

لم تكَد دعوة رئيس مجلِس النواب نبيه برّي إلى حكومة «لمّ الشمل الجامعة» تخرُج الى العلن، حتى ارتفع منسوب التحليلات بشأنها، بوصفِها توطئة لعودة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري وإطاحة خيار الرئيس المُكلّف حسان دياب، وخاصة أن حكومة الـ 18 «اختصاصياً» التي يرُيدها الأخير، ويحُاول أن يرسمها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل تجعلها منتهية الصلاحية قبلَ تدشينها. في الأيام الماضية، برزت مؤشرات على تراجع مسار التأليف الى مُربّع التعقيد في ما خصّ شكل الحكومة وطبيعتها، ربطاً بتطورات المنطقة، إثر عملية اغتيال قائد قوة «القدس» الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس، وما تلاها من تداعيات. هذه التطورات بدأت تفرض أسئلة كثيرة داهمت المشهد في لبنان، عمّا إذا كانت حكومة دياب باختصاصييها قادرة على أن تكون درع حماية للبلاد في عزّ العاصفة الإقليمية، وما إذا كانت التطورات نفسها ستفرض على القوى السياسية تعديلاً في شروط التأليف، منها عودة الحريري.
هذه التحليلات تنسفها معلومات تؤكّد عدم حماسة أي من الأطراف لعودة الحريري الى رئاسة الحكومة، فالفكرة «غير واردة» عند الرئيس برّي الذي لا يزال مُتمسكاً بالرئيس المكلف حسان دياب لتأليف الحكومة، ولكن «ليسَ بالشروط أو المعايير التي تُفرض». وهذا التأكيد يُطيح كل التسريبات عن رسائل يبعث بها رئيس مجلس النواب الى الحريري لاستدراجه الى التكليف من جديد، وتشديده على عودة الحريري يتعلّق حصراً بتصريف الأعمال، إذ يبدو أن التأليف دونه عقبات كثيرة. وليسَ حزب الله بعيداً عن هذا الجوّ، فهو حتى الآن يدعم دياب في مهمته، ولن يكرّر تجربة التفاوض مع الحريري بعدَما «أُضيئت له الأصابع العشرة»، لكنه اختار الهروب من المسؤولية.
في المحصّلة، بات واضحاً أن الأيام ورُبما الأسابيع المُقبلة لن تكونَ سهلة. بانتظار إعادة تفعيل خطوط التواصل، والخطاب الذي سيلقيه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يومَ غد في ذكرى مرور أسبوع الشهيدين سليماني والمهندس ورفاقهما. وفيما ليس معروفاً ما إذا كان السيد نصر الله سيتطرق الى الملف الحكومي من جملة المواضيع التي سيتحدث عنها، لكن لا شك أن كلامه سيرسم ملامح المرحلة المقبلة، وحينها سيُبنى على الشيء مُقتضاه.
ومساء أمس، أصدر الرئيس المكلف بياناً جدّد فيه «التزامه بالمعايير التي وضعها لتشكيل الحكومة»، استناداً الى الإطار العام المتفق عليه «لأنني مقتنع بأنها قد تشكل خشبة خلاص لوقف الانهيار الحاد الذي نشهده على كل المستويات في لبنان». وقال: «سأواصل مهمتي الدستورية لتشكيل حكومة تنسجم مع الإطار العام المتفق عليه: حكومة تكنوقراط مصغرة تؤمن حماية اللبنانيين في الزمن الصعب وتنسجم مع تطلعاتهم ولديها مهمة محددة عنوانها إنقاذ البلد». وأضاف: «لن أتقاعس عن استكمال مهمتي ومتابعة اتصالاتي بالجميع ولن أقبل أن تصبح رئاسة الحكومة مكسر عصا».
الأخبار
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/30bjLt3
via
IFTTT
0 comments: