Wednesday, December 25, 2019

العونيون: تشرشل انتصرَ ولو بعد حين

“ليبانون ديبايت” – صفاء درويش

في لعبةِ الحروبِ، هناك حمقى كإيهود أولمرت في الحرب على لبنان، وهناك عباقرةٌ مثل وينستون تشرشل في الحرب العالمية الثانية.

أولمرت، كأولئك الذين يدخلون بحروبٍ تفوق إمكاناتهم، يبنوها على أساسِ معلوماتٍ ومعطياتٍ غير دقيقةٍ ويُهزَمون. تشرشل من طينةِ الشجعانِ، يواجه ويخسر بعض الجولات، ولكن في نهاية الحرب يخرج مُنتَصِرًا. هكذا هي الحروبُ.

في لبنان، لكلّ شارعٍ توصيفاته، بينما الواقع لا يقبل إلّا بالمعطياتِ. منذ “زلزال 17 تشرين”، أيقَنَ اللبنانيّون جميعًا، أنّ هناك من سيخسر بالفعل. تراوحت الترجيحات بين من تغلغلَ بالفسادِ منذ ما بعد الطائفِ من جهّةٍ، وبين من دخلَ السلطة في الثلثِ الأخير من عمرها. هناك من يقول أنّه، لا يجوز أن يدفعَ الجميع الثمن نفسه، فيما نجِد من يرفع شعار “كلن يعني كلن”، حتى من ضمنِ أحزابِ السلطة. ما يَطرح اشكالية “أيّهما أقوى: المساواة أم العدالة؟”، هذا على ضفّةِ المُشاهدِ.

أمّا على ضفّة اللاعبين، فيكفي تصريح الرئيس سعد الحريري، عن أنّ حكومة الرئيس حسّان دياب هي “حكومة جبران باسيل”، ليُثبت الحريري، أنّ ما حصلَ في عددٍ من المناطقِ لم يكن سوى ردّة فعلٍ منه شخصيًّا، وأنّه يشعر بالخسارةِ نتيجة ما حصل.

وبغضِّ النظر إن كان الحريري صائبٌ بما يقول، أو أنّ ما صرَّح به هو قصرُ نظرٍ منه، أو حتى كلمة سرّ بهدف تجييشِ الشارعِ أكثر، فإنّ موقفه يُثبت بما لا يقبل الشكّ، أنّ باسيل استطاعَ اخراجه من السلطة كما يعتقد، إن لم يكن في الواقعِ هو من أخرَجَ نفسه.

على جبهةِ التيار الوطني الحرّ، تشير الأجواء، الى أنّ باسيل مرتاحٌ. هي نشوةُ النصرِ ليس إلّا. لا يُنسَب هناك النصر لباسيل وحده، بل للمحورِ الحليفِ كلّه. ولا تفصّل أيضًا
أسباب الإنتصار، لكن الأكيد، أنّ الهجمةَ الأميركيّة أُطّرت، وعملية الإغتيال السياسي التي تعرَّض لها رجل العهد الأوّل قد أُجهِضَت بالفعل.

هذا ترافقَ، مع ضعفِ وهجِ الحَراكِ وعدم استطاعتهِ بلورة قيادةٍ واحدةٍ، إضافةً الى طلبِ الحريري، تأجيل الإستشارات أكثر من مرّةٍ حتى بعد إعلان باسيل بقائه في المعارضةِ في حال ترؤس الحريري للحكومة. يُضاف الى ذلك، رهان أخصام باسيل على زيارةِ وكيلِ وزير ​الخارجية الاميركية​ ​ديفيد هيل​ ومقاطعته لوزير الخارجية فيما عادَ وزاره لمدّة ساعتَيْن كاملتَيْن، حيث من المعلومِ، أنّ المبعوثين المفاوضين لا يضيّعون أوقاتهم بالترّهات.

جمهور التيّار الذي أراحه كثيرًا خطاب باسيل الأخير، مقتنعٌ تمامًا بصدقِ الرجلِ. حيث أنّه حين وُضِعَت المسؤوليات على الطاولة، دأب الإعلام على تصوير باسيل كأنّه هو المتمسِّكُ بالتوزير، فيما راحَ الحريري مغاليًا بترفّعهِ عن المنصبِ. وعند الإمتحان، تخلّى وزير الخارجية عن الكرسي فيما قطعَ الجمهور الآخر الطرقات ضغطًا من أجل إعادته إلى حيث خسِرَ.

باسيل الذي استثمرَ الحركة السياسية في الإقليم، وأسقَطَ نتائجها على لبنان، استطاعَ الإنسحاب متى يجب وعادَ متى حانت ساعة الصفر. ابتعدَ كي يفتح أبواب الحلِّ وحين فُتِحَت كان أحد طهاته الأهم وها هي الحكومة على نار التشكيل الهادئة.

أمّا لجهة بقاء باسيل خارجها، فتشير الأجواء، الى أنّها خطوة طبيعيّة جدًا كونها حكومة اختصاصيين انتقالية ولا يمكن تسجيلها ضدّ باسيل بل لصالحهِ.حيث أنّه في الحربِ الإقتصادية على لبنان يربح من يُنقِذ البلد من الإنهيار، وما تشكيل الحكومة سوى أوّل الغيث.

وبناءً على هذه الوقائع، فإنّ من صنعَ الحلّ هو المنتصرُ. وفي جنونِ المعارك الحاصلة، يرى جمهور التيار الوطني الحرّ بـ”باسيلهم”، تشرشل السّاحة اللبنانيّة.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2Msvpu3
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل