Tuesday, December 3, 2019

الموارنة والدروز الى مقاعد الاحتياط

“ليبانون ديبايت” – رياض طوق

لم تؤثّر ثورة 17 تشرين على الأجواء الاجتماعية او السياسية التقليدية فحسب، بل أدت مفاعيلها الى تغيير قواعد اللعبة بالنسبة الى من يتصدّر مشهد اعادة هيكلة المنظومة الحاكمة.

فحزب الله ومنذ سنة 2005 لم يسع الى علاقة مباشرة مع آل الحريري. فعلاقته برفيق الحريري كانت عبر السوريين. أما مع سعد الحريري فكانت العلاقة بالوكالة. فخاصمه عبر التيار الوطني الحرّ الذي أمّن له الغطاء السياسي لعملية 7 أيار، وأسقط له حكومته من الرابية يوم كان في البيت الأبيض وعبر الابراء المستحيل وكل ادبيات التيار السياسية التي ارتكزت منذ عودة الجنرال من باريس على مهاجمة الحريرية السياسية.

ويوم أراد الحزب مهادنة الحريري واشراكه معه في الحكم كانت العلاقة عبر جبران باسيل، فهو من تفاهم معه على الخطوط العريضة للتسوية الرئاسية، وشكل مع نادر الحريري في أول تلك المرحلة غرفة عمليات مشتركة.

اليوم تبدّل المشهد، فالفريق المسيحي الذي طالما صوّر نفسه على انه الأقوى فقد جزءاً كبيراً من شرعيته الشعبية منذ 17 تشرين، والتصويب المركّز من هتافات الثورة على العهد وعلى رمزه الأساسي جبران باسيل.

وخدمةً للمنطق والحقيقة لا بدّ من الاشارة الى ان باسيل وان كان لا يتحمل كل أعباء التدهور نتيجة السياسات الخاطئة منذ التسعينات، ولكن أداءه في السنوات الثلاث الاخيرة وكما تصدّره المشهد كوننه الناطق باسم العهد والطبقة الحاكمة، كل ذلك جعله في اللاوعي الجماعي خصم للبنانييين المنتفضين على الحالة المهترئة التي أتت نتيجة كمّ من التراكمات.

وباسيل اليوم غير باسيل الأمس بالنسبة لحزب الله نفسه، فهو الذي طالما شكّل غطاء للحزب في الشارع المسيحي أصبح هو بنفسه بحاجة الى من ينقذه من غضب الشارع مما يعزّز الشكوك بقدرته على اعطاء مشروعية لسياسسات الحزب في الشارع المسيحي في الآن فصاعداً.

فالانتفاضة الشعبية قد زعزعت شرعية التمثيل عند غالبية أطراف الطبقة السياسية. هذا على المستوى الداخلي، أما على المستوى الدولي فقد أدرك الحزب أيضاً انه لا يمكن التعويل على فريق الرئيس من أجل تسويقه في الغرب.

فالعلاقات التي ورثها موارنة لبنان عن أسلافهم مع الفاتيكان وفرنسا ومن يدور في فلكهما باتت غير مجدية بعد مشاركة رئيس الجمهورية مؤخراً في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. فاللقاءات التي أجراها على الهامش كانت مخيبة للآمال في ما يتعلّق بعلاقات لبنان الدولية.

بناءً على ذلك يبدو أن حزب الله بعد 17 تشرين بات يرى في الحريري شريكاً لا غنى عنه، وهو بحاجة الى من يتحمل معه المسؤولية في مواجهة الانهيار الاقتصادي والضغوط الدولية.

وهو يعرف تماماً أن لا محمد الصفدي ولا المهندس سمير الخطيب ولا أي اسم شخصية سنيّة أخرى يمكن أن تحلّ محل الحريري.

وهو يعرف ايضاً أن الحريري وبالرغم من كل الانتكاسات والخسائر التي مني بها لا يزال قادراً على العبور الى أكثر من عاصمة من عواصم القرار من أجل فتح حوار لفرملة التدهور النقدي والمالي في لبنان.

واذا صدق الحريري واصرّ على ما كان قد صرّح به حول عدم رغبته في تشكيل حكومة، فسيبقى لبنان دون حكومة وسيصار الى تعويم حكومة تصريف الأعمال وتكثيف بعض الاجتماعات الوزارية.

عرف الحريري مكانه فتدلّل، وعمد الى رفع سقف شروطه لتشكيل حكومة من دون وجوه سياسية ومن دون حزب الله تحديداً والتي تبدو بعيدة المنال.

فالموفد الفرنسي وبحسب كل من التقاه في بيروت كان يكرّر أنه لا يمكن ابقاء لبنان بلا حكومة، وبانه لا يمكن تشكيل حكومة من دون حزب الله.

اما الموفد البريطاني وخلافاً لما روّج له البعض يصرّ على تشكيلة حكومة خبراء، دون أن يختلف في المضمون مع الفرنسي، فبالنسبة له فانّ الخبراء يجب أن يكونوا على شاكلة وزير الصحة جميل جبق في ما يتعلق بتمثيل حزب الله في الحكومة العتيدة.

يوم استقلّ لبنان اتفق الموارنة والسنّة على شكل النظام اللبناني عبر ما عرف بميثاق 1943 الذي سقط مع بداية الحرب الأهلية سنة 1975. سنة 1990 أعاد النظام السوري بغطاء دولي اعادة ترتيب المشهد وأعطى بعض الامتيازات تحت اشرافه للمملكة العربية السعودية عبر ما عرف بالحريرية السياسية وللجمهورية الاسلامية الايرانية عبر حزب الله المسلّح.

طبعاً الموارنة الذين كانوا خارج المعادلة ما لبثوا أن دخلوها عبر بيان المطارنة الموارنة سنة 2000 الذي خرج من رحمه لقاء قرنة شهوان.

وسنة 2004 انضم الدروز الى الموارنة عبر لقاء البريستول الذي تمكّن عبر ادارة البطريرك الماروني والزعيم الدرزي من قطف لحظة 14 شباط سنة 2005 وشكّلا الرافعة التي التحق بها السنة المشتتون بعد اغتيال زعيمهم.

اما اليوم فلا الدروز قادرون عبر زعامتهم التقليدية على تغيير مجرى الاحداث وهم على هامش التسوية السياسية المقبلة، في حين أن العهد المتمثل بالرئىيس وباكبر تكتل برلماني بات يقف خلف حزب الله الذي أخذ على عاتقه قيادة فريق السلطة وترتيب تسوية منفردة مع الحريري.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/34P3rQb
via IFTTT

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل