Saturday, January 11, 2020

قطيعة بين دياب وباسيل

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح

وصلت الأمور إلى حدّها بين رئيس الحكومة المكلَّف حسان دياب ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل فكانت النتيجة إتخاذِ الطرفين قرارًا بالمقاطعةِ وتجميدِ علاقتهما وعدم التواصل السياسي حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

تكشف مصادر “صديقة” للجانبين لـ”ليبانون ديبايت” أن “الطلاق غير الخلعي” الذي وقع جاء في أعقاب الكلام الذي ردده الوزير باسيل خلال مقابلته التلفزيونية الأخيرة وإعتبره الرئيس دياب إشارة سلبية تجاهه “لا تحاكي واقع الأمور” بل وجدَ أن باسيل يمارس نوعاً من الضغوطات العلنية عليه بهدف كسره وأخذ تنازلات “تحت الضغط”.

أمام ذلك وبدل أن تسودَ عبارات الودِّ بينهما، لجأ كلٌّ من دياب وباسيل إلى إقفال خطوطهما الهاتفية والاعتكاف كلٍّ في موقعه مستندين على ما قدمه كليهما من طروحاتٍ وزارية، رافضين استئناف التحدث في أمورٍ جديدةٍ ريثما تحلّ القديمة.

في المقابل، لجأ الطرفان إلى أدوار “ساعٍ بالخير” تولى محاولة تقريبِ المسافات. وحتى ليل الجمعة لم يكن قد توصَّلَ “شيخُ الصلحِ” إلى أي خروقاتٍ تُذكَر.

هكذا إذًا، انسدَّت الافق خلال اليومَيْن الماضيَيْن بين رئيسِ الحكومة المكَلَّف وشريكهِ المفترض مستقبلًا في السلطة. السبب يعود إلى التباينات في وجهاتِ النظر في مسألةِ تشكيل الحكومة وهو ما إنعكسَ سلباً على المسار الحكومي الذي يطبعه الجمود منذ 60 ساعة وترشح الحالة لأن تتمدّد لتلامس مطلع الإسبوع القادم.

دياب يشتكي من “جور” باسيل وطلباته الكثيرة، لذلك رفعَ شعارُ “أنا من يشكِّل الحكومة”، وفي مكانٍ ما يشكو مظلومية يسأل عنها باسيل، فوزير الخارجية لا يستسيغ تشدد دياب في رأيه وقطعه لكل طرق النقاش رافضاً إزالة بعض “العوائق” أمام درب الحكومة. وإزاء ذلك، يرفع شعارُ “وحدة المعايير في التشكيل” وهي التهمة التي أسقطت على حساب دياب خلال الـ 48 ساعة الماضية.

الرئيس المكَلَّف وردًّا على هذا الاتهام، أعادَ التذكير بمعاييره التي وضعها كمدخل للتشكيل وأوحى، سواءً عبر زواره أو من خلال بيان مكتوب صدرَ عنه ليل أمس، أنّه “ما يزال متمسكًا بها، وتتمثل في تشكيل حكومةٍ مصغرةٍ من 18 مقعدًا من شخصياتٍ إختصاصيةٍ صرف ومن غير الحزبية ومن غير المشاركة في الحكومة السابقة”. باسيل يستخدم الفقرة الاخيرة من هذا البند لنقض كلام دياب مستغلًا اندفاعه إلى تسمية الوزير السّابق دميانوس قطار رغم أن البند أعلاه لا يشير إلى من حازوا على رتبة “وزير سابق”.

دياب، يأخذ الأمور باتجاه آخر حين يقول، أنّه يسعى لترسيخ فريق عمل له داخل مجلس الوزراء، وهذا من حقه، لذلك اختارَ شخصياتٌ يمكنه التعامل والتعاطي منها، وشاءت الظروف أن يكونَ دميانوس قطار من بينهما ويريده استثناءًا متاحٌ له، لقاء ما قدمه من تنازلاتٍ للجميع. بيد أنّ كلامًا من هذا الوزن لا يمرّ عند باسيل الذي يرفض بكلّ الأشكال دخول قطار، سواء إلى وزارة الخارجية أو الإقتصاد، لا فرق!

أمام هذه المعضلة “تضخَّم قلب دياب”. هو يشعر أن هناك من يحاول إعاقته أو تجريده من عناصر القوّة كمقدمة لإدخاله “الأدغال الحكومية من دون أنياب”، فويله على حكومة يريد تشكيلها وفي الوقت نفسه، يختبر ردود فعل تريد فرملته وعرقلته ولما لا دفعه إلى الاعتذار، وويله على التنازلات التي يعتبر أنه بات من المجحف تقديم نسخٍ جديدةٍ منها بعد كل الذي قدمه.

في الحقيقة، هناك من يتفهم واقعية دياب السياسية والمكان الحسّاس الذي يتموضع فيه ولا يحسده أحد عليه، فالرجل تنازل كثيرًا عن أشياءٍ كان يراها مكتسبات، ولا يريد التنازل أكثر خشية دخوله السرايا الحكوميّة “ممزقًا” حاملًا على اكتافهِ ثقل “التفريطِ بالمكتسباتِ السنية” كما يُقال، ولهذه أثمانها طبعاً.

في المقابل، هناك من يتفهّم جبران باسيل. الرجل لديه أكبر تكتل مسيحي وهو يريدُ تصريف إنتاجه بذات المقادير السابقة في الحكومة. وبالمقارنة مع النسخةِ المستقيلة منها، يرفض الرجل بل لا يقبل خسارة الكثير من الوزن السياسي خشية من ارتداداتها السلبية عليه في وقتٍ هو يختبرُ صنوف رفضٍ متعددةٍ له في الشارعِ، ولاسيما في الشارعِ المسيحي.

عند هذا الوضع، نشطَ يوم أمس الصديق المشترك شادي مسعد في تنفيذِ غاراتٍ مُركَّزة ومتتالية على صروحِ كلٍّ من دياب وباسيل في حركةٍ ماراثونيةٍ أريد عبرها فتح كوة في الجدار الصلب الذي أخذ يرتفع تدريجيًا بين الرجلَيْن، يبدو أنه خرجَ منها بأجواء تصلح للبناء عليها خلال الأيام المقبلة.

المسعى الراهن، يكمن في إعادةِ جرِّ التواصل بين الهامتين، وفي هذه، يرتكز مسعد على ظروفٍ مؤهلةٍ، تكمن في أنّ المقاطعة الواقعة الآن هي ذات طابعٍ سياسيٍّ لا شخصي، ما يؤهل لن يعاد “لم الشمل” أقله خلال عطلة نهاية هذا الاسبوع.

في الواقع، ثمة من يعتقد، أنّ إمكانية استيلاد الحكومة في فترة العشرة أيام المقبلة، أضحت صعبة أمام سلسلة “الفيتويات” المرفوعة، لذا لا بد من تواصلٍ “مفصليٍّ وحاسمٍ” يقوم به أحد، والمرشح لبلوغه هنا هو حزب الله الذي يعتبر مصدر ثقة بالنسبة إلى الرئيس دياب ولدى الوزير باسيل، كما وأنّه ما زال يلتزم طروحات دياب الحكومية، كما أنّه غير بعيدٍ من أجواء باسيل ومطالبته ايضاً، سواء تفهم معظمها أو قبِلَ جزء منها.

لذلك، رشحت مصادرٌ مواكبةٌ لعمليةِ التأليفِ، أنّ يكون الاسبوع المقبل حاسمًا على صعيد “تحرير” درب الحكومة.

بالتوازي، كرّرت مصادرٌ أكثرية في قوى الثامن من آذار، تذكيرها بالمهل الحاكمة للتشكيل، بالمعنى السياسي لا القانوني، مصرحة، بأنّ تداعيات اغتيال اللواء قاسم سليماني بدأت تنعكس على تأليف الحكومة بشكلٍ فاقعٍ، لذلك، لا بد من إتخاذ قرارات سريعةٍ وجريئةٍ، أشبه بالانغماسِ إنتحاريًا في معركةٍ، من أجل تشكيل حكومة ربما وفي حال انقضاء الأسبوع المقبل من دون مخرجٍ سيُصعَب تأليفها بل سيطول إلى أمدٍ غير محددٍ.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/35H8FNF
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل