كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: جاء حسان دياب الى التكليف برئاسة الحكومة الجديدة شاربا “حليب السباع” فمنذ الساعات الأولى لتسميته قال لوسائل إعلام: “حتى لو قطع المحتجون كل طرقات لبنان، فأنا لن أعتذر”، الأمر الذي أدى الى حالة غضب عارمة في صفوف المحتجين الذين صعدوا من تحركاتهم الهادفة الى إسقاطه.
يوم السبت الفائت، أجرى دياب إستشارات نيابية غير ملزمة، حيث خرج عدد من النواب بإنطباع أن “الرئيس المكلف يضرب عرض الحائط كل مطالب التيارات السياسية″، وذلك قبل أن يطوّق دياب نفسه بموقف سياسي متقدم، سيحاسب عليه في حال لم يقم بترجمته بحذافيره، وهو أنه “سيشكل حكومة إختصاصيين مستقلين بمعزل عن التيارات السياسية وهو من سيختارهم”.
هذا الموقف ترك سلسلة تساؤلات لجهة: على من يعتمد حسان دياب في تشكيل حكومته؟، وما هو نوع الدعم الذي يحمله؟، وكيف سيتجاوز مطالب التيارات السياسية التي قامت بتسميته والتي تصر على أن تتمثل في الحكومة؟، وكيف سيواجه المقاطعة السياسية لحكومته؟، وكيف سيبعد عن نفسه كأس تشكيل حكومة اللون الواحد أو حكومة حزب الله؟.
اللافت أن الرئيس دياب ليس سليل عائلة لبنانية لها جذور سياسية، وهو يفتقر الى الغطاء السني، ويواجه رفضا شعبيا، وغير متحدر من كتلة نيابية، وغير منتمي حزبيا، ورغم ذلك فقد تعهد بتشكيل حكومة عجز رئيس أكبر كتلة نيابية سنية عن الالتزام بتشكيلها ودفع ثمن إصراره عليها خروجا من السرايا الحكومية، الأمر الذي يضع كلام دياب تحت بنود عدة أبرزها:
أولا: محاولة دياب شراء الوقت وتهدئة الشارع بكلام إيجابي قبل أن يعلن عدم قدرته على إقناع التيارات السياسية في الانكفاء عن المشاركة في الحكومة التي ستكون “تكنوسياسية”.
ثانيا: قيام التيارات السياسية التي قامت بتسمية دياب بالاتفاق معه على تشكيلة كاملة للحكومة قبل تكليفه، لاعلانها في الوقت المناسب، ما يعني أن كل ما يقوم به دياب لا يعدو كونه مناورة أو فولكلور يهدف الى ذر الرماد في العيون.
ثالثا: تحقيق الهدف الذي يرمي الى إبعاد الرئيس سعد الحريري عن رئاسة الحكومة، في إطار تأكيد مقولة جبران باسيل: “إما أنا وسعد في الحكومة أو أنا وإياه خارجها″، وبالتالي تسهيل مهمة الرئيس المكلف بشتى الطرق.”
رابعا: أن يكون دياب نتاج تسوية إقليمية ـ دولية فرضت نفسها على كل التيارات السياسية، وترجمت بعزل الحريري وتكليف دياب قبل ساعات من زيارة ديفيد هيل الذي لاحظ كثيرون أنه تحدث بلغة هادئة جدا، كما لاحظ آخرون عدم صدور أية مواقف منتقدة لزيارته أو لتدخله بالشأن اللبناني من قبل قوى 8 آّذار.
من الواضح أن ما يقوله حسان دياب يتناقض الى حد كبير مع كلام التيارات السياسية التي جاءت به، فالوزير جبران باسيل عرض أن يعطي الحراك الشعبي من حصة التيار الوطني الحر، ما يعني أنه يصر على أن يكون لديه حصة في الحكومة.
والنائب محمد رعد طالب بحكومة جامعة تتمثل فيها كل المكونات، ما يؤكد حرص حزب الله على التمثيل.
والنائب أنور الخليل نصح دياب بأن “يقرن أقواله بالأفعال لأنه عند الامتحان يكرم المرء أو يهان”، ما يشير الى عدم إقتناع بكلامه في وقت تؤكد فيه المعلومات سعي كتلة التنمية والتحرير الى أن يكون لديها ممثل في الحكومة، إضافة الى التيارات الأخرى التي ستحاول الاستفادة من مقاطعة تيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي للحكومة ليكون لديها حصة وازنة فيها.
كل ذلك يضع الرئيس المكلف على المحك، فهل يكون “سوبرمان” ويستطيع أن يواجه كل التيارات السياسية ويترجم الكلام الذي قاله بعد إنتهاء الاستشارات وهو أمر يراه البعض من سابع المستحيلات، أو أن من جاء به قد رسم له خارطة الطريق التي سيلتزم بها ضمن إطار “بروباغندا الاستقلالية” التي يبدو أنها لن تنطلي على المحتجين في الشوارع والذين لن يعدموا وسيلة في إسقاط رئيس “مسيّر وليس مخيّرا”.
المصدر: سفير الشمال
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/35QSaiS
via IFTTT
0 comments: