربطها مع كل طيف من اطياف الطبقة السياسية حسابات مختلفة. فالطبقة السياسية والمصارف وجهان لواقع واحد مستمر منذ 30 سنة ولغاية اليوم”. فليس من الواضح لغاية الآن ما هي المقاربات التي تنوي الحكومة القيام بها في معالجتها الكلية، التي تقول انها تحفظ سلامة الودائع والمودعين وكيف ستعاود رسملة القطاع المصرفي الذي “لا يزال دفترياً واقفاً على قدميه”، يقول حمدان.

تعطّل التجارة

عدم تطبيق قانون الـ”كابيتال كونترول” عادل، وترك تحديد مصير الأفراد والمؤسسات بيد المصارف سوف تكون له انعكاسات هائلة على القطاعات التجارية التي تعتمد بشكل اساسي على الإستيراد من الخارج. ففي حين كان يأمل التجار باعطائهم تسهيلات لجهة توفير الدولار المدعوم بنسبة معينة على غرار بقية القطاعات، أتت النتيجة سلبية، الأمر الذي سيدفع، بحسب عضو لجنة تجار بيروت، باسم البواب، “إلى خسارة مضاعفة للتجار والمؤسسات”. فمن ناحية أولى، سيعجز التجار عن التصرف بودائعهم في المصارف وسيضطرون إلى شراء الدولار من السوق الثانوية بسعر يصل اليوم إلى 2700 ليرة، من أجل تسديد ثمن مستورداتهم. ومن الناحية الاخرى سيؤدي هذا الأمر إلى ارتفاع هائل في الاسعار، يترافق مع انخفاض القدرة الشرائية وإحجام المواطنين عن الإستهلاك. هذا الواقع سيدفع، برأي البواب، إلى “تراجع المبيعات وبالتالي إقفال المؤسسات وتشريد المزيد من العمال”.

ما الحلّ؟

يتفق الجميع على ان الشفافية، ومصارحة الرأي العام بحقيقة الأرقام وما ينتظرهم في المستقبل القريب هو المدخل لأي معالجة جدية. “فكل هذه التوجهات والأفكار الموجودة في المواقف الرسمية المعلنة تتغير عندما نعرف حجم فجوة الحسابات المالية بين مصرف لبنان والمصارف ووزارة المال”، يقول حمدان. “فمن دون هذه الأرقام الدقيقة لا مقاربات جدية للأزمة”.

مع أو بدون “الكابيتال كونترول” فان ما يجب التركيز عليه من قبل الحكومة هو توفير ضمانات لنحو 95 في المئة من الحسابات المصرفية التي لا تتضمن أكثر من 200 الف دولار اميركي، وهذا يتطلب، من وجهة نظر حمدان “أقداماً قوية، وقطع خيوط المصالح والمنافع المشتركة، واتخاذ قرار جريء بشأن ضريبة استثنائية تفرض على الثروة والودائع الكبيرة، وإجراءات تظهر مسافة فارقة بين بيان الحكومة التي تبنت في الشكل خطاب الانتفاضة، والتصرفات التي تقع في دهاليز العلاقات التحاصصية والتباينية بين أطراف السلطة وبينهم وبين كبار المصرفيين”.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/3bDtFIm
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل