Saturday, January 4, 2020

رحّالة المقاومة: سليماني يحرّر العراق بعد رحيله

“ليبانون ديبايت” – صفاء درويش

“إنها العملية الأنجح والأخطر للولايات المتحدة في السنوات العشرين الأخيرة في العالم”. هكذا يصف مصدر سياسي إيراني رفيع من طهران عملية اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.

تتركز الأنظار، منذ ساعة الإعلان عن استشهاد سليماني، نحو الرد المنتظر من الدولة الإيرانية. ردٌّ لا يمكن وضعه خارج إطاره الحقيقي. فسليماني لم يكن قائدًا لجيش واحدٍ في المنطقة، بل قائدٍ فعلي لعدّة جيوش في المنطقة، تبدأ في اليمن ولا تنتهي عند الحدود الحدود السورية مع لبنان. هو أيضًا، قائد عسكري تابع لدولة ذات جسد واحد، ورأس واحد، ولا يتبع فصيلًا عسكريًا معينًا داخل دولة ما من دول محور المقاومة. هو أيضًا صاحب الشعبية الأكبر في ايران بعد المرشد الأعلى السيّد علي الخامنئي، حيث يجمع على محبته المحافظون والأصوليون والإصلاحيون، وهو الوحيد الحائز على وسام ذوالفقار من الخامنئي نفسه. فالردّ هنا هو قرار شبه أممي له أبعاد ودونه العديد من المحاذير.

أولًا، في شخصية وتاريخ وانجازات سليماني. هو قاسم الجندي والضابط المقاتل في الحرس الثوري. تطوّر وتبوّأ مناصب عسكرية قيادية عدة حتى تسلّم قيادة العمليات الخارجية المعروفة بإسم فيلق القدس عام 1998. عام 2003 توجّه لقيادة وتدريب المقاومة العراقية جنبًا إلى جنب مع رفيق دربه أبو مهدي المهندس. في العراق قاد عمليات ضد الإحتلال وكان أبرز المساهمين بتخفيض التواجد الأميركي في العراق إلى حجمه الحالي. عام 2006، وفي 15 تموز تحديدًا، “وصل الحاج إلى بيروت”، يكشف أحد المقرّبين منه. إلتصق الرجل طيلة فترة الحرب بصديقيه المقرّبين جدًا، أمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله والقائد العسكري للحزب آنذاك الشهيد عماد مغنية. لم يفارقهما للحظة، لدرجة أنّه تظلّل مع السيّد نصرالله بفيء شجرةٍ في الضاحية الجنوبية أثناء تحليق جنوني لطائرات الإستطلاع الإسرائيلية. عام 2011 حطّ “رحّالة المقاومة” في سوريا منظّمًا هيكلية القتال وداعمًا للجيش السوري وحلفائه في وجه الإرهاب متنقلًا بين جبهة وأخرى. لم يعترف الرجل بسايسبيكو ابدًا، فمن حلب ودير الزور إلى الضفة الأخرى من الحدود قاد الحشد الشعبي نحو القضاء على داعش في الموصل. كان القائد العسكري الوحيد الذي أجمعت على احترامه كل الفصائل العسكرية في العراق.

يضيف أحد المقرّبين من الرجل أن سليماني كان يعمد في الفترة الأخيرة إلى التواجد في لبنان وسوريا والعراق وايران كل اسبوع، حريصًا على زيارة الجبهات الساخنة والباردة في آن معًا. يكشف أيضًا أنّه كان مشرفًا على تدريب وتجهيز وتحضير الأرتال العسكرية في غزة، ولم يغب عن الإتصال بها أبدًا.

وعليه، لا يمكن أن يكون الردّ على اغتيال هكذا شخصية محورية بشكل محدود. ولكن، في الإطار، يكشف المصدر السياسي الرفيع أن الرد المزلزل المنتظر سيكون ضمن سقف عدم إشعال حرب في المنطقة. تدرك إيران جيدًا أن هدف الولايات المتحدة قد يكون الحرب الشاملة، أمّا استشهاد سليماني فستدفع ثمنه الولايات المتحدة وحدها. تؤكد المعلومات، أن الرد لا يمكن أن يكون بعيدًا عن العراق، جازمًا أن عملية اخراج الجيش الأميركي من بلاد ما بين النهرين قد اتخذ القرار بها فور الإعلان عن استشهاد سليماني. ورغم المحاذير الكبيرة، يبقى الجانب الإيراني منفتحًا على كافة الإحتمالات.

في هذا الإطار، يكشف المصدر نفسه لـ”ليبانون ديبايت”، أن إيران رفضت عرضًا “تافهًا” من الولايات المتحدة في رفع جزء من العقوبات مقابل عدم الرد.

وعن غليان الشارع الإيراني ومعنوياته يقول محمد علي ميرزائي، مؤسس مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي في ايران، أن الشعب الإيراني يعتبر ما حصل وقودًا دافعًا لصمود أكبر ومواجهة أعمق. يكشف الرجل أن المشهد العفوي المليوني لرحيل سليماني لم تشهد شوارع ايران مثيلًا له منذ سنوات عديدة، حيث امتزجت مشاعر الحزن والغضب مع مشاهد البكاء لدى كل أطياف الشعب الإيراني.

ايران التي تعتبر اليوم ما حصل تطاول مباشر على قيادتها السياسية والدينية، تشهد على حالة غليان شعبي لفقدان القائد العسكري الأعظم. وبحسب المعلومات، فإن الرد الإيراني حُدد مباشرةً بعد انتهاء مراسم العزاء، فماذا تحضّر ايران للولايات المتحدة وهل سيُحرر قاسم سليماني بعد استشهاده العراق؟ الجواب ترسمه الأيام المقبلة.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2MWxXB4
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل