– شحادة جمال الدين-كاتب سياسي
ما جرى يوم أمس من موجة مركزة فيما يخص وجود إصابة بفايروس كورونا في لبنان وكيف إستغل بعض الإعلام اللبناني هذه القضية للتصويب على علاقة لبنان بالجمهورية الإسلامية في إيران، في محاولة مكشوفة لتحويل القضية من الجانب الإنساني الطبي البحت، إلى التوظيف السياسي المكشوف النوايا.
والمستغرب هو التهويل المفتعل أمام الرأي العام اللبناني حول مرض الكورونا على مواقع التواصل الإجتماعي كان تمهيداً لضرب صورة إيران لدى اللبنانين كما حصل لدولة الصين الشعبية عندما شُنت حملة واسعة على مواقع التواصل الإجتماعي هدفت إلى تشويه صورة الصين لدى الرأي العام العالمي في محاولة لخلق أزمة إقتصادية تجارية للعملاق الصيني مع دول العالم.
والأنكى من ذلك هو السكوت المستغرب سابقاً من قبل الإعلام نفسه عن مسألة رفع الصوت، بوجوب قيام الدولة بحملة وقائية بخصوص تعاملات لبنان مع الصين، خاصة أن الأسواق اللبنانية تحتوي نسبة كبيرة من البضائع الصينية ولم يتوقف هذا الإستيراد منذ بداية أزمة فايروس كورونا، كذلك لم يرتفع الصوت بخصوص تعاملات لبنان مع دول خليجية أعلن عن وجود إصابات بمرض كورونا فيها.
يبدو جلياً أن الصراع ضد المقاومة في لبنان أخذ شكلا دراماتيكيا بعد قضية ’’الكورونا’’ يوم أمس، فالمحور المعادي بعد إنكشافه في المعركة الإقتصادية المفتوحة مع لبنان، بات واضحاً أنه لا يستطيع إحراق كل المراكب، خوفاً من وقوع لبنان تحت سيطرة المقاومة حسب الإدعائات الغربية التي تم تسريب بعض منها للإعلام اللبناني.
كما أن زيارة رئيس البرلمان الإيراني ’’علي لاريجاني’’ إلى بيروت شكلت الضربة القاضية للحرب الإقتصادية التي ُتشن على لبنان بغية جره إلى تسليم قراره، خاصة في القضايا السيادية ومنها الخصخصة وملف النفط وترسيم الحدود، من خلال القدرة على تأمين أسواق بديلة ووقوف دول وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية في إيران وروسيا وسوريا إلى جانب لبنان في هذه المرحلة، أفشل المخطط.
وما الحملة الممنهجة التي خرجت في الإعلام يوم أمس والتي أتت بعيد زيارة لاريجاني إلى بيروت والتي أبدت فيها إيران إستعدادها لمساعدة لبنان للخروج من محنته الإقتصادية، إلا دليل قاطع على تخبط المحور المعادي وشعوره بأن الأمور خرجت عن السيطرة بالنسبة له.
وأمام التهويل الإعلامي ومحاولة زرع الخوف لدى الشعب اللبناني من وجود مرض كورونا في لبنان ، ورغم المؤتمر الصحافي لوزير الصحة الذي دعا فيه إلى عدم الخوف وضرورة الوقاية والتعامل المباشر مع وزراة الصحة في حال ظهور أي أعراض، بالإضافة إلى الرسالة التي وجهها الطالب اللبناني الذي يسكن في مقاطعة ووهان الصينية وشرح فيها أبعاد ومخاطر هذا المرض وأنه ليس بالشكل الذي يتم تصويره فيه، وكما أشارت الكثير من التقارير الإعلامية أن فايروس كورونا ليس بالخطورة التي يتم وصفه بها فيما لو نفذت حملة وقائية بالإضافة إلى إرتباط هذا المرض بجهاز المناعة لدى الفرد، فلدى الأفراد أصحاب المناعة القوية لا يؤدي هذا المرض إلى الوفاة.
غفل الرأي العام اللبناني عن عدوه الأول، الا وهو مرض السرطان، الذي يفتك بأبنائه وهو الوباء الحقيقي الذي لم يتأمن له علاج حتى الآن، ففي مقال نشر في جريدة الأخبار بتاريخ 20 أيلول 2018 (الموت بالسرطان: لبنان أولاً!، تسعة آلاف وفاة و17 ألف إصابة عام 2018)، جعل لبنان يحتل المرتبة الأولى بين دول غرب آسيا في عدد الإصابات بمرض السرطان قياساً بعدد السكان، بحسب تقرير صدر عن منظمة الصحة العالمية، فهناك 242 مصاباً بالسرطان بين كل 100 ألف لبناني، فيما سُجلت أكثر من 17 ألف إصابة جديدة في 2018 وحده ، وهو ما يجعل ضحايا السرطان في السنة أكثر من عدد الضحايا الذين سقطوا بين اندلاع الحرب الأهلية عام 1975 وعدوان تموز 2006، والذين يقدّرون بخمسة آلاف ضحية سنوياً، وهناك 8976 حالة وفاة بسبب مرض السرطان سُجّلت في لبنان عام 2018، بحسب تقرير صدر عن الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية.
وأشار التقرير الى تسجيل نحو 17 ألفاً و294 إصابة جديدة في لبنان في العام، فيما بلغ عدد المصابين بالمرض في خمس سنوات نحو 41 ألفاً و843 شخصاً، 22 ألفاً و250 منهم من النساء و19 ألفاً و593 من الرجال.
في معادلة حسابية بسيطة إذا قسمنا 8976 حالة وفاة بالسرطان عام 2018 على أيام السنة النتيجة تشكل صدمة مدوية وكارثة حقيقة، تظهر نتيجة 24 حالة وفاة في اليوم وهو رقم مخيف بالحد نفسه،
وهذا إن دل على شيء دل على الأزمة الأخلاقية في التعامل مع قضايا مجتمع يعاني من الكوارث الإقتصادية والبيئية والصحية.
في المحصلة بات واضحاً أن إيران تدفع ثمن وقوفها إلى جانب الشعوب المستضعفة في المنطقة وعلى رأسهم الفلسطينيين واللبنانيين، والواضح أكثر أن دخول كورونا إلى لبنان محتمل من أكثر من دولة تعاني من إنتشار المرض فيها، والحملة الوقائية كانت مطلوبة منذ اللحظة الأولى للإعلان عن ظهور المرض في مقاطعة ووهان في الصين، وفرض التدقيق على الأوضاع الصحية للبنانيين القادمين من الخليج وغيرها من الدول، وعلى سبيل الدعابة وتحت مبدأ شر البلية ما يضحك، العدو الإسرائيلي أعلن عن أول إصابة بمرض كورونا، فهل قطعت إسرائيل علاقاتها باليابان وكيف تعامل الكيان الغاصب مع مواطنته.
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2VbTuKJ
via IFTTT
0 comments: