Monday, February 24, 2020

الشارع السُنّي مُحبَطٌ: نريد قياديًّا يشبه رفيق الحريري

“ليبانون ديبايت” – علاء الخوري

تربِك أخطاء القيادات السُنّية اللبنانيّة قاعدتها المُمْتعِضَة والتي لا تملك أيّ خيارٍ للتعبير عن رفضها للحالةِ التي وصلت اليها إلّا من خلال الشارعِ من أجل إظهارِ استيائها من الذين يحاولون خلافة رياض الصلح أو رشيد كرامي وصولًا الى رفيق الحريري.

أخطاءٌ كثيرةٌ راكمَها هؤلاء، وجدَ فيها الشارع السُنّي أنّه ملحقٌ أو تابعٌ وأسقَطَت قياداته صفة “الشراكةِ في الوطن” التي لطالما تغنّى بها منذ ميثاق 1943 الى عهدِ رفيق الحريري وهي المرحلة الذهبيّة في نظر غالبيّة هذا الشارع “الثائر” اليوم على “الشيخ سعد وملحقاته”.

“نَفَسُ الشارع” لم يتبَّدل منذ العام 2005 ولكنه عضَّ على جرحهِ ولاسيّما بعدما جاءَ سعد الحريري حتى يكون خلفًا لوالده. اصطفَّ الجميع خلف زعامتهِ كبديلٍ حقيقيٍّ للرئيسِ الشهيدِ، يُريد “الثأرُ” للخطِّ الذي سارَ عليه “الخلف”، ولكنَّه “نكث العهد” وبعدها توالت الضربات فكان أكثرها ايلامًا يوم رضخَ رئيس “المستقبل” للتسويةِ الرئاسيّةِ التي جاءت بالعماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية.

لم تُبلَع هدية الحريري وغَصَّت حنجرة “المستقبل” بها، وبدأت الاصوات داخل “التيّار” تعلو بوجهِ سعد رافضةً كلّ ما قامَ به، ورأت في خطوتهِ تنازلًا لقضيّةِ والده ولسنين من النضال ضدّ المنظومةِ التي كانت سائدة قبل عام 2005، ورغم استقالتهِ بعد ثورة 17 تشرين الأول وما رافقها من تصريحاتٍ بسقوفٍ عاليةٍ للرئيس سعد الحريري إلّا أنّ شارعه لم يتقبَّله، ولم يجد له أي مبرر لتسميته من جديد “زعيما” للطائفة.

حالُ الشخصيّاتِ السُنّية الأُخرى ليس أفضل من “الشيخ سعد”، إذ أنّ غالبيتها إما “زعيمة” “منطقةٍ” أو “شارعٍ” أو لا تزال تبحث عن هويتها السياسيّة الضائعة بين خطِّ المُمانعة أو الخطِّ المقابل، وهي أيضًا لم ترق بالنسبةِ الى غالبيةِ الشارعِ السُنّي الى مستوى “مشروعٍ وطنيٍّ”، وتحاول جاهدةً تقمّص شخصيّة رفيق الحريري ولكنها لم تنجح لأسبابٍ كثيرةٍ مرتبطة إما بتاريخِ تلك الشخصيّات أو “الكاريزما” المفقودة لديها وتردّدها في اتخاذِ موقفٍ واحدٍ يكون صارمًا وواضحًا من دون أن تتلطَّى خلف مرجعيّتها الدينيّة.

في الاشهر الاخيرة، برزَ إسمُ بهاء الحريري كمشروعٍ سياسيٍّ يمكن أن يُجمعَ عليه الشارع السُنّي وهو مقبولٌ من الاطرافِ الوطنيّةِ الأخرى لأسبابٍ عدّة واقعية وتُحاكي “الوجع الوطني”.

خطاب بهاء الحريري واضحٌ وهو لا يُساوم عليه وتحديدًا فيما يتعلَّق بمعارضتهِ لسلاحِ حزب الله خارج الدولة اللبنانية، كما رفضه المُطلَق للمشروعِ الايراني في المنطقةِ وعَبَّر عن ذلك في بياناتهِ الاخيرة، وهذا الخطاب يمكن أن يكون جامعًا لقوى سياسيّة مسيحيّة ودرزيّة تتَّفِق مع بهاء الحريري على هذا المبدأ وتعيد “الحياة” الى الخطِّ السيادي الذي رافقَ ثورة 14 آذار ورسمَ الخطوط العريضة للحياةِ السياسيّةِ بعد ثورة الارز.

يريد جمهور “المستقبل” وقسمٌ كبيرٌ من الشارعِ “السُنّي” رفيق حريري جديد يُكمِل مسيرة من اغتيلَ في شباط 2005. “خلفٌ لخيرِ سلفٍ” يُعيد إحياء مؤسسات الحريري التي أغلِقَت على عهدِ الرئيس سعد، ويرسم رؤيةً واضحةً للجمهور الازرق على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، ولاسيما أنّ الرجلَ نجحَ في أعمالهِ وبرهَنَ أنّه رجلٌ يخطِّط ويدير بشكلٍ صحيحٍ.

وإضافة الى الدور الداخلي الذي يلعبه بهاء الحريري لاعادة تصويبِ المسارِ السياسيِّ لـ”التيّار الأزرق” واعادة تفعيل القوى السياديّة التي فرَّقتها الحسابات السياسيّة لبعضِ “أهل البيتِ”، يملك الرجلُ أيضًا المفاتيح الخارجية ولاسيما في هذا التوقيت الدقيق، حيث يحتاج لبنان اليوم الى رجلٍ لديه الحاضنة العربية والدولية، يعيد التواصل مع العالم العربي وتحديدًا دول الخليج ولديه قدرة اقناعٍ منطقيّة وواقعيّة تعيد حسابات المجتمع الدولي ونظرته الى لبنان الذي باتَ اليوم في مكانٍ آخر يبعد آلاف الكيلومترات عن موقعهِ الحقيقي كبوابةِ الغربِ الى الشرقِ.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2SQSLx4
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل