“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
يشتد الخناق المالي على حزب الله نتيجة العقوبات المتتالية التي تفرضها الولايات المتحدة الاميركية عليه بين الحين والآخر، ومعه تشتدّ الأزمات على لبنان الدولة والمؤسسات والتي تضيف عنصرًا مربكًا على المشهد السياسي والاقتصادي يُصعب من خلاله توحيدِ الرؤيةِ العامة للخروج من حالاتِ الاختلال كلّها التي تُعاني منها البلاد، أو أقله الوقوف على ضفّةٍ آمنةٍ بانتظار مرور العاصفة المالية والاقتصادية بأقل الأضرار المُمكنة.
لا يدل واقع الحال على قرب انتهاء العقوبات الأميركية التي تُفرض على حزب الله بين فترة وأخرى وآخرها تلك التي طاولت شخصيات وكيانات أبرزها مؤسسة “الشهيد” التي يوليها الحزب أهميّة واسعة لما تمثّله سواء في وجدانه العقائدي بحيث يستمد منها ومن أهالي شهدائه القوّة والدفع للاستمرار في عملهِ العسكري على وجهِ الخصوص، أو في بنيته المالية بحيث تقوم هذه المؤسسة بتغطية تكاليفٍ كبيرة من خلال التبرعات التي تصلها من خارج لبنان وداخله وتحديدًا من رجال اعمال ومتمولين من الطائفة الشيعية.
من هنا، وأمام هذا الإستهداف الجديد قد يجد “الحزب” نفسه أمام اختبارٍ هو الأصعب، لأن من شأنه أن يُرخيَ بثقل أعبائهِ على بنيتهِ الاجتماعية والسياسية والعسكرية.
القلقُ يزداد تمامًا كما هو حال ازدياد المسؤوليات. إذ يشعر حزب الله اليوم وكأنّه يعوم في بحرٍ من الأزماتِ أو أشبه بمركبٍ تتخبطه الأمواج يُحاول ربّانه قدر الإمكان الاحتفاظ بما تبقّى له من قوّة، علّها تساعده في طريق العودة، لكن يبدو أن هذه العودة يُمكن إن تضعه في مواجهاتٍ جديدةٍ إمّا مع خصومهِ السياسيين في البلد، وإمّا مع جمهورٍ واسعٍ وعريضٍ لن يصبر بالطبع على جوعٍ كان ساهم بتأسيسهِ يوم راحَ يُساعد في بناء “الدويلة” على حساب الدولة، وكان جزءٌ كبيرٌ من هذا الجمهور قد اختُبر عندما هُدِّد بلقمةِ عيشهِ في حيّ السلّم وفي السابع عشر من تشرين الأول الماضي.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم، إلى أي مدى يُمكن أن يتحمّلَ حزب الله هذه العقوبات، وإلى أي مدى يُمكن أن تؤثّرَ على لبنان الدولة والشعب وعلى بيئتهِ الحاضنة بشكلٍ خاص.
مقربون من حزب الله يعتبرون، أنّ هذه العقوبات وإن أثّرت إلى حدٍّ ما في الشكل فإنها لن تؤثر حتمًا في المضمون، الذي هنا هو النهج المقاوم ودعم حركات المقاومة وإفشال المشاريع الأميركية ــ الإسرائيلية في المنطقة وأبرزها “صفقة القرن”.
ويرى هؤلاء، أنه رغم تصريحات المسؤولين الأميركيين بأنّ العقوبات هذه لن تُؤثر على الدولة اللبنانية ومصالحها إلا أن الجميع يعلم بأن ما يُريده الأميركي خلق حالة من الفوضى في لبنان والدفع باتجاه حصول حالة من المواجهة بين “الحزب” واللبنانيين.
أمّا الأمر الآخر بالنسبة إلى المقربين، أنّ الضغوطات التي تُمارس على حزب الله والعقوبات المالية التي تُفرض على مؤسساته، هي أيضًا بهدف إيجاد شرخٍ بين “الحزب” وجمهوره ويُعتبر اقفال “جمّال ترست بنك” من أبرز العناوين التي جهدت الإدارة الأميركية لخلق حالة من الاستعداء داخل الطائفة الشيعية وتقليب جمهور المقاومة على حزب الله بعد تصويره أنه الحاجز الأساس أمام لقمة عيشهم.
في المقابل، يرى خصوم “الحزب”، أنّ الوقائع تدل على أن العقوبات تستهدف بنيته ومؤسساته، لكن هذا لا يعني برأيهم أنه لا يوجد خوف من انعكاسات هذه العقوبات على الوضع الاقتصادي اللبناني وعلى قيمة العملة الوطنية وصمود ما تبقّى من الوضع المالي كله.
ويعتبر هؤلاء، أن حكومة الرئيس حسّان دياب لن تقف بالتأكيد إلى جانب أي دولة تفرض عقوبات على “الحزب”، لكنها بكل تأكيد لن تقبل بأن تكون أكياس رمل في معركة سياسية يُمكن أن يفتحها حزب الله ضد أي دولة من خلال استغلال وجود تمثيل له في مجلسي النواب والوزراء.
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/386RJkL
via IFTTT
0 comments: