“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
من الواضحِ، أنّ قرارَ مقاطعة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري من قبل “الثنائي الشيعي” قد إتُّخِذَ، لكنّ حزب الله وحركة أمل تركا له في الوقت نفسه، منفذًا صغيرًا في الجدار يأخذ في الإعتبار إمكان حصول احتدامٍ في الشارعِ يُجبر المقاطعين على التواصل.
بهذا المعنى، تُصبِح العلاقة مع رئيس تيار المستقبل خاضعة لأهواء شارعه بعدما لزّمه قيادة تموضعه السياسي الجديد ومقتضيات المصلحة “المذهبية” طبعًا.
“جردة الحساب” التي فتحها “الثنائي الشيعي” ثم ركن إليها أخيرًا في إعتماد طريقةٍ مغايرةٍ في التعاطي مع الرئيس سعد الحريري، غير متصلةٍ بخلوّ مقعده من رئاسة مجلس الوزراء كما يحلو له القول، بل ترتبط واقعيًا بجوهر تعامله مع “الثنائي” تحديدًا خلال فترة إستقالته وإعادة طرحه كمرشّحٍ رئيسيٍّ للتكليفِ، وهو ما لم يتعاطَ معه الحريري بالجدية نفسها التي انسحبت على موقفِ “الحركة والحزب”.
لم يعد سرًا، أنّ الحريري قد نقضَ أكثر من اتفاقٍ وتفاهمٍ أُبرِمَ مع “الثنائي الشيعي” خلال الفترة التي تلت مرحلة 17 تشرين، إن على صعيد عدم إستقالته أو على لناحية شروط عودته، لكن دائمًا ما كان ينقلب بين ليلةٍ وضحاها ويجعل من المواقفْ الداعمة له سرابًا ما كان يمثل ليس فقط طعنة في ظهر من يدعمه سياسيًا بل إنتقاصًا من قيمة من منحهِ الثقة فضربها عرض الحائط.
أكثر من مرّة، أسمعه رئيس مجلس النواب نبيه بري تحذيرات من إحتمال أن ينساقَ عكسيًا مع التفاهمات التي كان يبرمها مع بري كممثل عن الثنائي، لا بل أنه وفي آخر مرة التقاه فيها قبل تسطيره بيان اعتذاره عن التكليف بساعاتٍ، أبلغه بأنّ هذه المرة “هي الأخيرة التي يضع يده تحت بلاطته”، و الحال اليوم، هو في الالتزام بالاتفاق الذي كان يقضي يومها بتسميته وتأمين اصواتٍ مسيحيةٍ من كتلٍ في الثامن من آذار تفيد في تأمين الميثاقية التي كان الحريري يشتكي من نذرتها مع مغادرة كل من حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر ساحة تأييده.
بيد أنّه وعلى العكسِ، بادر رئيس حكومة تصريف الأعمال إلى الطعن من جديد، ما إعتبره بري “نهاية الدلع” والبدء باتخاذ إجراءاتٍ عقابيةٍ بحقه، بدأت مع تخفيضِ حزب الله لمستوى التنسيق من درجة معاون سياسي ومسؤول إرتباط وتنسيق إلى مستوى أقل قد يلامس حدود مسؤول ملف نيابي أو ما دون، ويتوقع أن ينسحبَ قرار المقاطعة على موقعِ تمثيل بري تجاه الحريري ونقله من يد المعاون الوزير علي حسن خليل.
بدلًا من ذلك، يتعامل الحريري مع المستجدات بدرجةٍ كبيرةٍ من الإنكار السياسي المشابه لطريقة عمله خلال فترة تصريف الاعمال، وهذا لا يعود إلى “تكتيكٍ” يعتمده كنوعٍ من أنواعِ الرد على إجراءات “الثنائي الشيعي”، بل يندرج ضمن خانة “اللاوعي والتخبط السياسي” الذي يقع فيه الحريري منذ تاريخ تقديم إستقالته، بحيث لم يعد يميز بين من هو في صالحٍ من عدمه.
وعلى العكس، لجأ إلى اعتماد قاعدةٍ لاعادة التموضع تمثلت أولًا في محاولة الايحاء لشارعه، أنه مقبل على إعادة جمع هيكلية 14 آذار السابقة، إذ تكشف معلومات “ليبانون ديبايت”، أنّ الحريري بادرَ إلى التواصل مع الحزب التقدمي الاشتراكي قبل أيامٍ، لكنه واجه ما يشبه الـ “لا مبالاة” من الاشتراكيين الذين يبدو أنّهم اصبحوا في مكانٍ آخر بعيد من الفرضيات القديمة الجديدة التي يسعى إليها الحريري.
كذلك يفعل الآن مع “القوات اللبنانية” مكرِّسًا وقته في محاولة تأمين إعادة التواصل معها على قاعدة “ما مضى قد فات، وهيا نرتب اوراقنا بالاعتماد على الاجواء الجديدة”، لكن هذه الحركة لم يكن الرد عليها واضحًا تبعًا للظروف التي حكمت المرحلة الماضية مع الحريري، وغالب الظن، أنّ معراب تحتاج إلى مزيدٍ من الوقتِ لتبلور طريقة التعاطي الجديدة مع الحريري.
في الحالة الراهنة، لا تنسيق مباشر مع الأطراف الثلاث، إن على الصعيد السياسي أو الشعبي، بينما التواصل مع “الثنائي الشيعي” “معطوبٌ”، ومع حزب الكتائب “فاقدٌ لقدراته” نسبةً الى اهتمامِ بكفيا بالشارعِ ومع تيار المردة حدّث ولا حرج، فمن بقيَ للرئيس الحريري غير عددٍ من المستشارين والشخصيات أو الهيئات التي لا حضور وزان لها في الشارع؟!
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/39qFBwU
via IFTTT
0 comments: