“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
ما اقترفته يدا رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري من إحراقٍ لأسماء مرشّحين للتكليف وجعلهم جسرَ عبورٍ له تحوّل إلى “لعنة” تطاول صاحبها الذي لا يقوى اليوم على مقارعة “السِنة اللهب”. ها هي “الشواية” التي رفعها بوجه الآخرين تزحف نحوه، والمرجّح أن تخضعه إلى التجربة ذاتها لا محال.
شاء القدر، أن يبدأ الحريري بدفع الأكلاف السياسية باكرًا. بعد محمد الصفدي وسمير الخطيب ها هو نفسه يسقط بندًا ثالثًا على لائحة “الشواء” في “الحفلة” التي يستضيفها قصر بعبدا الخميس على قاعدة “والثالث ثابت”.
إذًا، أعلنها القصر الجمهوري بالخط العريض: “الخميس هو آخر المهل المعطاة لطَي مرحلة التكليف”. وعلى هدير بواسطة آخر أيام الاستشارات، يريد القصر إتمام المهمة والانتقال قبل عيد الميلاد المجيد إلى مرحلة التأليف، على أن يتخذ من العطلة الرسمية بادرة تؤمن حسن سلوك المشاورات التي قد تفضي، بالنسبة إلى رؤية القصر، عن مسودة تشكيلة مطلع العام الجديد.
لا مشكلة لدى القصر في الإسم المُختار للمهمّة، سواء سعد الحريري أم غيره “وعلى النواب أن يسمّوا من يريدون”. مقولة رائجة تصبح قاعدة تصلح للاعتماد صبيحة “يوم الاختبار”. وبناءً عليها، يصبح القصر في حلٍ من أي إلتزام تجاه الحريري ما دامَ الشعور “فوق” أن “شركاء الحريري الدوليين تخلوا عنه، فلماذا نحن نلتزم؟”.
وللحقيقة، فإنّ أصحاب شهية التكليف كثر. نوّاف سلام هو واحدٌ منهم ولو أنّه لم يعلن عن ذلك صراحةً، لكن العملة الداخلية – الخارجية والاقليمية الرائجة هذه الايام لها ان تفصح عما يختلج الصدور. النائب فؤاد مخزومي شخص آخر من أصحاب العلامات. في الفترة الاخيرة لم يدع قناة تلفزيونية إخبارية، سواء محلية أم خارجية، تعتب عليه. كان من المناوبين على الظهور كالحمل الوديع، بينما أوساط “التيار” كانت تتكفل في عملية تسويقه.
وعند هذه القاعدة، لا مانع في العودة إلى العملية القديمة أو اللجوء إلى إختيارات “من حواضر” الرؤساء السابقين. بالنسبة إلى الأوساط المواكبة للإتصالات الحكومية، فإنّ “سقوط الحريري” قد يمثل قيامة للذين احترقوا سابقًا، وهذا انبعاث آخر لطائر الفينيق الخارج من تحت الرماد، أي أن محمد الصفدي وسمير الخطيب وربما، بهيج طبارة، قد يعودوا مرشّحين مفترضين “بشهادة حسن سلوك”.
على أي حال، إنّ الأجواء التي سربت يوم الثلاثاء حول “عدم رغبة” أميركية في عودة سعد الحريري إلى سدة الرئاسة الثالثة، والتي كان لـ”ليبانون ديبايت” نصيبًا فيها، كان لها وقعها في بيت الوسط في ظل تعاظم الشك لدى الرئيس المستقيل من وجود جهات خارجية لم تعد راغبة بعودته، تبدأ من واشنطن وتمر في أوروبا وتنتهي بالخليج. ما يزيد من وقع الاستياء، أنّ السعودية تلعب دورًا محوريًا في “عملية التخلي”.
ثمة من المحسوبين على بيت الوسط من بات مقتنعًا أننا وصلنا إلى الشوط الثاني والأخير بنتيجة سلبية في مباراة لم يكن فيها الحريري لاعبًا تكتيكيًا” أو “يلعب استراتيجيًا ببراعة”، والقناعة الراسخة أقله حتى الآن، انه لم يبقَ للحريري أصدقاء لا في الداخل ولا في الخارج ولا حتى في الإقليم يعوّل عليهم!
ما يزيد الطين بلة، أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال يتعامل مع الوقائع الجديدة بحالة من الإنكار الغريب! هو وبدل أن يمنح نفسه جرعات دعم تفيده في مشواره نحو الاستشارات، رهنَ موقفه إلى غيره وأضحى اسير معادلة داخلية “هجينة” تجتمع على إطاحته من شركاء الأمس في التيار الوطني الحر والحلفاء “الاستراتيجيين” في القوات اللبنانية وآخرين مثل وليد جنبلاط. وعلى ذمّة المحسوبين على بيت الوسط، لم يبقَ للشيخ سعد إلا الرئيس نبيه برّي ومن خلفه حزب الله المستجير من الرمضاء بالنار.
هل هي المعادلة التي أطاحت بالحريري وقادته إلى إحراق نفسه؟ ربما، بالنظر إلى الشكوك المتعاظمة حول إحتمال “تركيبه” إتفاقًا جديدًا مع “الثنائي الشيعي”. لذا، لم يتبقَ للرئيس الحريري من أجل العودة سوى خيارين، إما الذهاب مجددًا إلى التفاوض مع التيار الوطني الحرّ على قاعدة الشروط التي نقلت إليه من قبل المرشّح “المحروق” سمير الخطيب، أو محاولة إقناع رئيس الجمهورية، مستخدمًا إغراءات، قد تنفع في التأثير على موقف “البرتقالي”.
وهذا يعني في كلتا الحالتين، أن العودة “الميمونة” لا تمرّ إلا بقبوله حكومة تكنو-سياسية على القاعدة الموضوعة سلفًا عندَ الخطيب، وهذا سيجرّ كتلاً مثل “لبنان القوي” و “التنمية والتحرير” وباقي أصناف 8 آذار لاداعه أصواتها فيتجاوز الحريري بذلك عتبة الـ70 صوتاً.
نظريًا، قد يكون الحريري في وارد قبول هذه التخريجة تبعًا لجلسته “الدسمة” مع الرئيس برّي صاحب حلول الربع ساعة الأخيرة والتي تجاوزت النقاش في المخاوف من الفتنة السُنيّة – الشيعية وصولًا إلى “لبن العصفور” الذي اُعيدَ الإعتبار له بتخطي مرحلة العتب.
بين هذه وتلك، قد تفلت “عمليات الإحراق” من يدي الحريري وتطاول كتلته النيابية التي “تطبخ المحظور” بين يديها.
لغاية الساعة، لم تهضم “الكتلة الزرقاء” بعد رفض القصر الجمهوري منح مهلة اسبوع لتأجيل الاستشارات واكتفائه بـ 3 أيام فقط. وعلى هذه الوتيرة، لا يبدو أن متغيرات “يبنى عليها” قد توفرت لدى الكتلة أو ستتوفّر مستقبلًا بالاعتماد على “الأيام المدفوشة”، فلا حظوظ الحريري إرتفعت ولا عودته قد عبّدت!
وعليه، يظهر أنّ عودة خيار “مقاطعة الاستشارات” من قبل كتلة المستقبل “أمرٌ واردٌ ويُبحَث بجديّة” في حال لم يجرِ تأمين “السكور المريح” لصالح الحريري في موعدٍ أقصاه الخميس، والغاية تكرار إعتماد أسلوب غيرهم “إفقاد المرشّح الميثاقية الطائفية” غير المنصوص عنها في الدستور كـ”حالة ضرورية”.
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/36Qslzt
via IFTTT
0 comments: