“ليبانون ديبايت ” – ملاك عقيل
انتظرَ العونيّون طويلًا فرصة كتلك التي منحهم إيّاها رئيس مجلس إدارة “ميدل ايست” محمد الحوت حتى ينقضّوا عليه دفعة واحدة.
بيان من بضعةِ أسطرٍ ليل السبت يحصر دفع قيمةِ تذاكر السفر لشركات الطيران كافة بالدولار كان كفيلًا بفتحِ باب جهنّم مجددًا على مدير عام طوِّبت له شركة طيران الشرق الاوسط منذ 21 عامًا، التي يتصرَّف بها تقريبًا كمحميّةٍ وملكٍ خاصّ له مع مروحةٍ هي الأكبر والاشمل من تقديمِ الخدماتِ والتنفيعاتِ و”مشاوير الكزدرة” المجانية والـ Upgrade وتدليل كبار القوم وصغارهم على متن “خطوطِ الحوت” للزبائنيّة و”البرطلة”.
خيارُ حاكمِ مصرفِ لبنان في الـ “ميدل ايست” منذ العام 1998 يبدو عصيًّا على “القبع” رغم المحاولات المُتكرِّرَة للفريق العوني من أجل إنهاء خدمات رئيس مجلس ادارة ومدير عام شركة طيران الشرق الاوسط مع مضبطة اتهامية كاملة بسلسلة تجاوزات وارتكابات يرى هذا الفريق أنه يستحق المحاسبة عليها.
قرارُ الحوت الأخير لم يصمد أكثر من 24 ساعة، لكن الحملة بوجههِ استمرَّت وبوتيرةٍ أكبر في ظلِّ التساؤلات عن المسؤول الحقيقي عن هذه الفضيحة. وبلحظةٍ، كاد محمد الحوت أن يتحوَّلَ الى نسخةٍ من محمد شقير لتنضمّ بطاقة السفر الى ضريبة الـ”واتساب”!
سَبق “العوني” المحامي وديع عقل الجميع، وبعد أقلِّ من ساعةٍ على صدور البيان ليل السبت، بالاعلان عن نيَّتهِ تقديم إخبارٍ ضدّ الحوت باعتبار هذا الاجراء بمثابةِ جرمٍ جزائيٍّ يُعاقب عليه القانون.
في اليوم التالي، تسلَّمَ رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل الدفة من خلال “تويت” يتحدث فيه عن مخالفة القوانين بعد مطالباتٍ سابقة له بتخفيضِ سعر بطاقاتِ سفر طيران الشرق الأوسط، مطالبًا التيّار بـ”تقديم إخبارٍ والتحرّك”.
عندها، أوكِلَت مهمّة التصدّي لـ “العدوان” الى المحامي عقل رسميًّا مع صدور بيانٍ عن اللجنة المركزية للاعلام بناءً على طلبٍ من رئيس التيار الوطني الحر بتكليفهِ تقديم إخبارٍ قضائيٍّ أمام النيابة العامة.
بالتزامن، اشتعَلَت مواقع التواصل الاجتماعي بالمواقفِ المُندِّدَة ببيان الشركة خصوصًا من جانب القيادات العونيّة التي تنتظر “خطيئة” كهذه كي تصفّي حساباتها مع “الحوت”، أحد أهم “إنجازات” الحريريّة السياسيّة برأيهم تمامًا كما مجلس الانماء والاعمار، وصولًا الى المطالبةِ بمقاطعةِ مكاتبِ الشركة الوطنية “الخائنة” لليرة اللبنانية!
ولم يكد يجفّ حبر “تويت” باسيل حتى أصدرت نقابة أصحاب وكالات السفر والسياحة بيانًا تزفّ فيه خبر التوصّل الى حلٍّ بتوحيدِ معايير التعامل بين شركات الطيران من جهةٍ وكل من مكاتب السفر والسياحة والمستهلكين من ناحيةٍ أخرى، شاكرةً، كلّ من ساهم من المسؤولين في الحلّ على رأسهم رئيس الجمهورية ميشال عون!!
“ضاعت الطاسة”، واختلطَ الحابل بالنابل مع دخولٍ مُستَجِدٍّ لرئاسة الحكومة على خطِّ حلِّ معضلةِ “بطاقاتِ السفر الوطنية” المفترض أن تكون بالليرة وليس بالدولار، والذي انتهى عمليًّا بتراجع الشركة عن قرارها بضغطٍ من بعبدا والسرايا الحكومية.
ويبدو، أنّ بيان اصحاب وكالات السفر حاول توريط رئيس الجمهورية من خلال الايحاء بأنّه أمَّنَ الغطاء لقرار شركة “ميدل ايست”، لكن بيان رئاسة الجمهورية تكفّل سريعًا بتوضيح المسافة الفاصلة بين الطرفَيْن عبر التأكيدِ على طلب الرئيس ميشال عون توحيد التسعير لبطاقاتِ السفر من خلال تطبيق القوانين اللبنانية بحيث يكون بالليرة اللبنانية. الأمرُ الذي فعلت “ميدل ايست” عكسه من خلال إصدار قرار توحيد التسعير بالدولار الاميركي.
فيما كان لافتًا، إشارة بيان رئاسة الجمهورية الى متابعة عون مع المراجع القضائية المخالفات التي قد تُرتَكَب في التسعير بغير الليرة اللبنانية لاتخاذ التدابير اللازمة بحق المخالفين.
أوساط العاملين في قطاع السياحة والسفر، تؤكد أنّ هدف القرار كان حماية قطاع وكلاء السياحة والسفر، لأنه في الاشهر الاربعة الاخيرة اضطرَّت هذه المكاتب إمّا الى الاقفال أو صرفِ موظفين، إذ كانت مُجبَرَة على القبضِ والدفعِ لشركات الطيران العالمية وكذلك “MEA” بالدولار، بينما كانت الأخيرة وباقي الشركات تبيع بطاقات السفر على اساسِ سعرِ الصرفِ الرسمي أي “1515” وهذا ما أدى الى منافسةٍ غير متكافئةٍ تسبَّبَت بخسائرٍ جمَّة في القطاعِ.
وتضيف، عندما قامت مكاتب السياحة والسفر بحركةٍ احتجاجيّةٍ على هذا الوضع، زارت المرجعيات كافة إضافة الى التواصل اليومي مع “MEA” وكانت أمام عددٍ محدودٍ من الخيارات للمحافظةِ على القطاعِ، من بينها اعتماد تسعيرِ بطاقاتِ السفر بالعملةِ الوطنيّةِ أسوةً ببلدان العالم، لكنّ هذا الأمر لم يحصل.
قرار “ميدل ايست”، وفق الاوساط، في حال تطبيقه كان سيُلزِم مكاتبها في المناطق بالقبضِ بالدولار الاميركي حمايةً لوكلاءِ السفر على اعتبار أنّ موظفي شركات الطيران لا يمكن أن يلعبوا دور الصرّافين في متابعةِ حركةِ الدولار وسعر صرفِ الليرة. بينما تستطيع مكاتب وكلاء السفر والسياحة يستطيعون القبض بالليرة اللبنانية وفق سعر الصرفِ اليوم، مع العلم، أنها مُلزَمة بالدفع بالدولار الى شركات الطيران العالمية”.
وبالتالي، فإنّ لبّ الموضوع، وفق الاوساط، ليس في طريقةِ القبضِ إنّما في اعتمادِ تسعيرةِ بطاقة السفر بالعملةِ الاميركيّةِ. فالمطلوب اليوم ليس الاستعراضات الفولكلورية بل الضغط باتجاه اعتمادِ تسعير تذاكر السفر بالعملةِ الوطنيّةِ لكافة الشركات وليس توجيه الانظار وصرف الموضوع باتجاه طريقة الدفع، مع العلم، أنّ الدفع بالليرة مُمكنٌ في مكاتبِ وكلاءِ السياحة والسفر وما فعلته “MEA” عبر تغيير طريقةِ القبضِ فيه منفعة كبيرة جدًا لوكلاءِ السياحة والسفر وتجنيبًا لهم لمنعِ قطعِ ارزاقهم.
بالتأكيد، مشهد “الحَشر” أمام مكاتب شركة “ميدل ايست” لشراءِ بطاقاتِ السفر المُسَعَّرة بالليرة اللبنانية قبل بدءِ سريان القرار الذي كان مُفترَضًا يوم الاثنين شكَّلَ فاجعة وطنية جديدة تدلّل على مستوى الاذلال الذي بات قوت اللبناني اليومي على أبوابِ المصارفِ والمؤسساتِ وشركاتِ الطيران مع تسليم كثيرين، بأنّ قرارَ التسعير بالدولار الذي أصدرته شركة “طيران الشرق الاوسط” يحتوي على عيبٍ قانونيٍّ فاضحٍ بالإضافة الى قلّةِ مسؤولية وطنية واستخفاف، فيما المطلوب تثبيت التسعير لكافة الشركات بالليرة اللبنانية والقبض بالعملة الوطنية ربطًا بما تمرّ به البلاد من وضعٍ استثنائيٍّ على الصعيدَيْن المالي والاقتصادي.
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2SP78AO
via IFTTT
0 comments: