
“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
“الخسَّة” التي كبرت في رأسِ شركاءِ السلطة حين ظنّوا أنهم وعبر الحكومة المُسمَّاة “اللون الواحد” سيحققون ما عجِزَت عن تحقيقهِ الحكومات السابقة كلّها، ورَّطتهم بأزماتٍ داخليّةٍ كُبرى لم تختبرها تلك الحكومات، فأضحَت الأزمات تتخطى الواقع الاقتصادي والتلاعب بسعرِ صرفِ الدولار لتبلغ مستوى تهديدِ السلم الأهلي في الشارعِ ما يُنذر بعواقبٍ وخيمةٍ وفواتيرٍ كبيرة لا بدَّ للائتلافِ الجديدِ من دفعها.
و”كعصفٍ مأكول”، أضحَت التركيبة الوزاريّة الجديدة قبل أن تولدَ، تترنَّح على أعتابِ تفلّتِ المشاركين فيها من “إنضباطيّتهم” ولجوئهم إلى إمساكِ عصا الابتزاز والإقدام على توجيهِ ضرباتٍ مُحَكَّمة بحق بعضهم البعض تكاد أن تحوّلَ التشكيلة الحكومية التي يحلمون بها إلى سرابٍ أو أقلَّه في حالِ مرَّت، إلى واحةٍ صورتها المتوقعة على صورة أحوال ما قبل التأليفِ.
وعلى قاعدة “خلّيها بالقلب تجرح ولا تخرج وتفضح” أعلَنَ حزب الله الاعتكافَ والصومَ عن الكلام “لاعنًا” الزمن الذي أوقعه بين أفكاكِ حلفائهِ الباحثين عن المُكتسباتِ على ظهرهِ!
وبعدما كان منتظرًا أن تولدَ الحكومة خلال عطلةِ نهاية الأسبوع “طارَ التفاؤل” لتسود مكانه صورة ضبابيّة – سوداويّة أقفلَ على إثرها الجميع خطوطهم الهاتفيّة وأطفئوا المحرّكات، ومن كان منهم لا يزال يتحرَّك على هذا الخطّ أو ذاك، تجمَّد إما بفعلِ المُنخَفَضِ الجوي الحالي أو لبلوغ “سنّ اليأسِ” من أفعالِ من ولّوه المهمّة.
عناصرُ مطبخ التأليفِ، بدت غير متفائلةٍ أبدًا خلال العطلةِ إلى حدِّ قول أحدِ أفرادها لـ”ليبانون ديبايت”، أنّ “الأمورَ مُبَعثرَة والأحوال لا تشجِّع”. ورغم أنّ الرجلَ مضى بين يومَيْ الجمعة والسبت يحاول تأمين خرقٍ ما على أكثرِ من جبهةٍ مقدِّمًا العروض المُيَسَّرة إلى “متعهّدي التعقيدِ”، أعلن استسلامه غروب الأحدِ على قاعدةِ “لنرتاح ونستجمع قوانا علّ الأسبوع الجديد يأتي مختلفاً”.
وهكذا، إنتهى “الويك أند”، من دون الإعلان عن ولادةِ الحكومة، في مشهدٍ يُرجَّح أن يستمرَّ أقلّه خلال الأسبوعِ الطالعِ في ظلِّ استمرار المعنيين في البحث عن المقاعدِ والمُكتسبات “بالسراجِ والفتيلة”، غير مدركين لرسالةِ “الشغبِ” التي وُضِعَت في صندوقِ “الثورةِ” خلال الأيام الماضية.
حتى غروب الأحد، بدت العقد هي نفسها، لا بل أضيفت اليها مجموعة جديدة وسط ظهور تطورات سياسية متسارعة في الإقليم عبر عنها من خلال كلام مرجعٍ سياسيٍ كبير حين أتى على ذكر “فيتو مصدره دول عربية يحاذر على رئيس الحكومة إعلان ولادة تشكيلته”، ما ينذر بسلبية أشد إستعصاءً تنذر بقلب المشهد اللبناني الراهن.
أضف إليها “رزم التعقيدات المحلية” في ظل إستمرار رفضِ الكاثوليك طرحًا استرضائيًا قضى بضمِّ وزارة الشباب والرياضة بعد فصلها عن وزارة التربية إلى وزارة البيئة الممنوحة إلى الطائفة المذكورة، مُطالبين، بحقهم في إكتسابِ وزيرَيْن اثنَيْن إنصافًا للطائفة أمام شركائها ضمن الصف المسيحي تحديدًا. وعلى الرغم من تحرّكِ أحد وسطاءِ الحلِّ على خطِّ إقناعهم بـ”التخريجةِ”، جرى إبلاغه من قبل أحدِ المعنيين بأنّ “الاسترضاءَ هو في منحنا صوتَيْن داخل المجلس لا غير”.
أمرٌ من هذا القبيل غير مقبول من قبل رئيسِ الحكومة المُكَلَّف حسّان دياب، ليس لرفضه منح الكاثوليك “صوتًا إضافيًا” كما يقولون، بل لكون مثل هذا المطلب سيؤدي حكماً إلى رفعِ تركيبةِ الحكومة. في المقابل، يصرّ رئيس مجلس النواب نبيه بري على “تقشيطِ” العونيين وزيرًا وأن لا يتعدّى عديد الحصّة العونيّة الـ6 وزراء مسيحيين.
“ورشة الاسترضاءات”، استؤنِفَت على الخطِّ “المسيحي”. على مقلبِ تيار المردة وبعدما ارتضى رئيسه سليمان فرنجية تأجيل مؤتمره الصحفي “إفساحًا في المجال أمام سُعاةِ الخير”، اعترَضَ على ما حمله هؤلاء إليه. وبحسب معلومات “ليبانون ديبايت”، قضى “أمر الاسترضاء”، بتأمين “وزير مُشترَك” بينه وبين التيار الوطني الحر يعوِّضه عن مطلبهِ بوزيرٍ ثانٍ، بيد أنّ رئيس “المردة” رفضَ منطق “التبديل والاشتراك” مطالبًا بوزيرٍ صافٍ يرفع حصته إلى وزيرين.
القوميّون لم يكونوا أقل حدّة، إذ أنّ اقتراحَ إحلالِ شخصيّةٍ بديلة عن نقيبةِ المحامين السّابقة أمل حداد كان محلّ رفضٍ من قبلهم. وفي آخر رسالة أُبلِغَت إلى “الوسطاءِ”، كانت في التشديدِ على تبنّي إسم حداد وإلّا فإنّ الخيارَ البديل سيتمثَّل بعدم منحِ الثقة!
الشيء الوحيد الإيجابي الذي “تأمَّن” خلال عطلةِ نهاية الأسبوع حكوميًا، كان في نجاحِ حزب الله بحلِّ عقدةِ المير طلال ارسلان لناحية إجراءِ مبادلةٍ بين حقيبَتَيْ الصناعة والشؤون الاجتماعية، إذ ذهبَت الأولى إلى خلدة. حتى هذه تعرَّضَت لهبّاتٍ ساخنة مع الكلام الذي راجَ الأحد ولا تبدو “أصابع المختارة غائبة عنه” حول عدم صوابيّةِ قبول الدروز بوزيرٍ واحدٍ.
وتبعًا لذلك، تبدو “ورشة اصطناعِ عقباتٍ جديدةٍ” ناشطة، وإحتمالات إنعكاسِ خلافاتِ ما قبل التأليفِ على واقعِ ما بعد التأليفِ أنشَط، وحزب الله بصفتهِ “المرجع الأكبر” لحلفاءِ “اللون الواحد” يملؤه الغضب والارتياب.
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/30A57Ma
via IFTTT
0 comments: