“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
بالضربةِ القاضيةِ، نَسَفَ المُرشِّحُ الأبرز للتكليفِ والتأليفِ سمير الخطيب حظوظهُ معلنًا من على مِنبر دار الفتوى “ردّ إجرِ” التسمية إلى بيت الوسط عبر بيانٍ أتى كنتيجةٍ طبيعيّةٍ للابتزاز السياسيّ الذي مورِسَ على الرجلِ في الشارعِ طيلة الساعات الماضية.
النتيجةُ تلك كانت متوقَّعة، على إعتبار، أنّ الخطيب لم ينَل الدعم الكافي الذي يؤهِّله لبلوغِ “نهائي” الإستشارات، لا من قِبل المرجعيّة السُنيّة السياسيّة ولا الدينيّة أو حتّى الشعبيّة، بل إنّ الرّجلَ كانَ أقرب إلى “إستشهاديٍّ” عُرِضَ عليه تنفيذ عملية خالية من الأهدافِ والمكاسبِ. ولكي لا يتحوّل الى إنتحاريٍّ منبوذٍ من بيئتهِ، جعلها ذكيّة بتسمية سعد الحريري.
ويكون الخطيب بذلك قد نقلَ الكرة إلى بيت الوسط وأعادَ الحريري لاعبًا أساسيًا في التشكيلة، سواء رغبَ بذلك أو لم يرغب.
في الحقيقةِ، يلعب الحريري دورًا بارزًا في إحراق “طبخةِ الخطيب”. القصّةُ، بدأت حينَ رفضَ إعلان تبنّي الترشيح عبر بيانٍ مكتوبٍ مُكتفيًا بتمريره من خلال تسريباتٍ صحفيةٍ، بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ، وهو التصرّفُ الذي أثار شكوك المعنيين حول النوايا الحقيقيّة للحريري.
ثمّ استُتبِعَ ذلك بتأجيل إجتماعِ “كتلة المستقبل” الذي كان مُقرَّرًا نهار الخميس الماضي بنيّةِ عدم منحِ الخطيب التغطية التي يُريدها وعدم اعطاءِ المعنيين في المشاورات جوابًا واضحًا حول الإسم الذي ستختاره كتلته في الإستشارات.
الحريري استكمل إنقلابه على الخطيب بعدما سمّاه في حضور “الخليلين”، حين طيّرَ اجتماع “الكتلة الزرقاء” للمرّة الثانية، أي الذي كان يفترض عقده نهار الأحد من أجل إعلان الخطيب مرشحًا رسميًا، كي لا يمنح الغطاء للإسم، وهو ما دفع الخطيب الذي أدركَ اللعبة وفهمها، إلى إعلان عزوفه بعدما عاينَ مدى ارتفاع حظوظ احراقه في الشارعِ. وكي لا يبلغ مصيره ما حصل مع الوزير السّابق محمد الصفدي، ارتأى الخروج من بوّابةِ دار الفتوى مُحافظًا على ما بقيَ له من ماءِ وجهٍ، وهو الفعلُ الذي أطاحَ بالإيجابيّات كلّها وبالتالي العودة إلى نقطةِ الصفرِ.
وبهذه النتيجة، يكون الحريري قد إنصاعَ إلى رغبة الأميركيين وخيار حليفَيْه، سمير جعجع الذي أعلن قبل أيّامٍ مقاطعة الإستشارات، ووليد جنبلاط الذي أذاعَ نجله النائب تيمور بصفتهِ رئيس كتلة “اللقاء الديمقراطي”، نبأ عدم المشاركة بعد ساعاتٍ على إعتذار الخطيب ويكفي الآن أن ينضمَّ الحريري رسميًا إلى جعجع وجنبلاط كي تصبح صورة تخريب الحلول مكتملة.
هذه التطوّرات، دفعت رئاسة الجمهوريّة إلى تأجيل الإستشارات مدّة إسبوع. ولعلّ الرئاسة تخطئ مرّة جديدة في “التكتيك” بعد الأولى التي إختارت تحديد موعد الإستشارات بتاريخ اليوم بدلَ يومَيْ الخميس أو الجمعة مستغلِّةً إرتفاع منسوب التفاؤل يومذاك، ما أسّسَ إلى اعتبار أنّ “التكتيك” كان بمثابة الخاطئ وأتاحَ المجال لـ”اصحاب المواقف المتذبذبة” لتأمين أجواء خروجهم عن الاتفاق.
