مع دخول عملية «نبع السلام» التركية شهرها الثالث، تتّضح أكثر فأكثر الخريطة الميدانية لتوزّع القوى في الشمال، والتي تميل إلى الآن لمصلحة الجيش السوري وحليفه الروسي، في ظلّ تراجع نفوذ «التحالف الدولي» إلى أقلّ من نصف المساحة الجغرافية التي كان ينتشر فيها. تراجعٌ تقابله «هجمة» على الموارد النفطية التي تريد الولايات المتحدة وضع اليد عليها
ويبدو أن روسيا تريد الاستفادة من موقع مدينة القامشلي، الملاصق للحدود التركية، والقريب من الحدود العراقية، لتثبيت قاعدة عسكرية على مشارف مناطق نفوذ حلف «الناتو»، في ظلّ تصعيد إعلامي متنامٍ بين الطرفين. كما أن موسكو تسعى إلى تركيز نفوذها في أغلب المناطق التي شهدت انسحاباً أميركياً، بعدما ورثت قواعد واشنطن في منبج وعين العرب وسدّ تشرين وعين عيسى، وثبّتت وجوداً عسكرياً في عامودا وتل تمر، لإبراز قدرتها على الاستفادة من الانسحاب الأميركي. كذلك، نجحت روسيا في كسب ثقة معظم الأطراف المتصارعين في الشمال، من خلال نجاحها في وقف الهجمات على «قسد» في عين عيسى، وإلزام الأخيرة بالانسحاب من نقاط واسعة في ريفَي الحسكة والرقة وتسليمها للجيش السوري، مع إلزام أنقرة بإعادة 18 جندياً سورياً كانوا أُسروا في معارك في ريف الحسكة. هكذا، تظهر روسيا أنها اللاعب الرئيس والمحوري في أيّ اتفاق عسكري أو سياسي يخصّ الشمال السوري، على رغم استمرار الوجود العسكري الأميركي في مناطق في ريفَي الحسكة ودير الزور.
في المقابل، استقرّت خيارات الولايات المتحدة، التي بدا أخيراً أنها أخرجت نفسها من ساحة الصراع العسكري، على الإمساك بالورقة الاقتصادية في سوريا، والتي ترى فيها ورقة رئيسة لضمان استمرار وجودها كلاعب في الحلّ السياسي المرتقب هناك، مع الحفاظ على مصالح دول «التحالف» في المشاركة في إعادة إعمار سوريا. ولم تكتفِ الولايات المتحدة بالانتشار في محيط حقول النفط والغاز في ريفَي دير الزور والحسكة، بل بدأت باتخاذ إجراءات لتضييق الخناق على الحكومة السورية، ومنع تهريب أيٍّ من المشتقات النفطية من مناطق سيطرة «قسد» باتجاه مناطق سيطرة الحكومة. وشملت الإجراءات الأميركية، أيضاً، تدمير محطات تكرير النفط البدائية في ريف دير الزور، وتدمير خطوط نقل المحروقات التي بناها الأهالي لنقل النفط الخام بين شطرَي نهر الفرات، مع إلغاء كامل عقود الاستثمار العشوائي التي سبق أن عقدتها «قسد» مع مستثمرين محليين في ريفَي الحسكة ودير الزور.
وتُظهر الإجراءات الأخيرة جدّية الأميركيين في تضييق الخناق الاقتصادي على الحكومة السورية، لضمان تجفيف كلّ مصادر توفير المحروقات لها، في ظلّ معلومات عن وصول شركات أميركية للبدء بـ«استثمار» النفط السوري في دير الزور والحسكة، عن طريق إصلاح الآبار المتوقفة عن العمل، ومدّ خطوط خاصة باتجاه مناطق خارج الحدود. وفي هذا الإطار، تتواتر معلومات عن بدء إحدى الشركات المحلية بتصدير النفط السوري من رميلان وحقول دير الزور باتجاه شمال العراق لطرحه في الأسواق العالمية. ووفقاً لمصدر ميداني تحدث إلى «الأخبار»، فإن «معبر سيمالكا غير الشرعي يشهد منذ عدة أيام حركة نشطة لصهاريج تحمل النفط الخام من حقول النفط في الشرق السوري باتجاه شمال العراق». ويرفض المصدر تحديد الجهة التي تقوم بذلك، لكنه يؤكد أن «النفط السوري يُهرَّب خارج الحدود». وتسعى واشنطن، من خلال محاولاتها إدخال النفط السوري على خط «الاستثمار»، من بين ما تسعى إليه، إلى تمويل وجودها العسكري في سوريا من خلال هذا النشاط، مع ضمان حصة «قسد»، كبديل من خطة الدعم العسكرية الأميركية المقرّرة من «البنتاغون».
الأخبار- أيهم مرعي
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2RB75JF
via IFTTT
0 comments: