Monday, December 16, 2019

الحريري و”القوات”: للفوضى الخلّاقة رجالها

‎”ليبانون ديبايت” – صفاء درويش

بعد عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في شباط 2005، بدأ الحديث عن “فوضى خلّاقة” تُحضَّر للبنان.

أتت بعدها حرب تموز ومعها زيارة عرّابة هذه السياسة في الشرق الأوسط وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك كونداليزا رايس. حينها دخل لبنان نفق الصراع حيث عليه الإختيار، إمّا ركوب موجة الإنصياع للسياسات الأميركية وتحويل لبنان الى قاعدة أمنية سياسية تكون هي محرّك إدارة الملفات الأميركية في الشرق الأوسط، وإمّا سلوك خيار ممانعة هذا المشروع. لم يُبقِ الأميركي للبنانيين سوى هذا الخيار نتيجة وضعية البلاد الجيوسياسية. ومنذ السابع عشر من تشرين الأوّل الماضي بات المشهد اللبناني يجنح أكثر نحو الفوضى.

القارئ والمتابع لمسار الأمور، يمكنه ملاحظة تتابع الأحداث وتراكمها. تظاهرات معيشية مطلبية مصحوبة بتغطية إعلامية تاريخية، فإستقالة غير منسَّقة ومدروسة للحكومة ثم مفاوضات مشروطة وغير بنّاءة فعجز في الإتفاق على إسم رئيسٍ للحكومة.

في خطابه الأوّل بعد بدءِ حَراكِ 17 تشرين، ألمحَ السيّد حسن نصرالله إلى وجود مشروعٍ أميركيٍّ يهدف الى الانقضاض على المقاومة. وفي اليوم الستين للحراك وبعد تسلسل الأحداث، المذكورة أعلاه، يبدو أنَ الرجل لم يكن على حق فحسب، بل كان صائبًا بكل ما للكلمة من معنى.

ما حدث في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة، يدل بما يلا يقبل الشك، أنّ غرفة عمليات خارجية تدير بإحترافية عالية ما يحصل في الشارعِ وكذلك على الصعيد السياسي.

جهود الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، كانت قد أفضت إلى تحضير الأرضية كلها تجاه تسمية سعد الحريري رئيسًا مكلّفًا تشكيل الحكومة. بقيَ الجميع في حالة ترقّبٍ بعد سعي الحريري للتملّص من التسمية في هذا الوقت.

يؤكد مصدرٌ مطلعٌ، أنّ اتصالات رفيعة المستوى رافقت الأحداث الأمنية وجولات العنف التي شهدتها بيروت ليل السبت ومساء الأحد الإثنين.

هذا وأكّدت التقارير من الأرض، أنّ المجموعات التي وصلت من الشمال والبقاع ليس بمقدورها شل البلاد وقطع طريق القصر الجمهوري. بالتوازي نجحت قيادتا حزب الله وحركة أمل بضبط شارعيهما بعد تسريبٍ مقصودٍ لفيديوهات تحتوي على كلام مذهبي تجاوز الخطوط الحمراء وكان ليأخذ الأمور نحو الأسوأ.

فجأةً، وبعد سيطرة القوى الأمنية على الشارع وتبدّد أسباب التعطيل، أعلنت “القوات اللبنانية”، عدم رغبتها تسمية الحريري، الأمر الذي دفعه إلى طلب التأجيل متذرعًا بعدم تسمية فريق مسيحي وازن له.

هنا، يرى المصدر، أنّ “القوّات”، أنقذت المشروع الأميركي في لحظاته الأخيرة. ويؤكد، أنّ لقاء الوزير السابق غطاس خوري بجعجع كان قد أفضى إلى اتفاق بتسمية “القوات” للحريري من دون مشاركتها في الحكومة. أمّا تبدّل موقفها، فهو ما يعيده المصدر إلى رغبةٍ بالتعطيل ومدّ الوقت أكثر للضغط اقتصاديًا على البلاد والعهد، وذلك قبل زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل.

هنا كنا بالفوضى، فكيف ستحوّل إلى خلّاقة؟

ببساطةٍ، تحمل زيارة دايفيد هيل عنوانين أساسيين: ترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة وتشكيل الحكومة. حيث تشير المعلومات، الى أنّ ما سيُسمعه السفير الأميركي للمسؤولين اللبنانيين هو معادلةٌ واضحةٌ: تسهيل ولادة حكومة تكنوسياسية بمشاركة الجميع مقابل الموافقة على الشروط الأميركية، المحض إسرائيلية، في موضوع الحدود وبلوكات الغاز في المياه اللبنانية.

تجدر الإشارة هنا، الى أنّ هيل لن يلتقي وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل. أمرٌ يعتبره متابعون دليلًا إضافيًا على وجود غرفة للعمليّات تنسّق الخطوات كلّها.

من الظلم، ربط حراك اللبنانيين المطلبي مباشرةً بالضغوط الأميركية الإسرائيلية، إلا أنّه من السذاجة أيضًا نكران ركوب المشروع الأميركي باستهداف لبنان وسيادته للمطالب الإقتصادية والشعبية. وما تأخير الحلول السياسية بالتوازي مع العنف في الشارعِ سوى “فوضى خلّاقة” تسير جنبًا إلى جنبٍ مع تكوّن أسباب الإنفجار الإجتماعي الإقتصادي. فخلف الأزمات كلها، علينا البحث عن العمّ سام.



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2M216tM
via IFTTT

Related Posts:

0 comments:

إعلانات جوجل

إعلانات جوجل