الساعات التي سبقت عزوف الخطيب ونسف الإستشارات شابها الغموض والضبابية، وكانت بنظر الكثير من المعنيين من شأنها أن تؤدّي إلى نسفِ الإستشارات بكلمة “سرّ حريرية”.
صحيحٌ، أنّ الرئيس الحريري طوال هذه المدّة لم يبلغ أي من المعنيين بالمشاورات، أي “الخليلين”، أنه في حلٍّ من مبايعة سمير الخطيب في الإستشارات، لكنّه في المقابل، تعاملَ مع الموقفِ ببرودةٍ شديدةٍ، حيث أنّه قطعَ اتصالاته تمامًا بالثنائي الشيعي ولم تُسجِّل الساعات التي سبقت “الإنقلاب” حصول أيّ تواصلٍ.
هذا الموقف، وضعته مصادر مطلعة على أجواء الإتصالات الحكوميّة في خانة السلبية، حيث كان من المفترض أن تتكثّفَ الإتصالات قبل ساعاتٍ على بدءِ الإستشارات لا أن تنقطعَ. وبتقديرها، حصول ذلك هو الذي مهَّدَ إلى نضوبها لاحقًا.
“الثنائي الشيعي” الذي آثرت مصادره عدم التعليق عمّا جرى، نقلت أوساط مطلعة على رأيهم، حراجة موقفهم خاصة وأنهم وضعوا قدراتهم كافة في متناول تأمين الحل. الشخص الآخر الذي يُعاني من “ثقل الانكسار” هو اللواء عباس إبراهيم الذي يعتبر الخطيب من ثمار أفكاره. اللواء الذي نامَ قبل ساعاتٍ على بركةِ الخروجِ من الازمة، إستيقظَ على محاولات نسفِ مساعيه ما جعله يتموضع “خارج السمع”.
في الجبهة الاخرى، يظهر أنّ تكتل “لبنان القوي”، وُضِعَ في صورة خروج الاتفاق المبرم عن عقله، بشهادة موقف الوزير جبران باسيل خلال عطلة نهاية الأسبوع وتعليقات أعضاء التكتل في الساعات الماضية.
مصادرُ التيّار العوني، قالت لـ”ليبانون ديبايت”، “أنّها كانت في صورة الشعور بإحتمالاتٍ عالية لإنقلاب الحريري في ضوءِ ما كان يجري ما سيفضي إلى إغراق الاستشارات بوابلٍ من السلبيّة”، لكننا “لم نتخذ أيّ موقفٍ بانتظار إعلان ذلك رسميًا، وهذا ما حصل”.
وإذ اعتبرت، أنّ تأجيلَ الإستشارات “يعمِّق الازمة ويزيد من تداعياتها”، قالت، أنّ فترة الأسبوع “قد تكون كافية من أجل التمييز بين الخيطِ الأبيضِ من ذاك الأسود” ولن يكون هناك “تعليقٌ للإستشارات إلى أجلٍ غير مسمّى”، مؤكدةً، أنّ التكتل “يمتلك Plan B وسنلجأ إلى تفعيلها حال يتأكد لنا أنّ نوايا الحلّ غير متوفرة لدى من يقوم على مسلسل التخريب”.
ويبدو، أنّ الخطة المنوي تنفيذها هي عبارةٌ عن شخصٍ موجودٍ على مقاعدِ الاحتياطِ وسيُصَار إلى تبديلهِ وإنزالهِ الملعبِ متى وُجِبَ ذلك. وفي حالة الركون إلى تسريبات الساعات الماضية، يتبيَّن أنّ العنصرَ المختار هو رئيسُ حزب الحوار النائب فؤاد مخزومي، الذي يبدو أنّ التيار الوطني الحر يتخذه عنصرًا لابتزاز الحريري سياسيًا.
from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/343WCsM
via IFTTT
0 comments: